واشنطن تحثّ كييف على تجميد الجبهة.. وسجال غربي متصاعد بشأن الدبابات
قال مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، اليوم الجمعة، إنّ "مسؤولين أميركيين كباراً يحثّون أوكرانيا على تأجيل شنّ هجوم كبير على القوات الروسية، إلى حين وصول أحدث إمدادات الأسلحة الأميركية، وتوفير التدريب".
وقال المسؤول، الذي تحدّث إلى مجموعة صغيرة من الصحافيين، طالباً عدم نشر اسمه، إنّ "الولايات المتحدة متمسّكة بقرارها عدم تقديم دبابات أبرامز إلى أوكرانيا في هذا التوقيت"، وسط جدال مع ألمانيا بشأن دبابات "ليوبارد".
وأضاف أنّ "المحادثات الأميركية مع أوكرانيا، بشأن أيّ هجوم مضاد، كانت في سياق ضمان تكريس وقت كافٍ للأوكرانيين، للتدريب أولاً على أحدث الأسلحة المقدمة من الولايات المتحدة".
وأعلنت الولايات المتحدة، في وقت سابق اليوم، أنّها سترسل عشرات العربات المدرعة إلى أوكرانيا لتستخدمها في القتال ضد القوات الروسية.
وقال سيرغي جايداي، الذي عينته كييف حاكماً لمنطقة لوغانسك، التي أعلنت انضمامها إلى روسيا، الصيف الفائت، إنّ "طقس الشتاء السيئ يعرقل القتال في خطوط المواجهة، على الرغم من أنّ موجة باردة تجمّد الأرض، وتجعلها صلبة، الأمر الذي يمهّد الطريق لأيّ من الجانبين لشنّ هجوم بالمعدات الثقيلة".
وفي حبن أوضح المسؤول أنّ "الولايات المتحدة لا تخطط، في هذه المرحلة، إرسالَ دبابات "أبرامز" إلى أوكرانيا، لأنّها مكلفة وصعبة الصيانة"، نفى وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، أن تكون برلين "تعرقل من طرف واحد إرسال دبابات ليوبارد القتالية إلى أوكرانيا"، لكنه قال إنّ "الحكومة مستعدة للتحرك سريعاً لإرسالها إن كان هناك إجماع بين الحلفاء".
تأتي هذه التصريحات عقب لقاء جمع قائد الجيش الأوكراني، فاليري زالوجني، الثلاثاء الفائت، ورئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية، مارك ميلي، للمرة الأولى، وذلك في موقع بالقرب من الحدود بين أوكرانيا وبولندا.
وبحسب المعلومات، دام اللقاء بضع ساعات. وتمّ التطرّق خلاله، بصورة أساسية، إلى الاحتياجات العسكرية لأوكرانيا، وسير الحرب مع روسيا، وخصوصاً الطلبات العسكرية الأوكرانية، والتي لم يتمّ الاستجابة لها حتى الآن.
ويأتي الاجتماع في الوقت الذي بدأ "التدريب الموسّع" لأكثر من 600 جندي من القوات الأوكرانية، والذي تقوم به الولايات المتحدة، بحسب مسؤولين أميركيين، بالإضافة إلى شروع البنتاغون في توفير بطارية صواريخ باتريوت لكييف، وتقديم مدرّعات وأنظمة دفاع جوي إضافية من جانب الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.
وبشأن عمليات التدريب الجديد للقوات الأوكرانية، والذي تقوم به الولايات المتحدة في منطقة غرافينوير للتدريب في ألمانيا، قال ميلي، خلال زيارة استمرّت قرابة ساعتين للمنطقة، الإثنين، إنّه "سيَعُدّ القوات الأوكرانية بصورة أفضل لشنّ هجوم أو لمواجهة أي زيادة في الهجمات الروسية".
اقرأ أيضاً: لندن تعتزم إمداد كييف بدبابات "تشالنجر-2" ومعدات إضافية
زيلينسكي: "لا خيار آخر" لدينا سوى الحصول على دبابات ثقيلة
وأكد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أنّ "لا خيار آخر" سوى أن ترسل الدول الغربية دبابات ثقيلة إلى بلاده، وذلك بعد عدم صدور أيّ قرار عن اجتماع لحلفاء كييف في رامشتاين في ألمانيا.
وتحدّث الرئيس الأوكراني في بداية الاجتماع في قاعدة رامشتاين الجوية، اليوم الجمعة، متوجهاً بـ"الشكر إلى الحلفاء على دعمهم"، لكنّه لفت إلى أنّ بلاده "تحتاج إلى مزيد من الدعم في أسرع وقت".
وقال زيلينسكي، في خطاب مسائي عبر الفيديو: "نعم، علينا أن نواصل القتال للحصول على دبابات حديثة، وكل يوم نؤكد بوضوح أكبر أن لا حلّ آخر سوى اتخاذ قرار في شأن الدبابات"، مؤكداً أن "علينا الإسراع. يجب أن يصبح الوقت سلاحاً في أيدينا. ويجب أن يخسر الكرملين".
وكان زيلينسكي أشار، في تصريحات سابقة، إلى أنّ ألمانيا "تمنع الدول الأخرى من إرسال دباباتها إلى كييف"، موجّهاً انتقادات إلى الحكومة الألمانية. كما انتقد سابقاً "تباطؤ الولايات المتحدة" في تسليم الأسلحة إلى كييف، الأمر الذي أدى إلى توتر بينه وبين الرئيس الأميركي، جو بايدن.
الناتو: على الدول اتخاذ قرارها بمفردها بشأن تزويد أوكرانيا بالدبابات
وفي سياق متصل، قال الأميرال روب باور، رئيس اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي، اليوم الجمعة، إنّ "ألمانيا والدول الأخرى، التي تدعم أوكرانيا في جهودها ضد روسيا، يجب أن تقرر بصورة فرديّة ما إذا كانت ستزوّد كييف بالدبابات".
وفشل اجتماع عقده الحلفاء الغربيون، في وقت سابق من اليوم، في قاعدة رامشتاين الجوية، في ألمانيا، في التوصّل إلى قرار بشأن تسليم دبابات "ليوبارد 2"، المصنوعة في ألمانيا، إلى أوكرانيا.
وعلق باور، في مؤتمر صحافي في لشبونة، على قرار ألمانيا، وقال إنه "قرار سيادي تتخذه دولة ذات سيادة، هي ألمانيا"، مضيفاً أنّ "من المهم أيضاً مناقشة تسليم أسلحة أخرى تطلبها أوكرانيا".
وأضاف أنّ "تقديم الأسلحة الآن لن يكلفنا سوى المال، لكن التكلفة ستكون أعلى كثيراً لنا جميعاً إذا انتصرت روسيا في الحرب في أوكرانيا، ويتعين علينا النظر باهتمام إلى طلبات كييف، ومنحها، إذا أمكن، ما تطلبه"، مشيراً إلى أنّ "ذلك يجب أن يتمّ في وقت ملائم".
وكان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، قال، في وقت سابق اليوم، إنّ "داعمي أوكرانيا في حاجة إلى التركيز على إرسال أسلحة جديدة إلى كييف، إلى جانب توفير الذخيرة للأنظمة القديمة، والمساعدة على صيانتها".
وأكّد وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، في الاجتماع، أنّ "روسيا تُعيد تجميع صفوفها، وتجنّد مقاتلين، وتحاول إعادة التسلّح"، مؤكداً أنّ "هذه ليست لحظةً للتباطؤ. إنّه وقت تقديم الدعم، في كل الموارد، فالشعب الأوكراني يتطلع إلينا".
اقرأ أيضاً: "بوليتيكو": بعد أزمة الدبابات.. كيف أصبحت ألمانيا "الطفل المشكلة" لحلف "الناتو"
ألمانيا: سنرسل دباباتنا عندما ترسل واشنطن دباباتها
وقال مصدر حكومي في ألمانيا إنّ بلاده "ستتّخذ قراراً بشأن إرسال الدبابات إلى أوكرانيا، إذا وافقت الولايات المتحدة على القيام بالمثل، وأرسلت دبابات أبرامز إلى كييف"، بينما لم تدرج واشنطن هذه الدبابات في الحزمة الجديدة من المساعدات العسكرية التي أعلنتها، أمس الخميس.
وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، للصحافيين في مدريد، إنّ "بعض الدول الأوروبية مستعد لإرسال دبابات ثقيلة إلى أوكرانيا"، مشيراً إلى أنه "يأمل اتخاذ قرار بهذا الشأن".
وأكّدت ليتوانيا، في وقت سابق، أنّ "عدة دول ستُعلن إرسال دبابات ليوبارد إلى أوكرانيا خلال الاجتماع".
وبعد اجتماع ضم 11 دولة في إستونيا، وتعهّد إرسال مساعدات عسكرية جديدة إلى أوكرانيا، تعهّدت فنلندا تقديم معدات دفاعية إلى أوكرانيا، قيمتها أكثر من 400 مليون يورو (434 مليون دولار)، لا تشمل دبابات ليوبارد، التي قالت إنها "قد ترسلها أيضاً إذا كان هناك اتفاق مع الحلفاء".
وقال رئيس الوزراء البولندي، ماتيوش مورافيتسكي، إنّه "متشائم إلى حدّ ما إزاء احتمال أن تعطي برلين الضوء الأخضر لإرسال الدبابات إلى أوكرانيا"، وأشارت حكومته إلى أنّها "قد تمضي قُدُماً في ذلك من دون برلين".
الدول الأوروبية لم تقدم طلبات لتسليم "ليوبارد"
وقالت الحكومة الألمانية، اليوم الجمعة، إنه "ليس لديها أي معلومات بشأن تقديم أي دولة طلباً رسميا إلى ألمانيا من أجل الحصول على إذن بإعادة تصدير دبابات ليوبارد إلى أوكرانيا".
وتعتمد أوكرانيا، بصورة أساسية، على دبابات "تي - 72"، التي تعود إلى الحقبة السوفياتية، والتي دُمِّر المئات منها خلال الحرب الجارية.
وكانت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، إيرينا فريشتشوك، قالت عبر تيليغرام إن "الأوكرانيين سيقاتلون! بدبابات أو من دونها. لكنّ كل دبابة من رامشتاين تعني إنقاذ أرواح أوكرانية".
وكانت الولايات المتحدة أعلنت حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا، تصل قيمتها إلى 2.5 مليار دولار، تشمل مركبات برادلي القتالية وناقلات جند مدرعة من طراز "سترايكر". ولم تشمل المساعدات دبابات "أبرامز"، التي تذرّع مسؤولون أميركيون بأنها "معقدة، وتستهلك كثيراً من الوقود".