دا سيلفا أمام فرصة تاريخية.. ماذا بعد أحداث البرازيل؟
تحدّثت المجلة الأميركية "Americas Quarterly"، في تقرير، عن أعمال الشغب التي استهدفت المؤسسات الحكومية في البرازيل، متطرّقةً إلى أوجه الشبه والاختلافات بين تلك الأحداث واقتحامات الكابيتول الأميركي، في السادس من كانون الثاني/يناير 2021.
وقال رئيس تحرير المجلة، بريان وينتر، إنّ أوجه التشابه مع أحداث 6 كانون الثاني/يناير واضحة، لكن التباين المهم بينهما، هو أنّ الجيش الأميركي كان دائماً موالياً للدستور، بينما الميول السياسية للقوات المسلّحة البرازيلية والشرطة كانت أكثر غموضاً".
وأوضح وينتر أنّ القوات البرازيلية "لم تستجب لدعوة العصيان، لكنها كانت متعاطفة مع بولسونارو والحركة السياسية المحافظة، وخصوصاً بين صفوف المبتدئين".
وأضاف أنّ "احتمال البحث والعثور على أفراد من قوات الأمن، من الذين ساعدوا مثيري الشغب وراء الكواليس، يمكن أن يزعزع استقرار السياسة البرازيلية في الأشهر المقبلة".
اقرأ أيضاً: اعتقال أكثر من 400 شخص شاركوا في أعمال الشغب الأخيرة في البرازيل
يُشار إلى أنّ الرئيس البرازيلي تحدّث عن تواطؤ وبعض التسهيلات لاقتحام المتظاهرين، الأحد، لمبانٍ حكومية، وإحداث فوضى داخلها.
واقتحم عدد كبير من أنصار الرئيس البرازيلي السابق، جايير بولسونارو، عدة مبانٍ حكومية، احتجاجاً على عودة الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إلى الحكم.
وأصدر الرئيس البرازيلي الجديد مرسوماً يقضي بفرض القانون والنظام، للسيطرة على أعمال الشغب والاقتحامات التي قام بها متظاهرون مؤيدون لسلَفه بولسونارو لمقارّ السلطات الثلاث، ونُشر المرسوم في الجريدة الرسمية.
وتوعّد دا سيلفا المقتحمين ومن يقف خلفهم بالعقاب، مؤكداً أنهم "سيعاقبون جميعاً، حتى لو كان هناك تواطؤ من أيّ أحد في الحكومة أو السلطات الفيدرالية".
وفي وقتٍ لاحق، أصدر القاضي في المحكمة العُليا البرازيلية، ألكسندر دي موراييش، حكماً بعزل حاكم العاصمة برازيليا إيبانيز روتشا من منصبه.
اقرأ أيضاً: دا سيلفا والكونغرس: اقتحام المؤسسات الرسمية في البرازيل عمل إرهابي
دا سيلفا يواجه تحدياً حساساً
في هذا السياق، أشار وينتر إلى أنّ دا سيلفا "يواجه تحدياً دقيقاً أمامه، إذ يجب أن يُظهر أنّ القانون والديمقراطية سيسودان البرازيل، وأن يعاقب المذنبين".
لكن الكاتب أشار إلى أنّ الرئيس البرازيلي "يجب أن يفعل ذلك من دون تنفير مؤسسات بأكملها، أو وصف 49% من البرازيليين الذين صوتوا لبولسونارو بأنّهم غولبيستاس (الذين يُشاركون في انقلاب)".
وأعرب وينتر عن إعجابه بفرص دا سيلفا للنجاح في هذا التوازن، إذ كان حازماً وهادئاً خلال أحداث الأحد"، لكن في الأسابيع المقبلة، "ستكون هناك دعوات إلى محاكمة السياسيين وتقليص الخطاب السياسي في وسائل التواصل الاجتماعي، أو تنظيمه".
وأعرب عن اعتقاده أنّ ما حدث "كان كارثةً لبولسونارو"، موضحاً أنّه "بالنظر إلى وجوده في منفاه الاختياري في فلوريدا، والصمت النسبي منذ خسارته الانتخابات، فإنّ السباق لخلافته، كزعيم للحركة المحافظة في البرازيل، سيكتسب الآن مزيداً من الزخم".
وأضاف أنّه "مثلما أدّى السادس من كانون الثاني/يناير إلى تسريع تراجع ترامب، فإن هناك بالفعل شخصيات معارضة تنأى بنفسها عن الرئيس السابق بولسونارو".
اقرأ أيضاً: رئيس البرازيل: بولسونارو شجّع على الغزوات.. وسنعاقب من دعم ذلك
فرصة دا سيلفا التاريخية
بدوره، قال الصحافي البرازيلي والمستشار المستقل، توماس ترومان، إنّ "الأعمال الإرهابية في برازيليا قد تصبح أعظم فرصة لدا سيلفا من أجل توسيع سلطته".
وأضاف ترومان أنّ "البوليسوناريين الذين خرّبوا مقارّ السلطات الثلاث، سعوا لتقديم عرض للقوة ضد لولا، كما حاولوا تقويض قدرة لولا على الحكم، لكن ما حدث في الواقع، قوّض صدقية بولسونارو كزعيم للمعارضة".
ولفت إلى أنّ "أحداً لم يخرج للدفاع عن بولسونارو، بل حدث العكس، ودان أصحاب المناصب السياسية الرئيسة في البلاد، بمن في ذلك رئيس مجلس النواب، أحد مؤيدي بولسونارو، هذه الأفعال، وأيدوا قرار لولا القاضي بالتدخل في المقاطعة الفيدرالية".
وأعرب عن اعتقاده أنّ "البقاء بالقرب من بولسونارو أصبح اليوم عبئاً"، بينما "لدى لولا الآن فرصة لا تتكرّر إلاّ مرةً واحدةً في العمر لسحق المعارضة الراديكالية، وتحقيق الشرعية الوطنية التي سعى البولسوناريون لتحديها".
وأشار إلى أنّ "المعارضين المعتدلين، مثل حكام ولايتي ساو باولو وميناس جيرايس، يميلون إلى تخفيف حدة انتقاداتهم حتى لا يتم الخلط بينهم وبين المتمردين".
وتابع أنّه "قد يتم إقناع الجماعات اليمينية والوسطى، التي تعارض لولا، لكنها ديمقراطية، بتبني موقف أكثر اعتدالاً"، موضحاً أنّه "إذا استغل لولا هذه الفرصة جيداً، فيمكنه توسيع تحالفه في الكونغرس، وكسب عبارة شهر العسل النموذجية للحكومة الجديدة، والتي بدت مستحيلة قبل أسبوع".