الكويت: استقالات جماعية في مختلف الجهات الحكومية.. الأسباب والتداعيات

الإعلام المحلي في الكويت يتساءل عن أسباب الاستقالات التي شهدتها الحكومة الكويتية أخيراً بعد الخلاف الذي احتدم مع مجلس الأمة، واستقالات أخرى داخل الهيئة العامة للطرق والنقل البري.. فما هي الأسباب؟
  • الموسوي للميادين نت: الجميع يتهرب من هذه المسؤولية أو مواجهة المشكلة الرئيسية

شهدت الكويت أخيراً استقالات لقيادات من مختلف الدوائر الحكومية، الأمر الذي دفع بالإعلام المحلي في البلاد إلى نشر تقارير عديدة تساءل فيها عن الأسباب التي أدّت إلى هذه الاستقالات. 

وكان الخلاف قد احتدم في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بين الحكومة الكويتية، وغالبية أعضاء مجلس الأمة المنتخب حديثاً، إزاء موعد أول جلسة للبرلمان الجديد، إذ حضر نحو 40 نائباً من المجلس المنتخب المكون من 50 عضواً في جلسة وصفت بـ"الرمزية"، من دون حضور الحكومة، أو أمير البلاد نواف الأحمد الجابر الصباح، أو من يمثلهما.

وفي هذا الشأن، أوضح الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، حسن الموسوي، للميادين نت أنّ استقالة رئيس هيئة الطرق ونائبه، جاءت بسبب تشابك الاختصاصات، وإعاقة دور هيئة الطرق منذ سنوات طبعاً، ومع أنها أسباب حقيقية لكنها ليست أسباباً رئيسية، وفق الموسوي.

وكشف الموسوي أنه قد يكون هناك إيعاز من كبار المسؤولين في الحكومة، وكثير من القياديين، جرى تخييرهم بين الإقالة أو الاستقالة، وخافوا وفضّل كثير منهم الاستقالة، لأنّ العهد الجديد في القيادة السياسية حالياً يشهد موجة تغييرات شاملة في قيادات الدولة، الأمر الذي دفع بهؤلاء إلى تقديم استقالتهم بأنفسهم.

وأشار إلى أنّ ما ساهم في هذه الظاهرة أيضاً، تقديم عرض من جانب الحكومة لهؤلاء المستقيلين، عبر منحهم حوافز للتقاعد والحصول على 80 في المئة من رواتبهم الحالية كراتب تقاعدي، بدلاً من أن يكون أقل من ذلك، لذا فضّل كثيرون منهم التقاعد حالياً للحصول على هذه الميزة والحوافز. 

وأعرب الموسوي عن عدم اعتقاده بأنّ هذه الحركة الشاملة في تغيير قيادات الدولة سوف تحل الأزمة الحالية في البلاد، لأنّ الأزمة ليست أزمة قياديين بالدرجة الأولى، بل تضخم الأجهزة الحكومية، وكثرة البيروقراطية، والبطالة المقنّعة في الجهاز الحكومي، وتشابك الاختصاصات، الذي أوصل إلى هذه البيئة الحاضنة للفساد. 

المشكلة وفق الموسوي، أنّ الجميع يتهرب من هذه المسؤولية أو مواجهة المشكلة الرئيسية المتمثلة في تضخم القطاع العام، لا من جانب الحكومة، ولا من مجلس الأمة، والاستعداد لمواجهة هذه الظاهرة والاعتراف بها للمواطنين.

وشدد الموسوي، على أهمية وضرورة تقليص الحجم المتضخم للقطاع العام، الذي تحول إلى "غول" يلتهم كل ما أمامه ومحاولة تغيير نظام الدولة، من هيمنة القطاع العام على الاقتصاد، عبر إعطاء الدور الرئيسي في تحريك الاقتصاد إلى القطاع الخاص، والأعمال الحرة، وأن تعود الحكومة إلى حجمها الحقيقي الصغير، ويكون دورها فقط في تنظيم الأمور بدلاً من إدارتها.

المطيري للميادين: فشل في تنفيذ البرامج والمشاريع

بدوره، تناول صالح المطيري، رئيس مركز المدار للدراسات السياسية، ما ذكرته صحيفة "القبس" وأوضح للميادين نت، أنّ التساؤلات التي طرحتها الصحيفة هي للاستقالات ما دون الوزراء، ووكلائهم، وهؤلاء لهم فترات عمل وفق القانون المدني في الكويت لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد، وأغلبهم منوط بهم العمل التنفيذي وانتهت مهمتهم.

وأشار إلى أنّ السبب الآخر هو التغييرات السريعة التي تحصل في الحكومة، إذ ليس هناك استقرار منذ عقدين من الزمن لعمر الحكومة القصير جداً، وبالتالي فإنّ الكثير من القياديين والوكلاء لا يتفاهمون ويتوافقون مع الوزراء مؤيّداً ما ذكره الموسوي، من تقديم بدلات وفوارق للمستقيلين، أو ما يسمى بـ"الراتب الاستثنائي"، وهو رقم كبير ومغرٍ للتقاعد.

واعتبر المطيري أنّ السبب الآخر هو الفشل في تنفيذ البرامج والمشاريع، وخصوصاً بالنسبة إلى هيئة الطرق، وأزمة الأمطار التي أغرقت الطرق وأصبحت كابوساً عند المواطنين.

وتطرق المحلل الكويتي إلى استقالة الوزراء من الحكومة الأخيرة، وخاصة استقالة وزير الدفاع الذي يبدو أنه لم يكن منسجماً ولا قادراً على إدارة وزارته بالشكل الذي يريده أو المطلوب، خاتماً: "يبدو أنّ الأجواء الأخيرة لدى الأفرقاء السياسيين تنذر أيضاً بتدوير أو تغيير وزاري مقبل في الكويت". 

"القبس": ارتفع عدد تاركي المناصب داخل الكويت في مختلف الجهات الحكومية 

ويشار إلى أنّ أمير الكويت قبل، في 2 تشرين الأول/أكتوبر، استقالة الحكومة، وأصدر أمراً أميرياً بإعادة تعيين أحمد نواف الأحمد الصباح، رئيساً لمجلس الوزراء، وكلّفه ترشيح أعضاء الحكومة  الجديدة.

ووفقاً لموقع صحيفة "القبس" الإلكترونية، فقد ارتفع عدد تاركي المناصب داخل الكويت في مختلف الجهات الحكومية إلى "16 قيادياً خلال 37 يوماً"، من تاريخ 17 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، حتى أمس الاثنين.

وأشارت الصحيفة إلى أنّ هذه الاستقالات "تعمّق المشكلات وتعطل المشاريع القائمة"، لافتةً إلى أنّ بعضها يكشف عن "التخبط وسوء التخطيط والتراخي في تنفيذ المشاريع الحيوية اللازمة لصيانة الطرق والتقاطعات، وبناء الجسور، وغيرها من أعمال تطويرية أصبحت ضرورية لحل الأزمة المرورية وتطوير شبكة الطرق".

كذلك نقلت "القبس" عن مصادر وصفتها بـ"المسؤولة"، أنّ "هذا العدد الكبير وغير المسبوق من المستقيلين يزيد المشكلات في جهات الدولة، ويعمّق حالة اللااستقرار، ما يستلزم وقفة حاسمة، ووضع خطة عاجلة لشغل المناصب القيادية الشاغرة وتعيين قياديين فيها بالأصالة".

وسلّطت الصحيفة الضوء على استقالات تمت داخل "الهيئة العامة للطرق والنقل البري"، وتؤكد مصادرها أنّ "تقارير ديوان المحاسبة انتقدت وجود خسائر مستمرة في هيئة الطرق، وتأخر مشاريع تطوير الطرق والجسور والتقاطعات".

كذلك توقعت "القبس" وفقاً لمصادرها، أن تفتح الاستقالات المتتالية داخل الهيئة العامة للطرق والنقل، المجال أمام "إلغاء الهيئة"،  ويطالب  عدد من النواب بذلك، وهي المطالبات نفسها التي سبق وتكررت، بل وتمت مناقشتها قبل سنوات في مجلس الأمة"، وفق الصحيفة.

وانتخب الكويتيون برلماناً جديداً، في 28 أيلول/سبتمبر الماضي، وذلك بعد نحو شهرين من حلّ البرلمان السابق بسبب عدم التوافق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

المصدر: الميادين نت