تحديات دا سيلفا في رئاسة البرازيل: الاقتصاد والبيئة والسياسة الخارجية
تحدّث تقرير نشره "Council on Foreign Relations" عن التحديات التي قد تواجه الرئيس البرازيلي المنتخب، لولا دا سيلفا، في الفترة المقبلة من حكمه، في ظل النمو الاقتصادي البطيء، وتزايد الفقر، وارتفاع معدلات الجريمة، وأزمة التعليم، في بلاده، وهي أزمات رافقت حكم جايير بولسونارو.
وبعد فوزه في جولة الإعادة بأقل من نقطتين مئويتين (نحو مليوني صوت)، سيحكم حزب لولا، حزب العمال اليساري، دولة شديدة الاستقطاب.
ويهدف بعض خيارات دا سيلفا إلى سد الفجوة، بما في ذلك اختيار سياسي من يمين الوسط ومؤيد للأعمال التجارية، هو حاكم ساو باولو السابق، جيرالدو ألكمين، لمنصب نائب الرئيس.
وسيكون الاختبار الأول للإدارة الجديدة إحراز تقدم في الكونغرس، الذي يزداد قوة بعد أن فاز "الحزب الليبرالي المحافظ"، بزعامة بولسونارو، بعشرات المقاعد الإضافية في الانتخابات العامة.
ووفقاً لريتشارد لابير، من "تشاتام هاوس"، فإن "هذا يعني أن لولا سيحتاج على الأرجح إلى إبرام صفقات مع القادة السياسيين أنفسهم، الذين تحالفوا مع بولسونارو طوال الفترة الماضية، والممتدة عامين ونصف عام".
ماذا يقترح لولا للاقتصاد؟
في فتراته السابقة، أرسى لولا أداءً اقتصادياً قوياً جعله أحد أكثر القادة شعبية في تاريخ البرازيل، وارتفع الإنفاق الاجتماعي، وزاد الاستثمار الأجنبي، وانخفضت معدلات الفقر والجوع، بصورة كبيرة.
وتعهّد لولا معالجة قضايا مماثلة الآن، بما في ذلك انخفاض النمو، وعدم المساواة، وأزمة الجوع المتزايدة. ومن بين مقترحات حملته خططٌ لزيادة الحد الأدنى للأجور والضرائب على الأثرياء، وإدخال برنامج الإعفاء من الديون، وتوسيع الإسكان الاجتماعي المموَّل من الدولة.
اقرأ أيضاً: "قيامة لولا".. البرازيل عادت إلى العمل
وأحرز لولا فعلاً بعض التقدم في المفاوضات مع الكونغرس. ففي كانون الأول/ديسمبر، أقرّ المشرعون تعديلاً دستورياً يمهد الطريق لعودة برنامج "Lula's Bolsa Família"، وهي مبادرة حظيت بثناء كبير، ذهبت فيها مدفوعات نقدية مباشرة إلى أفقر الناس.
وسيزيد التعديل في سقف الإنفاق الحكومي بما لا يقل عن 28 مليار دولار للعام المقبل، من أجل تغطية تكلفة البرنامج. لكنّ الاقتصاديين يشعرون بالقلق من أن الظروف الاقتصادية العالمية غير المواتية، والتضخم المرتفع، يمكن أن تقوّض خطط لولا للإنفاق.
كيف يمكنه التعامل مع القضايا البيئية؟
لطالما كانت المحافظة على غابات الأمازون المطيرة في البرازيل من أولويات لولا، لذا شهدت فترتا ولايته الأولى وولايته الثانية انخفاضاً بنسبة 70% في معدل إزالة الغابات هناك.
ودفعت حكومته الدول الأكثر ثراءً إلى تمويل جهود التخفيف من آثار تغير المناخ. وبعد أن وصلت إزالة الغابات إلى أعلى مستوى لها منذ خمسة عشر عاماً في عهد بولسونارو، يأمل أنصار البيئة أن تقوم إدارة لولا بتغيير الوضع.
وتعهّد لولا الوصول إلى التوقف عن إزالة الغابات بحلول عام 2030، وإنشاء وزارة جديدة لتعزيز مصالح السكان الأصليين في البرازيل. وتعهّد أيضاً مكافحة تعدين الذهب غير القانوني، واستعادة النظم البيئية ذات الأهمية المناخية، وإحياء دور البرازيل القيادي في الكفاح العالمي ضد تغير المناخ.
اقرأ أيضاً: البرازيل: التحرك لحماية غابات الأمازون أولوية استراتيجية لإدارة دا سيلفا
بدورها، أعلنت ألمانيا والنرويج بالفعل أنهما ستستأنفان سداد المدفوعات لصندوق الأمازون، الذي تم إنشاؤه في عام 2008 من أجل تعزيز الاستخدام المستدام للغابات المطيرة. ودفع البلدان في السابق أكثر من 1.2 مليار دولار إلى الصندوق قبل أن يوقفه بولسونارو عام 2019.
لكنّ هناك مخاوف من أن رئاسة البرازيل تبالغ في وعودها، ولطالما عرضت الحكومة البرازيلية حوافز اقتصادية لتطهير الأراضي، بما في ذلك مشاريع البنية التحتية وتربية المواشي والتعدين.
ويجادل بعض صانعي السياسة في أن فرض قيود على التنمية في منطقة الأمازون يمكن أن يعيق النمو الاقتصادي في البلاد، التي تعد أكبر مصدر للحوم البقر في العالم، ومنتجاً رئيساً لخام الحديد.
كيف سيعمل لولا مع قادة العالم الآخرين؟
تعهّد لولا استعادة الدور القيادي العالمي للبرازيل، قائلاً إنه سيعود إلى الانضمام إلى المنتديات الإقليمية، مثل مجتمع دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي واتحاد دول أميركا الجنوبية.
وبالنسبة إلى عدد من المراقبين، من المحتمل أن تشير عودة لولا إلى زيادة التعاون بين البرازيل والبلدان ذات الدخل المنخفض (الجنوب العالمي). على سبيل المثال، يسعى لولا لإعادة العلاقات الدبلوماسية بفنزويلا وتعزيز علاقات أوثق بالصين والدول الأفريقية.
وفي غضون ذلك، يتوقع عدد من المراقبين أن يواصل لولا موقف بولسونارو المحايد بشأن الأزمة في أوكرانيا، كما ورد أنه يعارض العقوبات الغربية على روسيا، لأنها تزيد في خطر التصعيد، ويقول محللون إن هذا قد يكون نقطة توتر مستمرة مع الولايات المتحدة وأوروبا.