تحديات كبرى بانتظار اقتصاد العالم في 2023
بينما يتجه الاقتصاد العالمي لتسجيل تضخم في 2022 يتجاوز 9% مقارنةً مع 2021، فإنّ غلاء الأسعار المرافقة لزيادات أسعار الفائدة ستنتقل إلى 2023، مع تعثر جهود خفض الأسعار لمستهدفات 2%.
يأتي ذلك فيما تتصاعد وتيرة التوترات الجيوسياسية سواء بين روسيا والغرب أو بين الولايات المتحدة والصين ما يهدد بعودة الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين عالميين.
التضخم في العالم
خلال العام الجاري، نفّذ أكثر من 33 بنكاً مركزياً زيادات متسارعة على أسعار الفائدة، بهدف كبح جماح التضخم المستعر، بقيادة الفيدرالي الأميركي الذي نفذ 7 زيادات متتالية، وبنك إنكلترا الذي نفذ 9 زيادات.
ولحقت عشرات البنوك المركزية الفيدرالي الأميركي في زيادة أسعار الفائدة للحفاظ على قوة عملاتها وضمن جهود فرملة التضخم، إلا أنّ تحقيق الأهداف المتمثلة بخط أسعار المستهلك إلى متوسط 2% لم تنجح.
وأعلن العديد من البنوك المركزية كالفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي وبنك إنكلترا أنّ وتيرة التضخم ستصاحب الاقتصاد العالمي في العام 2023.
يتزامن ذلك مع استمرار طلب المستهلكين المفرط بعد جائحة كورونا ومخزونات التجزئة المتضخمة والمعركة ضد التضخم التي تلقي بثقلها على النمو في عام 2023.
ويرى بنك الاستثمار الأميركي "مورغان ستانلي" أنّ من المتوقع أن يصل التضخم العالمي إلى ذروته في الربع الأخير من العام 2022.
ويعني ذلك أنّ جهود محاربة الغلاء ستتواصل في 2023، وصولاً إلى الاستقرار بحلول عام 2024 وربما الربع الأول من 2025.
وبدأت بوادر تباطؤ الطلب تظهر على الأسواق وخصومات الأسعار، بسبب ارتفاع المخزونات وانخفاض أسعار المساكن، وهذا سيساعد على تخفيف التضخم.
أسعار الفائدة
ورغم أنّ الهدف الرئيسي لزيادة أسعار الفائدة هو كبح التضخم، إلا أن تبعات قرارات غالبية البنوك المركزية أثرت سلباً في اقتصاداتها وتوقعات النمو.
وتعني زيادة أسعار الفائدة أنّ الطلب على القروض سيصبح أقل، وبالتالي ضخ السيولة النقدية لغرض الاستهلاك أو الاستثمار ستتضاءل، وبالتالي فرص عمل أقل، وظهور مؤشرات أكبر على التباطؤ الاقتصادي.
اقرأ أيضاً: تغريم أحد أكبر البنوك الأميركية مليارات الدولارات بسبب "الغش والتلاعب"
ليس هذا فحسب، بل إنّ زيادات أسعار الفائدة تسحب جزءاً من السيولة من الأسواق إلى البنوك، ليستفيد أصحاب هذه الودائع من أسعار الفائدة المرتفعة التي سيتقاضونها على ودائعهم.
زيادات أسعار الفائدة، كذلك، أثرت سلباً في الأسواق الناشئة التي يكون فيها الاستيراد أكبر من التصدير، ولهذا فإنّ جهود خفض أسعار المستهلك ستواجه صعوبات مرتبطة بقوة الدولار، بصفته عملة التجارة الأكبر.
التوترات الجيوسياسية
يشير تقرير حديث صادر عن "S&P Global Market Intelligence" أنّ جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية والصدمات الجيوسياسية الأخرى ستستمر في التأثير على الاقتصاد العالمي حتى عام 2023.
وهناك خمسة موضوعات شاملة ستشكل السياسة الاقتصادية في 2023، وهي: النزاعات التي لم يتم حلها، وأمن الطاقة، واضطرابات سلسلة التوريد التي ستظل عرضة لنقص العمالة والموارد، وتحول أسواق العمل مع تجاوز الطلب للعرض، والركود المحتمل في كل من أوروبا وأميركا الشمالية.
وفي وقت سابق من 2022، كان لدى العديد من المديرين الماليين نظرة قاتمة للظروف الاقتصادية في كل من أميركا الشمالية وأوروبا في أعقاب الظروف الجيوسياسية التي تلوح في الأفق وارتفاع التضخم.
الآن، تستمر هذه التوقعات القاتمة حتى عام 2023، حيث تستمر التوترات الجيوسياسية في خلق الانقسامات في ظروف الاقتصاد الكلي.
وما زالت الحرب الروسية الأوكرانية مستمرة، إضافة إلى المخاطر الأخرى التي لم يتم حلها حتى عام 2023، لتتحول إلى التوقعات الاقتصادية العالمية.
ولا تزال سلاسل التوريد عرضة لنقص العمالة والموارد. ومع ذلك، مع انحسار تداعيات جائحة كورونا ستخف هذه الاضطرابات أيضاً لكن بحلول نهاية 2023.
ويبدو أنّ الولايات المتحدة والصين أمام مرحلة جديدة من الخلافات التجارية، بعد حظر واشنطن الأجهزة والمعدات الصينية اللازمة لبناء شبكات الإنترنت خلال وقت سابق من العام الجاري.
وفي حال تصاعد الخلافات التجارية بين الجانبين، فإنّ الاقتصاد العالمي في 2023 سيواجه تأثيرات سلبية على النمو قد تتجاوز 1.5% بحسب "S&P".