الميادين في نافذة على "الجيش" الإسرائيلي: الأزمات الأخلاقية تنخر "جيش التنكيل"

شبكة "الميادين"، في نافذتها السادسة على "الجيش" الإسرائيلي، تتحدّث عن أزمة فقدان الانضباطية والقيم الأخلاقية، وتجذّرها في مؤسسات الاحتلال الأمنية والعسكرية، في مستويي القيادة والعناصر، محللة أهمّ أسبابها وآثارها.
  •  الحوادث الموثّقة بالصوت والصورة وحدها تكفي لوصم هذا "الجيش" بأنه "جيش التنكيل"

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية شهادات صادمة ضمن تقرير بعنوان: "كسر الصمت"، يوثّق الانتهاكات البشعة التي يمارسها جيش الاحتلال بحقّ الفلسطينيين.

وأكد التقرير أنّ هذه الشهادات "تهدف إلى تسليط الضوء على مساهمة التمويل الأميركي في زيادة عنف جيش الاحتلال في فلسطين".

وشملت الانتهاكات، التي وثّقتها شهادات عناصر سابقين في جيش الاحتلال، إساءة معاملة الأطفال، وتعذيب الأسرى المعتقلين، وتدمير بيوت الفلسطينيين، بالإضافة إلى إذلال العائلات عند الحواجز.

وعلى الرغم من أنّها لا تمثّل سوى نقطةٍ في بحر ممارسات "الجيش" الإسرائيلي غير الأخلاقية ضدّ الفلسطينيين، فإنّ الحوادث الموثّقة، بالصوت والصورة، وحدها تكفي لوصم هذا "الجيش" بأنه "جيش التنكيل"، وخصوصاً بعد تجاوزه الخطوط الحمر في الاعتداء على المقدّسات المسيحيّة في القدس المحتلة.

جنود الاحتلال يهينون المقدسات المسيحية في القدس المحتلة

وسجّل جنود "الجيش" الإسرائيلي فصلاً جديداً من فصول العدوانية والتنكيل في سجل العار الإسرائيلي، عبر اعتدائهم على رجال دين مسيحيين، وإهانتهم، والاستهانة بمقدساتهم، في حادثة وصفها معلقون إسرائيليون بالمخزية والمهينة.

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

ووقعت الحادثة عندما بصق جنود إسرائيليون، من لواء "غفعاتي"، على رجال دين مسيحيين رفيعي المستوى، وعلى الصليب الذي يحملونه، خلال مسيرة عيد الصليب في القدس المحتلة.

وروى رجل دين رفيع من الكنيسة الأرمنية أن جنود الاحتلال "بصقوا عليه وعلى الصليب الذي يحمله"، وهو يستذكر لحظات من المسيرة الاحتفالية التي نُظِّمَتْ الشهر الماضي، والتي تحوّلت، بحسب كلامه، إلى "مسيرة إهانة وانفعال".

وأوضح مساعد البطريرك الأرمني في فلسطين المحتلة، الأب كوريون، أنه "حين اقترب الجنود من المسيرة، ورأوا الصليب ورجال الدين، بصقوا في اتّجاه الصليب، وخلّفوا عندنا شعوراً بالإهانة وعدم الاحترام للدّين وللآخر وللمسيحية".

وهذه الحوادث الموثّقة، بالصوت والصورة، تُعَدّ نمطاً ونهجاً في سلوك الجنود الإسرائيليين، وليست استثناءً.

وتقابلها حالات كثيرة من التنكيل والاهانات غير الموثّقة التي تطال فلسطينيين من الضفة الغربية والقدس المحتلة، على نحو يُفَرِّغُ من المضمون كلَّ الادعاءات بشأن أخلاقية "الجيش" الإسرائيلي.

التنكيل بالفلسطينيين عند الحواجز وإهانة الأسرى والمدنيين

وذكرت مراسلة الشؤون العسكرية والأمنية في قناة "كان" الإسرائيلية أنها "أُخبِرَت قصة عن "الجيش" تثير القشعريرة، بشأن التنكيل والتبجح والإذلال واحتجاز السائقين الفلسطينيين، على مدى 10 ساعات أو 12 ساعة من دون مياه أو طعام".

وكشفت أنّ الجنود الإسرائيليين "يصادرون حتى أموال الفلسطينيين ويفتحون هواتفهم".

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

 وترافق ذلك مع تقارير إعلامية إسرائيلية أظهرت كيف أنّه، في الأشهر الأخيرة، تورّط عدد كبير من الجنود الإسرائيليين في اعتداءات عنيفة على فلسطينيين في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية.

وركّزت، بصورة خاصة، على كتيبتي "تسبار" و"نيتساح يهودا"، اللتين تخدمان في الضفة الغربية، وكيف أن عناصرهما "استخدموا كلّ الأساليب والطرائق التي تهين الكرامة الإنسانية للفلسطينيين".

بدوره، قال عومر بار ليف، وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، إنّ "ظاهرة العنف في المجتمع الإسرائيلي لا تختفي حتى تعود وفق أشكال متعدّدة، وآخر محطاتها كانت المواجهات العنيفة التي اندلعت مع جماعات حريدية في القدس المحتلة، احتجاجاً على اعتقال شاب حريديّ أضرم النار في محلّ بيع هواتف محمولة".

وأسفرت المواجهات المذكورة، التي تخللها إشعال حاويات قمامة وإغلاق طرقات ورشق حجارة على الشرطة، عن سقوط إصابة بحالة خطرة.

وأكد بار ليف أنّ "هذا مثال صارخ على العنف في المجتمع الإسرائيلي، وفي هذه الحالة هو عنف يمارسه الحريديم المتطرفون".

وأكّد أنّ "ما يحدث هو صراع اقتصادي على بيع الهواتف في المجتمع الحريدي، وهذا أمر مقلق لأنه يعني أنّ شرائح من المجتمع لا تعترف بإسرائيل كدولة قانون".

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

ويزيد ارتفاع حدّة العنف الجنائي في المجتمع الإسرائيلي، بصورة عامة، وفي المجتمع الحريدي، بصورة خاصة، في منسوب المخاوف، لأنّه سرعان ما يأخذ طابعاً اجتماعياً وسياسياً، ولاسيّما مع تنامي قوة الحريديم في السلطة.

من جهته، أوضح بن كسبيت، وهو إعلامي إسرائيلي، أنّ "المهم هو ماذا ستفعل الحكومة الجديدة بخصوص هذه الاضطرابات، في ظلّ السيطرة الحريدية".

وتابع أنّ "الجميع يتحدّث عن عائلات الجريمة في الداخل، لكن لا أحد يحاول معالجة هذا الإرث، فالحريديم ببساطة يشعرون بأن كل شيء مباح لهم".

وبحسب مراقبين، تكمن خطورة الحادثة، التي دانها معظم التيارات السياسية، في "المخاوف التي أثارتها لدى شرائح اجتماعية معينة".

وعبّر سياسيون يمثّلون جماعات إسرائيلية عن "قلقهم من شعورٍ قاسٍ يتأصّل مع الوقت، ومفاده أنه مسموح لمثيري الشغب الحريديم فعل كلّ شيء، من دون خوف من تحمّل العواقب، ومن دون إقامة وزنٍ لأجهزة تطبيق القانون".

العدائية "متأصلة في عقيدة جيش الاحتلال.. والجنود يتدرّبون عليها

شبكة "الميادين"، في نافذتها السادسة على "الجيش" الإسرائيلي، تطرّقت إلى القضية، متحدثةً عن أزمة فقدان الانضباطية والقيم الأخلاقية وتجذّرها في مؤسسات الاحتلال الأمنية والعسكرية، في مستوى القيادة، وفي مستوى العناصر على حدّ سواء، متطرقة إلى آثارها في جيش الاحتلال وعناصره ومؤسساته.

وأكد محلل الميادين للشؤون الأمنيّة والعسكريّة، العميد المتقاعد شارل أبي نادر، أنّ هناك "عدة أسباب واتجاهات للتطرّف والتصرفات اللاأخلاقية لدى جيش الاحتلال، فهناك طابع عسكري أمني، وطابع مرتبط بالعقيدة الأساسية، التي يتشرّبها الجنود من القادة السياسيين والجو السياسي  العام".

وأوضح أبي نادر أنّ "كلّ عمليات جيش الاحتلال وأمنه تنمّ عن عدائية مفرطة وتجاوز لحقوق الإنسان، وهذا يأتي نتيجة للخوف من جهة، ورغبة في التشدد في القمع لمحاولة إخافة المقاومين أو المدنيين الفلسطينيين. لكن، حتى هنا، يوجد تمادٍ من جانب الجنود في هذا الأمر نتيجة غضّ النظر من القيادتين العسكرية والسياسية".

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

وأكّد أبي نادر أنّه "في أثناء التدريب، توجد عدة إجراءات يقوم بها الاحتلال تحت عنوان "الفتك" و"القسوة"، قلّما يوجد نظير لها في تدريبات الجنود في الجيوش الأخرى في العالم".

وبشأن الرقابة الدولية، شدّد أبي نادر على أنّ "الحصانة التي يتمتع بها الاحتلال، دولياً وأميركياً، تشكّل دافعاً أكبر في اتجاه التهاون من جانب أجهزته في منع خرق حقوق الإنسان، فضلاً عن تعمّد ارتكابها في بعض الأحيان".

وأشار إلى "عشرات الحوادث التي، لو ارتكبها جيش آخر، لتمّت مباشرة إحالته على المحاكم الدولية".

ولفت محلل الميادين إلى أنّ "فقدان القيم الأخلاقية لا بدّ من أن يؤثر في الانضباط العسكري لجيش الاحتلال، ويؤثّر بالتالي في فعالية إجراءاته وعمله"، مشيراً إلى أنّ التقارير التي تحدثت عن "حالات العنف والاغتصاب والسرقة والعنصرية وعدم الانضباط"، لدى "الجيش" الإسرائيلي، تدلّ على مظاهر استفحال هذه الآفة.

اقرأ أيضاً: الميادين في نافذة على "الجيش" الإسرائيلي: إشكالية الولاء بين "الحاخام" والضابط

المصدر: الميادين نت