فرنسا: سكان باريس يضيقون ذرعاً بتكلفة السكن والضرائب المرتفعة
في مدينة باهظة الثمن بالفعل، أدى إعلان عمدة باريس، آن هيدالغو، بشأن زيادة ضريبة الأملاك، إلى إشعال النار في الهشيم. وحتى مع تدهور الظروف المعيشية، تستمر الفواتير في الارتفاع.
"طفح الكيل!". بعد أسبوع من قرار هيدالغو زيادة ضريبة الأملاك في باريس بنسبة 52% العام المقبل، لا يخفي الباريسيون يأسهم. "إنها قطرة ماء صغيرة، لكنها تملأ إناءً ممتلئاً جداً بالفعل"، هذا ما قالته كاثرين، المقيمة بالدائرة الرابعة في باريس. "لقد عشت دائماً في باريس، وأرى أنّ تكلفة المعيشة تزداد، وترتفع مرة أخرى، حتى تصل إلى الذروة" . زيادة مرئية، وفقاً لكاثرين، لتدهور نوعية الحياة في العاصمة. في نظرها: النظافة والأمان صارا "كارثيين".
تؤكد ماري، البالغة من العمر 34 عاماً، وهي حامل بطفل ثانٍ: "لقد وصلت تكلفة المعيشة إلى معدلات جنونية في باريس، إنها غير منطقية تماماً". في عام 2020، اشترت الأم الشابة من تولوز مع زوجها شقة، مساحتها 67 متراً مربعاً، في الدائرة الـ17 في باريس، وبلغت تكلفة العملية 840 ألف يورو.
يسدد الزوجان كل شهر ديناً متعاقداً عليه لمدة 20 عاماً بفضل رواتبهما السخية، والتي تصل إلى مبلغ تراكمي يبلغ عشرة آلاف يورو. "على الرغم من كل شيء فإننا ندير ميزانيتنا مع الخط، وننفق من دون زيادة"، يقول زوجها.
"راتب وزير" ليصبح مالكاً
تعكس قصة هذين الزوجين الشابين الواقع القاسي للحياة في باريس، بحيث لا يضمن الراتب المرتفع أنهما يستطيعان العيش بصورة مريحة. وسواء كان التضخم العام أو غيره هو الذي يؤثّر في الخدمات التي أصبحت فعلاً أكثر تكلفة في العاصمة من أي مكان آخر، فإنّ الإيجارات أو الضرائب الباهظة بالفعل تدفع هذه النقطة إلى الاشتعال، الأمر الذي يُجبر البعض على المغادرة.
ولا تتباين مشكلة تكلفة السكن بالنسبة إلى المستأجرين، الذين يمثّلون ثلثي سكان باريس. ويشير ميشيل بلاتيرو إلى أنّ استئجار شقة في باريس يكلف نحو ثلاثين يورو لكل متر مربع شهرياً، أو 1500 يورو كإيجار شهري في المتوسط للعيش في 50 متراً مربعاً.
يمكن أن تتباين الميزانية المخصصة للإسكان من بسيطة إلى مزدوجة اعتماداً على ما إذا كان المنزل أو الشقة تقع في باريس أو في أي مكان آخر في فرنسا، كما يقول روبن ريفاتون، مؤلف تقرير حديث عن التأثير، بعنوان "الإسكان، القنبلة الاجتماعية الآتية". ومع ذلك، فإن المتخصص بالعقارات لا يُفاجَأ بالأسعار المفروضة في باريس.
الظاهرة ليست خاصة بالعاصمة الفرنسية. المنافسة مع الاستخدامات الأخرى (المكاتب، البيع بالتجزئة، الفنادق) واهتمام المشترين الأجانب، كلها تؤدي إلى ارتفاع الأسعار في جميع المدن الكبرى حول العالم. "لا تزال العقارات في باريس أرخص كثيراً مما هي عليه في لندن أو نيويورك أو هونغ كونغ. ولن يغير ارتفاع ضريبة الأملاك أي شيء. هذا الإجراء له آثار رمزية أكثر من الآثار المالية. تبقى المبالغ هامشية إلى حد ما بالنظر إلى دخل الملّاك الباريسيين"، كما يحلل روبن ريفاتون.