ماذا ستكتسب الجزائر من انضمامها إلى تكتل "بريكس"؟
قدّمت الجزائر منذ أيام طلباً رسمياً من أجل الانضمام إلى مجموعة "بريكس" الاقتصادية والسياسية، والتي تضم كلاً من الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا.
وقال الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، إنّ بلاده مهتمة بالانضمام إلى مجموعة دول "بريكس"، التي تُعَدّ "قوة سياسية واقتصادية"، مشيراً، في مقابلة له مع وسائل إعلام محلية، نهاية يوليو/تموز الماضي، إلى أنّ الجزائر تمتلك معظم الشروط المطلوبة للانضمام إلى مجموعة "بريكس".
بعد تقديم هذا الطلب، أعلن المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى منطقة الشرق الأوسط ودول أفريقيا، نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، ترحيب موسكو باعتزام الجزائر الانضمام إلى منظمة "بريكس".
وجاءت تصريحات بوغدانوف، عقب ترحيب الصين، التي تترأس المنظمة، هذا العامَ، برغبة الجزائر في الانضمام إلى عائلة "بريكس"، مشيرةً، في الوقت نفسه، إلى أنها "بلد ناشئ كبير"، و"ممثل للاقتصادات الناشئة".
وبعد يوم واحد من تقديم الطلب، وقّعت الصين مع الجزائر الخطة الخماسيةَ الثانية للتعاون الاِستراتيجي الشامل بينهما، للفترة الممتدّة بين عامي 2023 و 2026.
يُذكَر أنّ الجزائر قطعت أشواطاً في الشراكة مع الصين، وخصوصاً في مجال التعدين، عبر إطلاق مشروع ضخم بلغت ميزانيته 7 مليارات دولار، هو مشروع الفوسفات، ويقع في الشرق الجزائري، بالإضافة إلى مشروع آخر من أجل استغلال منجم الحديد، بتكلفة تقدّر بـ3 مليارات دولار.
ما فائدة انضمام الجزائر إلى تكتل "بريكس"؟
لانضمام الجزائر إلى تكتل "بريكس" مكاسب متعدّدة، يمكن أن تستفيد منها الجزائر مباشرة، بمجرد استكمال محادثات انضمامها إلى التكتل. وهذا الأمر يتم بعد توجيه طلب رسمي من الجزائر، وإعلان روسيا والصين موافقتهما. وهو ما شرحه بالتفصيل الخبير الاقتصادي، أحمد الحيدوسي، في حديثه إلى الميادين نت.
وأشار الحيدوسي إلى أنّ الاقتصاد الجزائري يحاول ترميم الاختلالات التي حدثت في الأعوام
الماضية، وذلك من خلال تهيئة الأرضية القانونية، عبر إصدار قانون مشجع على الاستثمار في البلاد، وأيضاً من خلال الإجراءات التي اتخذتها الحكومة من أجل جلب الاستثمارات الاجنبية الى الجزائر.
ووفق الحيدوسي، فإنّ لهذه المنظمة قوة اقتصادية، تتمثّل بالصندوق الاحتياطي الذي يحتوي على مبالغ مهمة من النقد الأجنبي، وببنك التنمية الجديد، الذي يموّل مشاريع البنية التحتية في هذه الدول المنضوية تحت مجموعة "بريكس".
وبيّن الخبير الاقتصادي أنّ "الجزائر تعوّل اليوم على انطلاقة اقتصادية مهمة، بحيث تمتلك سوقاً مهمة في شمال أفريقيا تضمّ نحو 45 مليون نسمة، بالإضافة إلى موقع استراتيجي مهم، وبنية تحتية موجودة حالياً وتحتاج إلى تطوير مع أعضاء بريكس".
وتتميز الجزائر أيضاً بموقعها الاستراتيجي على أبواب أوروبا كأكبر سوق في العالم، بالإضافة إلى أنها على مقربة من الأسواق الأفريقية، وخصوصاً الغرب الإفريقي.
المشاريع التي تحتاج إليها الجزائر
بحسب الخبير الاقتصادي، أحمد الحيدوسي، فإن الجزائر:
1-تحتاج إلى عدد من المشاريع، كالصناعات الميكانيكية وصناعات الفضاء، التي تُعَدّ الصين بلداً رائداً ومتطوراً في تقنياتها.
2- تحتاج إلى الخبرة الروسية في المجال الزراعي، وخصوصاً أن روسيا قطعت أشواطاً كبيرة في مجال الزراعة، بعد أن كانت دولة مستوردة للحبوب في التسعينيات. واليوم، تُعَدّ من أهم الدول التي تصدّر الحبوب. لذلك، تحتاج الجزائر إلى التجربة الروسية من أجل تطوير قطاع الزراعة فيها، وخصوصاً أن الجزائر تمتلك أراضي زراعية تقدّر بملايين الهيكتارات، ويمكن استغلالها من أجل تلبية حاجات السوق الداخلية، أو حتى التصدير إلى الخارج.
3- تحتاج إلى الاستفادة من تجربة الهند وخبرتها في مجال صناعة الدواء والصناعات التكنولوجية في هذا المجال، الذي يشهد تطوراً في الهند، وقطعت فيه نيو دلهي أشواطاً كبيرة.
4- يمكن الاستعانة بكل دول "البريكس" من أجل إنشاء البنى التحتية في الجزائر، أو ما يُعرَف بعقود البناء والاستغلال ("بي أُو تي")، والتي تعتمد على مصادر مالية كبيرة، كإنشاء موانئ وسكك حديدية. وهذه المشاريع تتمّ عن طريق الصندوق الاحتياطي التابع لمنظمة "بريكس".
ما هو هذا التكتل؟
"بريكس" منظمة دولية مستقلة، يقول أعضاؤها إنهم يشجعون على التعاون فيما بينهم، سياسياً واقتصادياً وثقافياً. وتمثل 40% من مساحة العالم، وتساهم في ربع إجمالي الناتج المحلي العالمي، بينما يبلغ عدد سكانها نحو 40% من سكان العالم.
تشكّلت هذه المنظمة، عام 2009، من البرازيل وروسيا والهند والصين، وكانت تُسَمّى حينها دول "بريك"، ثم انضمت إليها جنوب أفريقيا عام 2010.
تتميز دول "بريكس" بأنها من الدول النامية الصناعية ذوات الاقتصادات الكبيرة والصاعدة.
ويرى متابعون أنّ إنشاء التكتل يُعَدّ خطوة لخلق كيان موازٍ لـ"مجموعة السبع" ("جي 7")، التي تضم الولايات المتحدة وكندا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان.