مجلس النواب البحريني وتشريعاته: هل من مكان للتغيير والإصلاح؟

مجلس الشورى البحريني يستطيع أن يقف في وجه أيّ اقتراح قانون في المرحلة الأولى، على اعتبار أنه يمثّل إرادة الملك وتوجيهاته إذ هو من عيّنه.
  • مجلس النواب البحريني وتشريعاته: هل من مكان للتغيير والإصلاح؟

هل العملية التشريعية في البحرين مُتكاملة وحقيقية؟ سؤالٌ يُطرح عند الحديث عن الانتخابات النيابية، المقررة في 12 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، فمن يُطّلع عن كثب على شؤون المملكة الخليجية مذ بدّل الملك الحالي حمد بن عيسى دستورها عام 2002، يُدرك صعوبة الإصلاح الفعلي.

مع فرضه دستوراً مُخالفًا لدستور عام 1973، الذي حظي بتأييد شعبي، أجهض الملك البحريني أيّ إمكانية للتغيير في العملية الانتخابية..

في كلّ الدول، النواب والبرلمان هم مرآة الحُكم. أمّا في البحرين، فيؤكد المعارضون أن مجلس النواب في كلّ المحطّات هو أداةٌ بيد السلطة البحرينية.

صحيحٌ أن صورة الدولة الحديثة موجودة كشكل في البحرين، لكنّ الديمقراطية هي أبعد ما يكون ومُغيّبة تماماً. بحسب بعض المعارضين، فإن "التحكّم بالعملية الانتخابية من ألفها إلى يائها، ينطبق فعليًا على ما يجري في أروقة المجلس النيابي. فكلّ حركة تحصل يجب أن تكون مرسومة مسبّقاً على طاولة الديوان الملكي عبر أدواته الحاكمة والنافذة".

كيف تسير العملية التشريعية في البحرين؟

بموجب الدستور البحريني يرأس الملك السلطات الثلاث: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية. وتنقسم السلطة التشريعية إلى غرفتيْن: الأولى يعينها الملك، وهي مجلس الشّورى (مؤلف من 40 عضواً)، والثانية مُنتخبة، وهي مجلس النواب (مؤلّف من 40 نائباً)، إلّا أن مجلس الشورى يحكم مجلس النواب، بمعنى لا يمكن أن يُمرّر الأخير أيّ قانون إلا بموافقة الشورى.

وعليه، مجلس الشورى يستطيع أن يقف في وجه أيّ اقتراح في المرحلة الأولى على اعتبار أنه يمثّل إرادة الملك وتوجيهاته إذ هو من عيّنه. بناءً على ما سلف، يُترجم مجلس الشورى رغبات الملك في إسقاط أو توقيف أيّ مقترح يُرفع إليه، مع العلم أن رحلة التشريع تنتهي عند الملك، الذي يقرّر في الحصيلة مصير كل شيء.

أيّ قانون يطرح أو يجري اقتراحه من قبل النواب يسير وفق الآلية التالية: أولاً يُعرض على اللائحة الداخلية المعنية ببتّ القوانين والأسئلة والاستجوابات، ثمّ يُرفع إلى مجلس الشورى، ويصل ختاماً الى الملك.

ولأن المجلس النيابي مجلس تشريعي، هل يمكنه أن يُغيّر لوائحه الداخلية؟

نعم، يمكن أن يقوم المجلس بذلك، لكن الأمر يحتاج الى أغلبية غير متوافرة في الأصل، إذ يحتاج إلى ثلثيْ المجلس، والملك لديه أكثر من النصف، ما يعني أن المهمة مستحيلة. كلّ هذه "الأغلبية" تعود إلى النظام الانتخابي العامر بالثغرات، والدوائر غير العادلة والرشى التي يوزّعها الديوان الملكي مباشرة والعملية الانتخابية التي تُدار من قبل السلطة والرقابة المنعدمة.

أكثر من مثال يُمكن أن يُضرب لتأكيد صعوبة التشريع في ظلّ السلطة الملكية وهيمنتها على العملية التشريعية كلها، ما حدث قبل تفجّر الأزمة السياسية في البحرين عام 2011، حين وافق مجلس النواب، إبّان وجود جمعية "الوفاق" المعارضة، على قانون لتجريم التطبيع حاصداً أصوات 39 نائباً من أصل 40، ما يعني إجماع البرلمان، غير أن المشروع أوقف في مجلس الشورى الذي يأتمر بأمر الديوان الملكي بذرائع غير مُقنعة؛ أولويات الاقتصاد.

السيناريو نفسه مع مشروع زيادة الرواتب، في مجلسي 2014 و 2018 اللذين صوّتا لمصلحة القانون، لكنه لم يُقرّ بذريعة أن الوضع الاقتصادي لا يسمح، فيما مرّر الضريبة خلافاً للبرلمانات العادلة التي تُنصف الناس ولا تزيد أعباءهم.

كذلك أضاف مجلس النواب مُصيبةً أخرى إلى المصائب على كاهل المواطنين عام 2022، تمثّلت في تعديلات التقاعد التي عدها الشعب "مؤلمة ومُجحفة" بحقّه. هذه التعديلات على الرغم من معارضتها بنسبة 99% من المواطنين، إلّا أنها أقرّت وجرى إمرارها في مجلس النواب.

في الحصيلة الملك البحريني برئاسته للسلطات الثلاث، بحسب الدستور المفصل على المقاس، أنتج واقعاً سياسياً لا يمكن التنبؤ باستقراره أو تطوره.

 

* لطيفة الحسيني - صحافية لبنانية

المصدر: الميادين نت