"ذا انترسبت": حروب واشنطن أمست عنفاً في الداخل
كان ناثان بيدفورد فورست واحداً من أكثر الجنرالات الأميركيين عدوانيةً في جيله، وبعد انتهاء خدمته العسكرية بطريقة مرة، بحسب توصيف موقع "ذا انترسبت"، عاد إلى منزله في تينيسي ووجد طريقةً جديدة للقتال. فورست هو جنرالٌ مهزوم في الجيش الكونفدرالي، وهو من قدامى المحاربين الأميركيين الذين تحولوا إلى فرق "الإرهاب المحلي" بمجرد عودتهم إلى ديارهم.
تبيّن أنّ منسوب العنف لدى فورست ارتفع بعد عودته، مثلما حصل لمجندين عادوا من الحربين العالميتين الأولى والثانية، وبعد الحربين الكورية والفيتنامية، والأمر نفسه تكرر لآخرين في أعقاب الحربين في العراق وأفغانستان.
وفي محاكمة "التحريض على الفتنة" التي تجري الآن في واشنطن، بعد أحداث الـ 6 كانون الثاني/يناير 2021، 6 متهمين بمحاولة إطاحة الحكومة، أربعة منهم من قدامى المحاربين، بمن فيهم ستيوارت رودس، الذي أسس ميليشيا "حراس القسم".
وفي كانون الأول/ديسمبر، من المقرر إقامة محاكمة أخرى بتهمة التحريض على الفتنة، لخمسة من أعضاء ميليشيا "براود بويز"، ومن ضمنهم أربعة خدموا في الجيش.
إضافة إلى ذلك، فإنّ الرجل الذي هاجم مكتب التحقيقات الفيدرالي في سينسيناتي بعد أن فتش عملاء فيدراليون منزل الرئيس السابق دونالد ترامب في مارالاغو، في آب/أغسطس الماضي، كان من المحاربين القدامى أيضاً.
ومن بين 897 شخصاً وجهت إليهم اتهامات بعد "تمرد" 6 كانون الثاني/يناير، 118 شخصاً لديهم خلفيات عسكرية، وفقاً لبرنامج "التطرف" في جامعة جورج واشنطن.
وإلى جانب هؤلاء، تأتي شخصيات بارزة في "السياسة اليمينية المتطرفة من الجيش"، بحسب الموقع، وتتباهى بخدمتها في زمن الحرب، أمثال الجنرال السابق مايكل فلين، الذي برز كمروّج بارز لنظريات المؤامرة في الانتخابات الأخيرة.
ورأى الموقع أنّه عندما تغرق الحروب في عدد من الأكاذيب رفيعة المستوى والقتل الذي لا طائل منه، كما جرى في فيتنام والعراق وأفغانستان، فإنك لن تجد نقصاً في الأسباب الوجيهة التي تجعل المحاربين القدامى يشعرون بخيانة حكومتهم لهم.
وبعد سنوات من العمل في مؤسسة جلبت النظام والمعنى لحياتهم - والتي حددت العالم في ثنائية مبسطة من الخير في مقابل الشر - يمكن أن يشعر المحاربون القدامى بأنّهم على غير هدى في وطنهم، ويتوقون إلى الأوضاع التي كانت لديهم في الجيش.
هناك تطور إضافي تشير إليه المؤرخة كاثلين بيلو، وهو أنّ دور المحاربين القدامى في "الإرهاب المحلي" لا يحظى بالتقدير الكافي الذي كانوا يحظون به أيام الحرب.
ويبدو، بحسب الموقع، أنّ لكل هذا علاقة أيضاً بانعكاس أمرٍ أعظم، وهو أنّ "مقياس العنف بجميع أنواعه في مجتمعنا يرتفع في أعقاب الحرب"، وهذا الإجراء يشمل الرجال والنساء، ويمر عبر الذين خدموا ولم يخدموا، ويمر عبر الفئات العمرية أيضاً.
في عام 2005، برر الرئيس جورج بوش ما يسمى الحرب على الإرهاب بأنها "تنقل المعركة إلى الإرهابيين في الخارج حتى لا نضطر إلى مواجهتهم هنا في الداخل". المفارقة هي أنّ تلك الحروب التي كلّفت تريليونات الدولارات وقتلت مئات الآلاف من المدنيين، أدَّت بدلاً من ذلك إلى تطرّف جيل من المتعصبين الأميركيين الذين سيمارسون العنف طوال سنوات مقبلة، على البلد الذي كان من المفترض أن يحموه.