الذكرى الأولى لانقلاب السودان: الآلاف يتظاهرون ضد الحكم العسكري
أطلقت قوات الأمن السودانية قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذين نزلوا بالآلاف، اليوم الثلاثاء، إحياءً للذكرى الأولى للانقلاب، وللمطالبة بحكومةٍ مدنية قادرة على إخراج البلاد من المأزق، في الوقت الذي قُطع فيه الاتصال بالإنترنت.
وهتف المتظاهرون في الخرطوم وضواحيها بشعارات عدة، كان أبرزها "العسكر الى الثكنات" و"سلطة مدنية".
ومنذ الصباح الباكر، أقام المتظاهرون متاريس في مواجهة قوات الأمن، التي قامت من جهتها باغلاق كل الجسور التي تربط بين ضفتي نهر النيل في العاصمة السودانية، لمنع المحتجين من الوصول إلى القصر الجمهوري، مقر الفريق أول عبد الفتاح البرهان قائد انقلاب 25 تشرين الأول/اكتوبر 2021.
وفي محيط القصر، أطلقت الشرطة قنابل الغاز في محاولة لتفريق الحشود، بحسب ما قال شهود، بينما كرر المتظاهرون شعارهم الرئيسي "لا تفاوض ولا شراكة مع الانقلابيين".
ويستمر المتظاهرون في محاولاتهم للوصول إلى قصر الشعب، وسط مخاوف من استخدام قوات الأمن للعنف المفرط أو إطلاق النار تجاههم، فيما أظهرت مقاطع فيديو أنّ المظاهرات ما تزال مستمرة حتى مساء اليوم الثلاثاء.
#صور_الثورة_السودانية |#مليونية25اكتوبر
— Sudan Pictures 🇸🇩 (@SudanPictures) October 25, 2022
بحري
عدسة المصور Gol Barto pic.twitter.com/qCaryWiGCK
#الخرطوم | ثوار شرق النيل يعبرون كبري المنشية في طريقهم إلى قصر الشعب 🇸🇩#السودان #مليونيه25أكتوبر #أكتوبر_غضب_الأحرار pic.twitter.com/AHyqBEU0bY
— Mudather Khader (@MudathirKhader) October 25, 2022
وفي مثل هذا اليوم من العام الماضي، تراجع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان عن كلّ التعهدات التي كان اتخذها قبل عامين "بتقاسم السلطة مع المدنيين تمهيداً لانتخابات حرة في السودان".
ويومها، أمر البرهان باعتقال كلّ القادة السياسيين والوزراء المدنيين في الحكومة، واستأثر الجيش بالسلطة. ومنذ ذلك الحين، ينقطع الاتصال بالإنترنت بالتزامن مع تنظيم أيّ تحرك ضدّ الانقلاب.
ورغم كلّ ذلك، "خرج مئات التلاميذ والطلاب في عطبره"، حسب ما نقلت وكالة "فرانس برس"، حاملين الأعلام، ومرددين الشعارات نفسها.
يا شعبًا لهبك ثوريتك انت تلقى مرادك والفي نيتك#السودان 🔥#مليونيه25أكتوبر pic.twitter.com/UBinIokozK
— Mudather Khader (@MudathirKhader) October 25, 2022
وفي الليلة السابقة، خرجت مواكب تدعو إلى التظاهر في الخرطوم وضواحيها ومدن عدّة.
ومنذ عام، يصرّ محتجون في كلّ أسبوع على النزول إلى الشوارع للاحتجاج والدعوة إلى إنهاء الحكم العسكري في البلاد. وخلال هذه الفترة، قُتل 118 متظاهراً أثناء مطالبات بعودة السلطة الى المدنيين، وهو الشرط الرئيسي الذي يضعه المانحون الدوليون لاستئناف مساعداتهم المالية للبلاد، والتي عُلّقت عقب الانقلاب.
اقرأ أيضاً: عبد الفتاح البرهان والرهان على سياسة حافة الهاوية
السودانيون يخشون عودة الديكتاتورية والفقر
واليوم، بات الوضع الاقتصادي في السودان كارثياً، اذ زاد التضخّم عن 100% وارتفع نسب النقص في المواد الغذائية. كما أصبح ثلث السودانيين البالغ عددهم 45 مليوناً يعانون من الجوع، وهو رقم يزيد بنسبة 50% عن العام الماضي، بحسب برنامج الاغذية العالمي.
ووفق البرنامج، ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة 137%، ما جعل العائلات تخصّص "أكثر من ثلثي دخلها للغذاء".
وإضافةً الى قلق السودانيين الأول، وهو تدهور قوّتهم الشرائية، يخشى كثيرون - بعد ثلاث سنوات على ثورة العام 2019 - عودة الدكتاتورية القائمة على التحالف بين الإسلاميين والعسكريين.
ومنذ الانقلاب، استعاد العديد من أنصار البشير مناصبهم، وخصوصاً في القضاء الذي يحاكم أمامه حالياً الدكتاتور السابق.
بلينكن: حان الوقت لإنهاء الحكم العسكري
وحتى الآن، لا يبدو أنّ هناك أيّ وجه سياسي على استعداد للانضمام الى حكومة مدنية يعد بها البرهان، كما لم تسفر الوساطات الدولية أو المبادرات المحلية عن نتائج.
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد قال أمس إنّ "الولايات المتحدة ترحب بالمبادرات الشاملة لإيجاد مخرج ينهي الحكم العسكري ويعيد الانتقال الديمقراطي في السودان"، مؤكداً أنّ "تحقيق حكومة جديدة بقيادة مدنية هو المفتاح لاستئناف المساعدة الدولية".
وأضاف بلينكن: "الولايات المتحدة مستمرة في دعم الآلية الثلاثية للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، وتحث السودانيين على إعطاء الأولوية للمشاركة البناءة في الحوار"، مهدداً باستعمال "كافة الوسائل المتاحة ضد من يعيق تحول السودان نحو الديمقراطية".
بدوره، قال موفد الأمم المتحدة إلى السودان فولكر برثيس، السبت، إنّ البلد "لا يملك ترف المناورات السياسية"، مضيفاً: "يتعيّن على الفاعلين السياسيين أن ينحوا خلافاتهم جانباً وأن يركزوا على مصلحة السودانيين".
وتظاهر آلاف من السودانيين الجمعة تحت شعار " لا للحكم العسكري" احتفالا بالذكرى الـ58 لأوّل "ثورة" على السلطة العسكرية، في بلد هيمن عليه العسكريون بشكل شبه متواصل منذ استقلاله.
نزاعات دامية
وتؤكد الكتلة الديموقراطية أن "مسيرات الـ25 من تشرين الأول/أكتوبر ستكون بداية نهاية عهد الانقلابيين بلا رجعة، وإعلان دستور السودان المدني الديموقراطي".
ودعت السفارات الغربية، أمس الإثنين، السلطات الى "احترام حرية الرأي وحق التجمّع السلمي"، كما طالبت بـ"عدم استخدام القوة" في بيان دان "مقتل متظاهر الأحد".
ومع تعبئة قوات الأمن لمواجهة التظاهرات، يرى خبراء أن الفراغ الأمني في عدد من الولايات فتح الباب أمام نزاعات قبلية دامية، تجري غالباً باستخدام أسلحة أتوتوماتيكية وبسبب نزاعات على الماء والكلأ والأرض، وأسفرت عن مقتل 600 شخص منذ مطلع العام، ونزوح أكثر من 210 آلاف، وفق الأمم المتحدة.
وأعلن الجيش السوداني، الإثنين، تعيين قائد عسكري جديد لولاية النيل الأزرق في السودان، التي شهدت نهاية الأسبوع الماضي اشتباكات قبلية دامية أوقعت قرابة 250 قتيلاً، وفق بعض التقارير، بحسب ما ذكرت الأمم المتحدة.