"ذا إنترسبت": حتَّى روسيا تفاجأت.. الرياض ضاعفت طلب بوتين خفض إنتاج النفط

فاجأ إعلان منظمة "أوبك +"، الذي تقوده السعودية، بتخفيض إنتاجها النفطي بمقدار مليوني برميل يومياً، موسكو وواشنطن معاً.
  • سعى السعوديون لخفض إنتاج النفط على نحو فاجأ حتى روسيا

ذكر موقع "ذا إنترسبت" الأميركي، نقلاً عن مصادر سعودية مطلعة، أن الرياض ضغطت بالفعل لخفض إنتاج النفط مرتين أكثر مما طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

هذه الخطوة فاجأت الروس أنفسهم، بحسب ما أفادت المصادر، وهو ما يشير إلى أن دوافع الرياض أعمق مما يريد كبار الديمقراطيين الاعتراف به، وفق الموقع.

كما اثار إعلان منظمة "أوبك +"، الذي تقوده السعودية، بتخفيض إنتاجها النفطي بمقدار مليوني برميل يومياً على مقياس عالمي، غضب الديمقراطيين في واشنطن، بحسب ما ذكر الموقع.

بدوره، قال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر: "ما فعلته السعودية لمساعدة بوتين على الاستمرار في شن حربه الشرسة ضد أوكرانيا سوف يتذكره الأميركيون منذ فترة طويلة".

وقد ألمحت التقارير العامة إلى سعي السعودية لخفض الإنتاج بصورة أكثر عدوانية بكثير مما سعت له روسيا وغيرها من أعضاء "أوبك +" لأول مرة. ففي 27 أيلول/سبتمبر، ذكرت وكالة "رويترز" أن روسيا تفضل خفضاً بمقدار مليون برميل يومياً، أي نصف ما تم الاتفاق عليه لاحقاً. ثم في 5 تشرين الأول/أكتوبر ، أعلنت "أوبك +" أنها ستخفض مليوني برميل يومياً.

وفي 14 تشرين الأول/أكتوبر، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي إن "أكثر من عضو" في "أوبك +"، من دون تحديدهم، اختلفوا بشأن حجم الخفض، لكن السعودية أجبرتهم على الموافقة عليه.

وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن أعضاء "أوبك +" الذين عارضوا الخفض سراً هم الكويت والعراق والبحرين وحتى الإمارات العربية المتحدة، الحليف المقرب من السعودية.

كذلك، قال أحد المصادر، وهو سعودي مقرب من العائلة المالكة، إن"الناس في الرياض يعتقدون أن محمد بن سلمان يقف إلى جانب بوتين، لكنني أعتقد أن محمد بن سلمان بوتيني أكثر من بوتين".

وفي الوقت الذي أكدت السعودية أن الدافع وراء هذه الخطوة كان المصالح الاقتصادية فقط، الا أن البيت الأبيض مع عدد من كبار الديمقراطيين اعتبروا ان السعوديين يسعون لاصطفاف حاد مع روسيا.

وقال كيربي: "يمكن لوزارة الخارجية السعودية أن تحاول الدوران أو الانحراف، لكن الحقائق بسيطة"، زاعماً أنهم "كانوا يعرفون" أن خفض إنتاج النفط "سيزيد في الإيرادات الروسية ويضعف فعالية العقوبات" ضد روسيا وسط حربها مع أوكرانيا.

وعلى رغم تماسك القادة الديمقراطيين إلى حد كبير بشأن هذه الرسائل من السعودية، فإن الخبراء يقولون إن الخفض استهدف بصورة مباشرة الحزب الديمقراطي، وهو أمر يكره المسؤولون الديمقراطيون الاعتراف به علناً، بحسب موقع "ذا إنترسبت".

من جهته، قال بروس ريدل، وهو باحث في معهد بروكينغز ، لـ "ذا إنترسبت": "في الرياض يريدون مساعدة الجمهوريين" قبل الانتخابات النصفية المقبلة، موضحاً أن محمد بن سلمان يرى أن فوز الحزب الجمهوري بالكونغرس هو "الخطوة الأولى لفوز دونالد ترامب في عام 2024 وانتكاسة لبايدن".

وكان ابن سلمان امتثل لطلبات دونالد ترامب لإنتاج النفط في عامين انتخابيين. مرة في عام 2018، من خلال زيادة إنتاج النفط لخفض الأسعار، ومرة أخرى في عام 2020 عن طريق خفض الإنتاج، والذي أراد ترامب من خلاله حماية صناعة الصخر الزيتي التي تضررت من انخفاض الطلب الناجم عن الانكماش الوبائي.

وقال ريدل: "تمتع محمد بن سلمان بعلاقة حميمة بترامب، إذ "وقف ترامب إلى جانبه عندما قتل خاشقجي، وفي حربه في اليمن التي جوعت عشرات الآلاف من الأطفال".

كما لم يكن هناك أي انتقاد لانتهاكات السعودية لحقوق الإنسان من جانب إدارة ترامب.

إن فكرة مفادها أن السعودية يمكن أن تتدخل في السياسة الأميركية الداخلية، في واشنطن، تم الاعتراف بها علناً من جانب كبار المسؤولين السعوديين أنفسهم. وفي مقابلة في أيار/مايو 2004، ضمن البرنامج الحواري السعودي "أضواء كاشفة"، قال الأمير بندر بن سلطان آل سعود، السفير السعودي لدى الولايات المتحدة من عام 1983 إلى عام 2006: "يمكن أن تؤثر قرارات المملكة النفطية في انتخاب أو عدم انتخاب رئيس الولايات المتحدة، أكبر وأقوى دولة في العالم. وكي يؤخذ ذلك في الاعتبار، بغض النظر عما تقرر المملكة القيام به، هو في حد ذاته دليل على الثقل الاستراتيجي للمملكة العربية السعودية".

وفي مقابلة أخرى مع بوب وودوارد في عام 2004، قال بندر: "طلب منا الرئيس بيل كلينتون إبقاء الأسعار منخفضة في عام 2000. في الواقع ، يمكنني العودة إلى عام 1979 ، طلب منا الرئيس كارتر إبقاء الأسعار منخفضة لتجنب الشعور بالضيق ".

ويضيف الموقع أنه، في تشرين الأول/أكتوبر 2018، بعد الأنباء عن مقتل خاشقجي، هددت الوسيلة الإعلامية السعودية التي كانت تديرها الدولة، "العربية"، بـ "كارثة اقتصادية" إذا فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الرياض.

وأضافت: "إذا تم فرض عقوبات أميركية على السعودية، فسنواجه كارثة اقتصادية من شأنها أن تهز العالم بأسره"، كما كتب تركي الدخيل، الذي يشغل الآن منصب سفير السعودية لدى الإمارات.

وتابعت: "سيؤدي ذلك إلى فشل السعودية في الالتزام بشأن إنتاج 7.5 ملايين برميل من النفط".

الآن، لم يتبقَّ أمام بايدن أي خيارات تُذكر، بحسب الموقع. وعليه، أعلن البيت الأبيض هذا الأسبوع أنه سيطلق 15 مليون برميل من النفط من احتياطيات النفط الاستراتيجية. ويدرس البيت الأبيض أيضاً رفع العقوبات عن فنزويلا للتخفيف من الضرر الاقتصادي الناجم عن خفض إنتاج "أوبك +،" وهي خطوة يدعو إليها بعض الخبراء منذ أعوام.

وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن إن تدمير خط أنابيب الغاز "نورد ستريم" كان فرصةً لأوروبا، لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي. ولذلك، يختم موقع "ذا إنترسبت" بأنه يجب على بايدن تحويل الأزمة الحالية إلى فرصة لتقليل اعتماد واشنطن على الرياض من خلال إعادة النظر في عقوبات الطاقة الفاشلة على فنزويلا وإيران.

المصدر: ذا إنترسبت