المملكة المتحدة: إسكتلندا تطالب باستفتاء شعبي آخر
تنظر المحكمة العليا في المملكة المتحدة، يومي الثلاثاء والأربعاء، في شرعية الطلبات الإسكتلندية لتنظيم استفتاء آخر في 2023 بشأن الاستقلال من دون موافقة لندن.
وتسعى حكومة نيكولا ستورجن القومية، في إدنبرة، لتنظيم استفتاء جديد يجيب الناخبون فيه عن سؤال: "هل يجب أن تكون إسكتلندا دولة مستقلة؟".
وذكرت ستورجن، في المؤتمر السنوي للحزب الوطني الإسكتلندي أنّ جلسات الاستماع في المحكمة العليا "لم تكن لتصبح ضرورية لو احترمت حكومة المملكة المتحدة في وستمنستر الديموقراطية الإسكتلندية".
وأضافت ستورجن أنّ "وستمنستر لا تبدي مثل هذا الاحترام"، مشيرةً إلى أنّ "هذا يعني أنّ المسألة كانت ستنتهي في المحكمة عاجلًا أم آجلًا، ومن الأفضل في رأيي أن يكون عاجلاً".
وتابعت: "إذا حكمت المحكمة بالطريقة التي نأملها، فسيكون هناك استفتاء بشأن الاستقلال في 19 تشرين الأول/أكتوبر من العام المقبل" أي 2023.
وستشهد جلسات المحكمة العُليا تنازع كبار المحامين حول سلطات برلمان إدنبرة، مقابل وستمنستر.
وخاض الحزب الوطني الإسكتلندي الانتخابات البرلمانية الإسكتلندية عام 2021، ووعد بتنظيم استفتاء قانوني بعد انحسار أزمة جائحة كوفيد-19.
وعلى الرغم من إرادة الحزب المضي قُدماً في تنظيم الاستفتاء، لم تمنح الحكومة البريطانية الإذن، علماً أنّه يتعيّن الحصول على موافقتها بموجب قانون إسكتلندا الصادر عام 1998.
وسبق أن أجري استفتاء في هذه المسألة عام 2014، واختار حينذاك 55% من الناخبين الإسكتلنديين البقاء ضمن المملكة المتحدة.
وقالت رئيس مجلس الوزراء البريطانية ليز تراس، في مقابلة متلفزة هذا الشهر، إنّ الاستفتاء الأخير عام 2014 كان حدثاً لا يتكرر إلا مرة واحدة كلّ جيل.
وتابعت: "أنا واضحة جداً، لا ينبغي أن يكون هناك استفتاء آخر قبل أن ينتهي هذا الجيل".
ووقّع أكثر من 191 ألف مواطن بريطاني، في آخر أيلول/سبتمبر الماضي، عريضة تدعو إلى إجراء انتخابات عامة فورية في البلاد، بسبب عدم الرضا عن خطة الحكومة الجديدة، وسط أزمات اقتصادية غير مسبوقة تهدد المملكة المتحدة.
الحكومة الإسكتلندية تسعى لإجراء "استفتاء استشاري"
وتشير استطلاعات الرأي في نيات التصويت إلى انقسام في إسكتلندا بين مؤيدي الاستقلال عن المملكة المتحدة ومعارضيه.
وكان التصويت الذي أجري عام 2014 قد حصل قبل خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي، الذي كان الناخبون الإسكتلنديون قد صوّتوا بمعظمهم ضدّه، وقبل الانتخابات النيابية التي شهدت انتخاب غالبية من النواب المؤيّدين للاستقلال، وقبل وفاة الملكة إليزابيث الثانية التي كانت رمزاً للاستمرارية.
وازدادت شعبية الحزب الوطني الإسكتلندي المنادي بالاستقلال والحاكم منذ 2007 في إسكتلندا بعد البريكست، إذ إنّ هذه المقاطعة البريطانية صوتت بنسبة 62% للبقاء ضمن الاتحاد الأوروبي.
وتسعى الحكومة الإسكتلندية لأنّ تكون قادرة على إنشاء إطارها القانوني لتنظيم استفتاء آخر، وترى أن "حق تقرير المصير حق أساسي وغير قابل للتصرف".
لكن الحكومة البريطانية تقول إنّ "إسكتلندا لا تستطيع التحرّك من جانب واحد في مسألة تتعلق بالتركيبة الدستورية للمملكة المتحدة بأسرها"، حيث تهيمن حكومة لندن.
ولتخطّي ذلك، تسعى حكومة الحزب الوطني الإسكتلندي إلى إجراء "استفتاء استشاري" لامتحان مدى التأييد للاستقلال الاسكتلندي، من دون حصول تغيير فوري.
وتنظر المحكمة العليا في المملكة المتحدة في القضايا ذات الأهمية العامة أو الأهمية الدستورية التي تؤثر في جميع السكان.
وبدأت جلسات الاستماع، اليوم الثلاثاء، عند الساعة 09,30 بتوقيت غرينتش، وتستمر يومين، بحضور خمسة قضاة، بمن فيهم رئيس المحكمة روبرت ريد، على أن يصدروا قراراً بعد ستّة أسابيع وقبل الأسبوع الثامن.
وينظر القضاة في الصلاحية القانونية لمشروع قانون الاستفتاء الذي اقترحه الحزب الوطني الإسكتلندي الذي يحدد موعد الاستفتاء في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وكتب الباحث في معهد دراسات الحكومة (Institute for Government) أكاش بون "من غير المرجح أن تصدر المحكمة حكماً لمصلحة الحزب الوطني الإسكتلندي، لكن، يجب ألا يرى أولئك الذين يؤيّدون الاتحاد في ذلك انتصاراً نهائياً".