لندن تسعى لتهدئة الأسواق المضطربة على خلفية مشروع الموازنة

الحكومة البريطانية والمصرف المركزي يعلنان عن تدابير جديدة لمحاولة طمأنة المستثمرين المتخوفين من مشروع موازنة عرض الشهر الماضي التي تضمّنت خفضاً كبيراً للضرائب، وسط اضطراب في الأسواق.
  • لندن تسعى لتهدئة الأسواق المضطربة على خلفية مشروع الموازنة

أعلنت الحكومة البريطانية والمصرف المركزي، الإثنين، عن تدابير جديدة لمحاولة طمأنة المستثمرين المتخوفين من مشروع موازنة عرض الشهر الماضي التي تضمّنت خفضاً كبيراً للضرائب، وسط اضطراب في الأسواق.

وفي مواجهة مناشدات متكررة لاقتصاديين وبرلمانيين، قرّب وزير المال كواسي كوارتنغ الموعد المرتقب لنشر تقديرات الميزانية إلى 31 تشرين الأول/أكتوبر بدلاً من 23 تشرين الثاني/نوفمبر.

وأعلن أنه "سينشر في موازاة ذلك خطّته المالية المتوسطة الأجل لضمان بقاء المالية العامة البريطانية على المسار الصحيح".

من جهته، أعلن المصرف المركزي البريطاني "بنك إنكلترا" عن تدابير جديدة "لتخفيف الضغوط على السيولة"، التي سجّلت بعد "الصدمة" التي سبّبها الإعلان عن ميزانية تتضمن خفضاً كبيراً للضرائب.

لكن يبدو أنّ المستثمرين لم يطمئنوا، إذ بلغت الإثنين عوائد السندات الحكومية البريطانية التي تستحقّ بعد 30 عاماً، والتي ارتفعت إلى 5,14% بعد عرض مشروع الميزانية، 4,54%، ما يعكس التخوّف من ارتفاع المديونية.

وقال مدير الاقتصاد الأوروبي في "إس أند بي غلوبال ماركت إنتليجنس"، كين واترت، إنّ "المشاكل المالية لم تحلّ" على الرغم من تدابير وزارة المالية والمصرف المركزي.

وشدّد على أنّ "تقريب موعد نشر التقديرات هو موضع ترحيب"، لكنه رجّح أن تتضمن الميزانية "هوّة كبيرة" على صعيد التمويل، مشيراً إلى أنّ "تدخّلات المصرف المركزي في هذا السياق هي أشبه بـوضع ضمادة على الجرح من دون مداواته".

تراس: كان علينا إعداد الخطة بشكل أفضل

وأقرت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس، أمس الأحد، بأنّه كان عليها "أن تعدّ بشكل أفضل" لخطة التخفيض الضريبي التي خفضت الضرائب على الأغنياء، ما أثار اضطرابات في السوق.

وذُهل عدد من نواب حزب المحافظين، بمن فيهم أنصار ريشي سوناك، منافسها في الحملة من أجل رئاسة الحزب، بعد خطة التخفيض الضريبي الهائلة التي كشفتها الأسبوع الماضي مع وزير المالية في حكومتها كواسي كوارتينغ.

وأدى إعلان الخطة إلى حالة ذعر في الأسواق، وانخفض سعر صرف الجنيه إلى أدنى مستوى تاريخي، وانتقد صندوق النقد الدولي المشروع بينما اضطر البنك المركزي إلى التدخل بشكل عاجل لتهدئة الأمور.

وبعد أيام من الصمت في مواجهة الموقف، تحدثت تراس إلى عدد من المحطات المحلية، بينما أحدث صمتها المحرج ضجيجاً أكثر من محاولاتها العبثية للدفاع عن سياستها.

وقد اعترفت، منذ يومين، بحدوث "اضطرابات" لكنها استبعدت التراجع عن الخطة. وقالت: "كان علينا اتخاذ إجراءات عاجلة لتنشيط اقتصادنا، ودفع بريطانيا إلى الأمام والتعامل مع التضخم"، متابعةً: "بالطبع هذا يعني اتخاذ قرارات صعبة ومثيرة للجدل، لكنني مستعدة للقيام بذلك كرئيسة للوزراء".

وأضافت تراس أنّ "الشتاء سيكون صعباً لكنني مصممة على فعل كل شيء لمساعدة العائلات والاقتصاد"، مؤكدةً للصحيفة الشعبية "ذا صان" أنها تنوي معالجة قضية الدين العام "بقبضة من حديد".

الديون السيادية البريطانية إلى تصنيف "سلبي"

وكشفت الحكومة في 23 أيلول/سبتمبر، سلسلة إجراءات للموازنة، تجمع بين مساعدات كبرى في فواتير الطاقة وخفض ضرائب يستهدف الطبقات غير الميسورة، لكن كلفتها الهائلة أحدثت اضطراباً في الأسواق المالية.

وكانت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني خفّضت، الخميس، درجة الآفاق الاقتصادية للديون السيادية البريطانية من "مستقرة" إلى "سلبية"، وقالت في بيان إنّ "الحزمة المالية الكبيرة وغير المموّلة التي تمّ الإعلان عنها في إطار خطة النمو الحكومية الجديدة يمكن أن تؤدّي إلى زيادة كبيرة في العجز المالي على المدى المتوسط". 

وتحذو بذلك فيتش حذو وكالة "إس إند بي" التي اتخذت قراراً مماثلاً بعد أن أعلنت حكومة المملكة المتحدة عن برنامج ضخم لخفض الضرائب.

وفي 29 أيلول/سبتمبر، دافعت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس عن خطتها لخفض الضرائب على الرغم من الاضطراب الذي أحدثته في الأسواق المالية، ما أجبر بنك انكلترا المركزي على التدخل لمنع تعريض الاقتصاد لـ"مخاطر جوهرية".

وتولت تراس منصبها قبل أقل من شهر، ووعدت بإعادة تشكيل الاقتصاد البريطاني بشكل جذري لإنهاء سنوات من النمو البطيء. لكن إعلان الحكومة في 23 أيلول/سبتمبر الماضي عن حزمة تحفيز تتضمن تخفيضات ضريبية بقيمة 45 مليار جنيه إسترليني (50 مليار دولار)، يتم سدادها عن طريق الاقتراض الحكومي، أدّى إلى انخفاض الجنيه إلى مستوى قياسي منخفض مقابل الدولار.

اقرأ أيضاً: بريطانيا تتراجع عن خطط لخفض ضريبة الدخل المرتفع

المصدر: الميادين نت + وكالات