كيف أعاد الرئيس الصيني هيكلة جيشه ليصبح القوة الأكبر في العالم؟
بنت الصين أكبر أسطول بحري في العالم، خلال عقد من حكم شي جين بينغ، وأعادت هيكلة أكبر جيش محترف في العالم، وطورت ترسانة نووية وبالستية قادرة على إثارة قلق أعدائها.
مع سعي الدول المجاورة للصين إلى اتباع هذا النمط، من المحتمل أن تترافق ولاية ثالثة من خمس سنوات للرئيس الصيني الحالي مع تسارع في السباق إلى التسلح في منطقة آسيا - المحيط الهادىء.
باتت الصين تملك الآن حاملتي طائرات قيد الخدمة، ومئات الصواريخ البالستية الطويلة المدى ومتوسطة المدى، وآلاف الطائرات المقاتلة، وأكبر قوة بحرية في العالم، متقدمة على الولايات المتحدة.
وتسجل الموازنة العسكرية الصينية ارتفاعاً متزايداً منذ 27 عاماً، بحسب المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم.
وبحسب مجلة "Bulletin of the Atomic Scientists"، فإنّ الصين تمتلك الآن نحو 350 رأساً نووية، أي ضعف الكمية التي كانت تمتلكها خلال الحرب الباردة. وتقدر أجهزة الاستخبارات الأميركية أنّ هذا المخزون قد يتضاعف أكثر ليصل الى 700 رأس بحلول عام 2027. ويتم بناء صوامع صواريخ نووية جديدة في شمال غربي البلاد.
وقال قائد الأسطول السابع لوسائل إعلام أميركية كارل توماس: "لديهم قوة بحرية كبيرة جداً، وإذا أرادوا الترهيب ووضع سفن في محيط تايوان، فيمكنهم القيام بذلك فعلاً".
في الوقت نفسه، فإنّ الترسانة النووية للصين تتزايد بشكل كبير وقد تكون قادرة - بحسب البنتاغون- على إطلاقها من البر والبحر والجو.
وفي شهر تموز/يوليو الماضي، حذّر الرئيس الصيني في خطاب له من أنّ "الشعب الصيني لن يسمح أبداً لأي قوة خارجية بأن تظلمه، أو أن تضطهده أو أن تستعبده، ومن يجرؤ على ذلك سيتحطّم أمام سورٍ فولاذي عظيم بناه 1.4 مليار صيني". وأكّد أنّ زمن التنمر على بلاده قد ولّى إلى غير رجعة.
ووقعت الصين، في كانون الثاني/يناير 2021، تعهداً، إلى جانب روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، من شأنه أن "يقلل خطر اندلاع نزاعٍ نووي".
وأعربت الولايات المتحدة الأميركية عن "قلقها" إزاء تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، مفاده أنَّ الصين باشرت بناء أكثر من 110 صوامع إطلاقٍ لصواريخ بالستية عابرةٍ للقارّات.
وجاء في تقرير للبنتاغون عام 2021 أنّ الصين "هي الخصم الوحيد القادر على الجمع بين قوتها الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية لتشكل تحدياً طويل الأمد لنظام دولي مستقر ومنفتح".
على مدى سنوات، كان جيش التحرير الشعبي يعتبر قديماً وغير فعال، حتى أنّ أحد المؤرخين وصفه بأنّه "أكبر متحف عسكري في العالم". كان مجهزاً بمعدات عسكرية قديمة من صنع الاتحاد السوفياتي السابق، ويستند بشكل أساسي على وحدات مشاة لم يكن أداؤها جيداً على الأرض في الخارج.
وخلال الحرب الكورية، تدخل جيش التحرير الشعبي إلى جانب كوريا الشمالية، وخسر 400 ألف عنصر بحسب الغربيين، أو 180 ألفاً بحسب بكين. وواجه في العام 1979 فيتنام خلال حرب مقتضبة لكن دامية.
حين أصبح شي جين بينغ القائد العام للقوات المسلحة عام 2013، كانت الإصلاحات قد بدأت. وقد بوشرت في سنوات التسعينيات برئاسة جيانغ زيمين.
وقال مالكولم ديفيس، المسؤول السابق في الدفاع الأسترالي، والذي يعمل حالياً في معهد الاستراتيجية السياسية، إنّ "كل اللاعبين الرئيسيين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ يردون بأسرع ما يمكن على تحديث الجيش الصيني".
من جانبها، ترغب كوريا الجنوبية في تطوير قوة بحرية قادرة على العمل قبالة سواحلها، وتخطط أستراليا لشراء ثماني غواصات نووية بمساعدة بريطانية وأميركية بموجب "اتفاق أوكوس".
تتحدث كانبيرا أيضاً عن شراء أسلحة تفوق سرعة الصوت، وصواريخ بالستية طويلة المدى، وحتى قاذفات شبح قادرة على الضرب في أي مكان في العالم بدون أن ترصد. وهنا يقول مالكولم ديفيس إنّ هذه المشاريع تعكس إدراكاً بأنّ الصين لديها قدرة متعاظمة على هندسة المنطقة وفقاً لرغبتها.
وبحسب المسؤول السابق في الدفاع الأسترالي، فإنّ "الحقبة التي كانت تهيمن فيها البحرية الأميركية على البحار في غرب المحيط الهادئ تشارف على نهايتها"، موضحاً: "لم نكن لنرى أوكوس لو أنّ الرئيس الصيني لم يكن موجوداً.. بطريقة ما، لقد أسدى لنا خدمة كبرى".
وشهدت مشتريات الأسلحة ارتفاعاً، من كوريا الجنوبية التي طورت قوتها البحرية في أعماق البحار، إلى أستراليا التي تشتري غواصات نووية.
ويفيد المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، ومقره في لندن، أنّ نفقات الدفاع تجاوزت السنة الماضية التريليون دولار في منطقة آسيا - المحيط الهادىء.
وضاعفت الصين والفيليبين وفيتنام حجم انفاقها العسكري، خلال العقد الماضي، كما أنّ كوريا الجنوبية والهند وباكستان ليست بعيدة عنها. حتى اليابان قدمت هذه السنة موازنة قياسية في مجال الدفاع، منهيةً تحفظها ومتحدثة عن مناخ أمني "يزداد عنفاً".