أمير عبد اللهيان: الأميركيون يعرضون علينا محادثات مباشرة

يقول وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إن بلاده لا تخشى إجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة. لكن يجب أن يشعروا بأنه سيكون هناك نوع من المكاسب لإيران في تلك المحادثات.
  • عبد اللهيان وجوزيب بوريل خلال محادثات سابقة في شأن إحياء الاتفاق النووي.

ناقش وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان المحادثات النووية وآفاق تبادل الأسرى بين أميركا وإيران والاحتجاجات التي أعقبت وفاة مهسا أميني في إيران، وذلك في مقابلة حصرية مع موقع "المونيتور" الأميركي على هامش مشاركته في أعمال الهيئة العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وفي ما يلي أبرز ما جاء في الحوار المطول الذي أجراه رئيس تحرير "المونيتور" أندرو بارسيليتي ومراسة الموقع إليزابيث هاجدورن: 

المونيتور: يبدو أن التحقيق المتعلق بضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية يمثل نقطة شائكة رئيسة في حلّ (مسألة العودة إلى) "خطة العمل الشاملة المشتركة". أليس الجواب هو في اتفاق لإشراك الوكالة في مسار منفصل؟ حدث هذا عام 2015 عندما أسفر التحقيق في الأبعاد العسكرية السابقة لبرنامج إيران النووي عن قرار منفصل للوكالة الدولية للطاقة الذرية ومسار للسماح بتنفيذ "خطة العمل الشاملة المشتركة".

عبد اللهيان: ليس لدينا مشكلة في التعاون أو التفاعل مع الوكالة، وأنت تعلم أن تعاوننا لا يزال مستمراً، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالضمانات. كاميرات الوكالة موجودة، وهم يراقبوننا. هل تعلم ماذا فعلنا؟ لقد أزلنا تلك الكاميرات التي جرى تركيبها طواعية، لقد قمنا بوقف تشغيلها، وتلك هي التي قمنا بتركيبها طواعية لا علاقة لها بكاميرات المراقبة الأخرى.

إن هذا الإجراء جاء انتقاماً للقرار الذي صدر ضدنا قبل نحو 4 أشهر في الوكالة، وأعتقد أنه كان خطأ ارتكبه الأميركيون والدول الأوروبية الثلاث، لقد كنا في خضم المفاوضات وفجأة قدموا قراراً ضد إيران.

نحن سنواصل بالتأكيد تعاوننا مع الوكالة، لدى الوكالة أسئلة تتعلق بـ3 مواقع مزعومة تقول إنها عثرت فيها على يورانيوم، ونحن مستعدون لتقديم إجابات عن هذه الأسئلة، لكننا نؤمن بشدة في الوقت نفسه بأن الوكالة بحاجة إلى التصرف على نحو تقني. المشكلة التي نواجهها مع الوكالة هي حقيقة أنهم يتصرفون سياسياً. لذلك إذا اختارت الوكالة التركيز على القضايا الفنية فقط، فسنحاول بالتأكيد تعزيز تعاوننا ونزيد عليه.

في عام 2015 حدث شيء ما، كانت هناك إرادة سياسية، وكان هناك قرار سياسي اتُّخذ آنذاك. لقد كانت بين إيران والدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة، وساعدت هذه الإرادة السياسية على وضع اللمسات الأخيرة على "خطة العمل الشاملة المشتركة". كنا من ناحية في طريقنا، ونحن مستعدون ومتشوقون إلى التعاون مع الوكالة لتقديم إجابات عن تلك الادعاءات والمزاعم. ومن ناحية أخرى، نريد إرادة سياسية مماثلة، أخبرتك أنها كانت موجودة عام 2015، فلتكن هناك هذه المرة أيضاً.

لعلك تعلم أن نشاطاتنا، نشاطاتنا النووية، تشكل كلها نحو 2% من النشاطات النووية العالمية، وكلها تدخل في إطار سلمي. ولكن ماذا عن المراقبة التي تُجرى علينا؟ 37% من عمليات المراقبة التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تجرى علينا. هذا يعني أنه بعد عودة جميع الأطراف إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة"، سيتعين علينا مرة أخرى منح الوكالة حق الوصول الكامل. وأعني بذلك الوصول الذي يتجاوز الضمانات. من الطبيعي إزالة هذه المزاعم الحالية التي لا أساس لها ضد إيران التي وُضعت على جدول أعمال الوكالة أولاً، لكن يجب أن يكون هناك بعض العمل الفني، وبالتوازي مع ذلك، تماماً كما في عام 2015، يجب أن تكون هناك إرادة سياسية لإغلاق ملف هذه الادعاءات.

المونيتور: أنت تقول إنكم مستعدون الآن للانخراط تقنياً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لحل هذه المشكلة؟

عبد اللهيان: بالتأكيد.

المونيتور: أريد أن أسأل عن الضمانات، لكنني سأقاربها بطريقة مختلفة. أعربت بلادك عن مخاوفها في شأن الضمانات بأن انتخاب رئيس جمهوري أميركي عام 2024، أو حتى "غروب الشمس" في "خطة العمل الشاملة المشتركة" عام 2025، قد يؤدي إلى إعادة فرض الولايات المتحدة للعقوبات، حتى لو امتثلت إيران للاتفاق، كما حدث عام 2018. لذا فالوقت قصير جداً. ربما تكون هناك طريقة أخرى للنظر في الضمانات إذا ما انخرطت إيران مع الولايات المتحدة والشركاء الإقليميين في عدد من القضايا -اليمن ولبنان والعراق وسوريا- إذ يبدو أن هناك مصالح مشتركة تضمن الاستقرار والتقدم. ألن يلاحظ شركاء الولايات المتحدة هذا التغيير في المنطقة، ويكون بمثابة علامة على حسن النية وكنوع من الضمان؟

عبد اللهيان: عندما نتحدث عن الضمانات فإننا نشير في الواقع إلى الخبرة التي اكتسبناها في الماضي. كما تعلم، فإن قرار (الرئيس الأميركي السابق دونالد) ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي كان بمثابة انتهاك للقواعد واللوائح الدولية. ما نواجهه هو أن الأميركيين يخبروننا بأنهم لا يستطيعون ضمان الإدارة المقبلة في الولايات المتحدة. لكنك تعلم أن هذا يتعارض والأعراف والاتفاقيات الدولية. عندما يجري توقيع شيء ما بين الأطراف المختلفة، فهذا يعني أنه ليس بين الحكومات أو الإدارات فقط. وهو يكون بين الأنظمة الحاكمة في تلك البلدان.

لقد شارك زملائي في المفاوضات منذ شهور في فيينا. أنا أيضًا على اتصال دائم بعدد من الأشخاص لبحث كيفية العودة إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة". وكلما تحدثنا عن ضمانات، أخبرنا الأميركيون أنه على الأكثر، أو في أقصى ضمانة، يمكننا أن نقدمه لك سيكون سارياً حتى نهاية إدارة الرئيس جو بايدن.

إذن، ما نوع الرسالة التي ترسلها إلى تلك الشركات، التي ستقوم باستثمارات في إيران فور إحياء "خطة العمل الشاملة المشتركة"؟ إنه يعطي هذه الرسالة لهم وهذا الانطباع بأن ليس لديك كثير من الوقت للاستثمار في إيران.

في مؤتمر ميونيخ الأمني ​​الذي حضرته منذ بعض الوقت، اجتمعت ببعض المديرين والمديرين التنفيذيين لشركات أوروبية كبيرة... أخبرنا جميعهم أنه إذا كانت الشروط والأحكام قصيرة الأجل، فلن نتمكن من القيام باستثمارات جيدة في إيران. لكن دعني أخبرك أنه في الأسابيع الماضية ونتيجة للرسائل المتبادلة بيننا وبين الأميركيين، كان هناك بعض التقدم بهذا الصدد، في شأن الضمانات ومدة الاتفاقيات، لكننا لا نزال بعيدين من نقطة مثالية.

المونيتور: وماذا عن السياسات الإقليمية؟ أعني، أليس هذا أيضاً مؤشراً عما إذا كانت إيران منخرطة فيها كدليل على حسن النية؟

عبد اللهيان: أولاً وقبل كل شيء، كنا دائماً في الجانب الإيجابي للتطورات في المنطقة. لاحظ ما يحدث تجاه مكافحة الإرهاب مثلاً. ما الذي كنا نفعله من جانبنا، وما الذي تفعله الولايات المتحدة من جانبها؟ في تلك الحملات الانتخابية، الحملات الرئاسية (الأميركية)، أخبر أحد المرشحين الآخر بأنهم (أي الأميركيين) من أنشأ تنظيم داعش. لكننا نحن الإيرانيين حاربنا "داعش" في العراق وسوريا. فلو تمكن هذا التنظيم من السيطرة على هذين البلدين، لبدت المنطقة مختلفة الآن. ولو وصلوا إلى السلطة في منطقتنا، لما كانت أي من محطات المترو في أوروبا والولايات المتحدة آمنة.

لذلك، كنا دائماً داعمين لأمن المنطقة واستقرارها، و[للدول] التي سميتها. ودائماً ما شجّعنا دول المنطقة على التعاون فيما بينها من خلال الحوار. كما دعمنا عملية بناء الحكومة في العراق. نحن من شجع جميع الأطراف والجماعات في اليمن على الموافقة على وقف إطلاق النار. وفي أفغانستان، كانت السياسة الأميركية خاطئة. اليوم، هناك خمسة ملايين لاجئ أفغاني يعيشون في إيران، وهذا نتيجة سياسات الولايات المتحدة الخطأ. غير مفهوم بعض سياسات الولايات المتحدة في منطقتي.

وأردف عبد اللهيان: ذات يوم قالوا إنهم يريدون إسقاط نظام "طالبان"، وبهذه الذريعة احتلوا أفغانستان، وبعد 20 عاماً، أجروا محادثات معهم في الدوحة وتركوا أفغانستان وراءهم بأيدي "طالبان"، والآن هناك حزب حاكم واحد مثل البشتون. ما يقوله لنا عناصر "طالبان" هو أننا طردنا الأميركيين من أفغانستان. لكنني أخبرتهم بأنكم جلستم مع الأميركيين في الدوحة وتوصلتم إلى اتفاق معهم.

باختصار، أقول لكم إننا كنا دائماً في الجانب الإيجابي. نرحب دائماً بالمبادرات الجديدة التي تتماشى وضمان السلام والأمن في المنطقة أو المساهمة فيهما، وخصوضاً تلك التي تقوم بها الأمم المتحدة. أجري مشاورات منتظمة ومكالمات هاتفية مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مرة في الشهر أو مرة كل 40 يوماً. لكن الآن ما نعنيه بالضمانات لا علاقة له بقضايا المنطقة.

لقد أجرينا مفاوضات عام 2015، ووصلنا إلى خطة العمل المشتركة الشاملة. وكان لدينا هدف واحد محدد. أردنا رفع العقوبات ورفعها حتى يستفيد الشعب الإيراني من المكاسب الاقتصادية للصفقة. لذلك عندما نقول ضمانات، فهذا يعني أننا نريد ضمانات أنه عندما نعود إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، فإن مكاسبنا الاقتصادية سوف يشعر بها الناس، وستكون ملموسة. وبالطبع جرى تبادل كثير من الرسائل بيننا وبين الأميركيين ولا يزال ذلك قائماً. أعتقد أن الجانب الأميركي يتفهم الآن جيداً مواقفنا ومنطقنا، ولكن لدي شعور بأنه لأسباب مختلفة، لم تصل الولايات المتحدة إلى النقطة التي تكون فيها على استعداد لتحمل الشجاعة الكافية لاتخاذ هذا القرار.

المونيتور: حول هذه النقطة، لماذا لا تتعاملون مباشرة مع الولايات المتحدة لتسوية هذه النقاط النهائية؟ أليست قضية المحادثات غير المباشرة مرهقة بعض الشيء؟ لماذا تخشى إيران إجراء محادثات وجاهية مع الأميركيين؟

عبد اللهيان: لا نخشى إجراء محادثات وجاهية مع الولايات المتحدة. لكن يجب أن نشعر بأن ذلك سيغيّر قواعد اللعبة، أي سيكون هناك نوع من المكاسب لنا، نوع من الفوائد لنا في تلك المحادثات. افترض أن شيئاً كبيراً سيحدث نتيجة لمثل هذه المحادثات. هناك طريق وأفق واضحان. لقد تأكد لنا أنه إذا كان لدينا مثل هذا النوع من الحديث المباشر، فيجب أن تكون هناك فائدة كبيرة لنا ولشعبنا في نهاية المحادثات. كنتيجة لهذه المحادثات، فإن أفضل سيناريو هو أنه سيجري رفع العقوبات الثانوية فقط، لكن العقوبات الأساسية ستبقى. فإذا كان كل شيء وردياً وكانت خطة العمل المشتركة الشاملة تعمل جيداً..

أعتقد أنه إذا كان الأميركيون جادين، وأنهم على استعداد لإظهار استعدادهم ورغبتهم في العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، فإن هذه الرسائل ستكون كافية. رسائلهم الشفوية، بعضها بصيغة مكتوبة.. وهذا يكفي. حتى هنا على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، تلقينا رسالة من الأميركيين: "لنتحدث مباشرة"، كل الحساسيات وكل الأشياء التي رأيناها من الولايات المتحدة في السنوات الأربعين الماضية.. بالنظر إلى كل ذلك، عليك أن تمنحنا الحق في توقع شيء كبير يأتي من مثل هذه المحادثات وهو ما لا نراه.. هذا ما يحدث الآن.

نتلقى الآن رسائل من الولايات المتحدة بسبب شيء حدث في إيران أخيراً ماتت فتاة وحزنّا كلنا على ذلك. تحدث الرئيس رئيسي إلى والد الفتاة، أفرع السلطة في إيران تعمل جميعاً لمعرفة ما حدث للفتاة، ولكشف النقاب عن الحقيقة: القضاء، الحكومة، البرلمان. ولكن يجري استخدام المشاعر النقية للشعب الإيراني.

ودعونا لا ننسى أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات جديدة على إيران الشهر الماضي، لكنهم يقولون الآن إنهم سيرفعون العقوبات عن الأشياء التي تتعلق بالاتصالات والإنترنت. لماذا؟ لأنهم يريدون التدخل في شؤوننا الداخلية.

قبل بضع سنوات، ارتكب السيد (باراك) أوباما الخطأ نفسه. كتب السيد أوباما رسالة موجهة إلى أعلى مسؤول في بلدي، تحدث عن الصداقة، تحدث عن الحوار والمحادثات، لكن شيئًا ما حدث في شوارع طهران، وعلى الفور ألقى خطاباً وتدخل في شؤوننا. تحدث عن تغيير النظام في إيران.

حالياً، لدينا شعور بأن بعض المسؤولين ووسائل الإعلام الأميركية يستفزون الشعب الإيراني لإحداث اضطراب، وأنت تعلم أن حالات وحوادث أسوأ بكثير حدثت في الولايات المتحدة، العشرات منها. ووقعت حوادث أيضاً في دول غربية أخرى، كثير منها لم يجرِ حتى التحقيق فيه. لذلك، من أجل إجراء أي نوع من المحادثات مع الولايات المتحدة، يجب أن نرى نوعًا من الفائدة فيها.

المونيتور: دعني أتحدث عن الحادثة التي تتحدث عنها. مع وصولنا اليوم، قُتل أكثر من 50 شخصاً على أيدي قوات الأمن وقوات الشرطة من المشاركين في الاحتجاجات المناهضة للحكومة، رداً على وفاة مهسا أميني في الحجز. هناك الآن تقارير تفيد بأن حكومتك تقيّد الوصول إلى الإنترنت. أقل أهمية في اعتقادي من رد فعل الولايات المتحدة على ما يحدث في إيران هو رد فعل الإيرانيين. أليس من المحتمل أن تدرك حكومتك أن الناس يقولون كفى، وأن تخفف قيود الحجاب وفرض الأخلاق، وربما تلغي شرطة الأخلاق؟ 

عبد اللهيان: اقتراحي لك هو زيارة إيران لترى ما يجري في شوارع طهران: حرية التعبير، وحرية الناس في فعل ما يريدون، وكذلك الحجاب. الحجاب، كما تعلمون، تضعه (النساء) بالطريقة التي يحببنها. لكن بالطبع هناك هذا الإطار العام. أؤكد لك أنك ستحصل على إجابات عن أسئلتك تلقائياً.

أي نوع من التفسيرات التي أحاول تقديمها إليك هنا لن تكون كافيةً بالنسبة إليك لأنك تحت تأثير بعض التلفيقات في وسائل التواصل الاجتماعي.. لكني أقول لكم إن هناك ديمقراطية كاملة في إيران. يجب أن تراها بنفسك. ماذا حدث في الولايات المتحدة عندما حاولوا الاستيلاء على الكونغرس؟ لقد حاولتم السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى وصول رئيسك إلى تويتر؟ لماذا فعلتم ذلك؟ من أجل أمن الوطن.

إن من الحق الطبيعي لجميع الناس في العالم أن تكون لديهم احتجاجات سلمية. لكن القتل وإضرام النار والعنف، شيء لن تدعمه أي حكومة، لذا مهما كان السؤال الذي تطرحه عليّ، سأطرحه على هذا النحو: لماذا قاموا بذلك في الولايات المتحدة على هذا النحو، وكان أسوأ مما فعلناه؟ دعني أصحح لك. هؤلاء لم يُقتلوا جميعهم على يد قوات الأمن. قتل مثيرو الشغب كثيرين منهم، مثل جماعة مجاهدي خلق الإرهابية. يعيش أفراد منهم بحرية في الولايات المتحدة وأوروبا. 

المونيتور: أعتقد لمن يشاهد هذه الصور منّا في الخارج، أنّ ضرب النساء مقلق؟ 

عبد اللهيان: بعض هذه الصور ملفقة. عليك أن تعرف أنهم يتفاعلون مع المشاغبين. هل تجلس هنا في مزاج مريح جداً إذا جاء شخص ما وحاول إضرام النار فيه؟ عليك مواجهته. عليك أن ترد على أعمال الشغب بطريقة قوية وصارمة. لكن يمكنني الآن أن أخبرك أن الوضع تحت السيطرة كلياً. ما حدث في اليوم الأول من الاحتجاجات، كان ذلك هو انفعالات الناس ومشاعرهم. لم يجرِ إحراق أي سيارة، ولم يكن هناك نهب، ولم يتضرر أي مصرف.

الآن كل تلك القنوات الفضائية وتلك الشبكات وقنوات الإنترنت، تشجع الناس على نزول الشوارع للقيام بأعمال شغب وتغيير النظام. لذا فهم جميعاً مستجيبون لـ(تدخلات) الولايات المتحدة، وبعضهم لدول أوروبية، وبعضهم لدولة معينة في منطقتنا. وبسبب تدخلهم اتسعت أبعاد هذه الحادثة واتسعت انتشارها في الرأي العام.

المونيتور: دعني أعود إلى الاتفاق النووي الإيراني. في غياب المحادثات المباشرة، هل تدعمون مساراً آخر غير مباشر؟

عبد اللهيان: لقد نقلنا مقترحاتنا النهائية إلى الجانب الآخر، وفي تلك المقترحات، لم نحاول تعديل أو تغيير محتويات المفاوضات بأي شكل من الأشكال، ولم نخلّ بالتوازن في النص. لقد حاولنا فقط أن نجعلها تبدو أقوى فقط في القضايا الثلاث المتبقية. هذه هي الاختلافات التي لدينا مع نسخة الأميركيين.

بداية، أساس كلتا النسختين هو النصوص التي اقترحها السيد جوزيب بوريل. لذلك جرى تسليمهما لكلا الجانبين من قبل السيد بوريل. قام الجانب الأميركي بفحص النص طوال 10 أيام وحاول جعل النص غامضاً إلى حد ما.. كان عرضة لكثير من التفسيرات. يمكنك تفسيرها بطرق مختلفة.. نحاول أن نجعلها شفافة وأن نجعلها تتغير بطريقة لا يمكن استخلاص أي تفسيرات أخرى منها. إذن، فيما يتعلق بهذه القضايا الثلاث أو الأربع المعلقة، قدمنا ​​نسخة من النص واضحة وضوح الشمس وشفافة جداً. أعتقد أنه إذا قرأها الجانب الأميركي بعناية، وإذا كانت لديه نية حقيقية للعودة إلى الاتفاق، فسيكون على ما يرام معها. لأن المسار محدد على نحو واضح جداً.

ولكن إذا شعر الجانب الأميركي بأن هناك حاجة إلى إجراء جولة أخرى من المحادثات بواسطة المنسقين، أعني جوزيب بوريل والاتحاد الأوروبي، فلن نرفض ذلك. أو يمكننا الاستمرار في فعل ما كنا نفعله، وتبادل الرسائل ثم التوصل إلى تفاهم. نريد حقاً أن يحدث هذا، ونحن جادون جداً في شأنه. لهذا السبب كنا نتحادث للحصول على اتفاق.. وكلما كانت هناك تصريحات في أثناء المفاوضات، حاولنا الخروج بمبادراتنا الخاصة لإنقاذ الاتفاق، والحفاظ على استمرار المفاوضات.

إن المفاوضين الأميركيين والأوروبيين يستخدمون عبارتين في أثناء المحادثات. عندما تكون هناك مشكلة شائكة أو مشكلة يمكن حلها بطريقة بسيطة جداً، ونقول حسناً، لنبدأ بحلها لأنه يمكننا حلها. إنها بسيطة جداً يمكنكم القيام بذلك بسهولة. يقولون لا، إنها مثل الحزمة. يجب النظر إلى كل شيء كحزمة واحدة. أعني أنهم يجعلون الأمور معقدة، ويربطونها كلها معاً، مثل سؤالك. نريد العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة لأننا نريد الحصول على مكاسب اقتصادية. تسألني ألا تعتقد أن الضمان موجود في لبنان وسوريا والعراق؟ هذان أمران منفصلان.

والشيء الثاني هو أنهم قالوا: هذا كل ما يمكننا تقديمه. وأطالوا المحادثات ثلاثة أشهر أخرى. هذا ما كان بإمكانهم فعله، الشيء نفسه قبل ثلاثة أشهر، عندما قالوا إن هذا كل ما يمكننا فعله، ويمكننا تقديمه. عندما نواجه هذا النوع من السلوك، نسأل أنفسنا باستمرار، هل هم يريدون حقاً التوصل إلى اتفاق؟ وفي خضم المحادثات، لا نزال نسمع منهم أن الولايات المتحدة تواجه قضايا داخلية، وسيكون هناك نوع من الانتخابات. (نحن كذلك) لدينا مشكلاتنا الداخلية. يجري استدعائي إلى البرلمان كل أسبوع تقريباً، وهناك هؤلاء البرلمانيون الغاضبون. لا بد لي من المثول أمامهم والتحدث إليهم ومحاولة إسعادهم في شأن المحادثات.

كتاب الأعمدة يكتبون ضدنا، أعتقد أننا نواجه وضعاً بالصعوبة نفسها، إن لم يكن أكثر صعوبة. لكن كنا نظهر على طاولة المفاوضات بشجاعة وصورة منطقية ولم نغادرها قطّ لكننا نتلقى كثيراً من الرسائل من الولايات المتحدة تخبرنا بأن لديهم نيان حسنة للتوصل إلى الاتفاق. نأمل أنهم كذلك.. سوف نرى هذا أيضاً في الممارسة. نحن جادون وأضمن لكم الوصول إلى اتفاق قوي ودائم.

المونيتور: حول إمكان تبادل الأسرى بين المواطنين المزدوجي الجنسية عماد شرقي ومراد طهباز وباقر وسياماك نمازي، أين تقف هذه المحادثات؟ وهل ترى اتفاقاً بشأن ذلك من دون (العودة إلى) خطة العمل الشاملة المشتركة؟ هل هذا ممكن؟

عبد اللهيان: لا نرى أي ارتباط، ولا علاقة بين هذه القضية الإنسانية، وهي قضية أسرى وخطة العمل الشاملة المشتركة. لذلك نحن مستعدون كلياً لتبادل الأسرى هذا لأننا نعتقد أنه شيء إنساني. قلنا هذا أيضاً للأميركيين.

المونيتور: ماذا تنتظرون؟ ما المشكلة؟

عبد اللهيان: عليك أن تلوم جانبك (الأميركي).. إنهم بطيئون جداً في الاستجابة لذلك. لا أعرف نوع المشكلات التي يواجهونها. متى قالوا إنهم مستعدون .. بمجرد أن يقولوا ذلك ونحن جاهزون، يمكننا القيام بذلك. لكني متفائل. أعتقد أنه يمكن اتخاذ خطوات إيجابية فيما يتعلق بتبادل المعتقلين أو الأسرى. لكن الأمر متروك للأميركيين. علينا أن نرى ما إذا كانوا سيصبحون متعاونين فعلاً أم لا. من دون أي نوع من العلاقة بالاتفاق النووي، نحن مستعدون. هذه قضية إنسانية تماماً.

المونيتور: إذا كانت مسألة إنسانية، فلماذا لا يترك باقر نمازي يخرج من البلاد للعلاج؟

عبد اللهيان: وهو يتلقى كل التسهيلات بخدمات شخصيات مهمة (VIP) لديه خدمات طبية مهمة مقدمة له. كان هناك وصول قنصلي إليه. أفراد الأسرة هناك دائماً وبانتظام. أعتقد أنه يمكن تبادله (مع معتقل آخر) بسهولة. طبعاً هذا بيد رجال القضاء لدينا. لكني متفائل.

المونيتور: حضرة الوزير، أعرف أن الوقت قصير. جرت خمس جولات من اللقاءات بين ممثلين إيرانيين وسعوديين في العراق. أخبرنا رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الذي أجرى المونيتور مقابلة معه الأسبوع الماضي، أنه يأمل إجراء جولة أخرى قريباً. متى نتوقع جولة المحادثات المقبلة؟ ومتى ترى إمكان توقيت لقائك مع وزير الخارجية السعودي أو تجديد العلاقات بين البلدين؟ يعتقد بعض الناس أنه ربما حصل اجتماع (بينكما) خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل بضعة أسابيع.

عبد اللهيان: كانت هناك خمس جولات من المحادثات بيننا وبين السعوديين في بغداد. جرى تحقيق بعض الاتفاقيات. جرى تنفيذ بعضها. لا يزال بعضها غير مطبق. نرحّب بفكرة العلاقات الدبلوماسية والعودة إلى طبيعتها. اجتمعت بالأمس بوزير الخارجية العراقي. أجرينا مناقشات جيدة حول الخطوات التالية لاستعادة العلاقات الدبلوماسية. ونرحب جميعاً بفكرة إعادة فتح سفارتينا. لقد أبقينا على الدوام النافذة الدبلوماسية مفتوحة بيننا ومفتوحة لعودة الطرفين إلى العلاقات الدبلوماسية.

المونيتور: هل تبيع إيران طائرات مسيّرة لروسيا لاستخدامها في أوكرانيا؟

عبد اللهيان: لدينا اتفاق للتعاون الدفاعي مع روسيا. لكننا لا ندعم أياً من الجانبين في الحرب الأوكرانية التي ستؤدي إلى استمرار الحرب. نحن نعارض بشدة أي نوع من الحرب سواء أكانت في أوكرانيا أم في اليمن أو في فلسطين. وقد شاركنا أيضًا في مساعٍ لإحلال السلام ووقف إطلاق النار في أوكرانيا. نعتقد أن من الخطأ أن يرسل أي طرف أسلحة إلى أوكرانيا أو روسيا. وسنواصل مساعدة الحوار السياسي وحل هذه الأزمة من خلال المحادثات السياسية. 

نقله إلى العربية بتصرف: الميادين نت

المصدر: المونيتور