حروب الظل لا تنتهي.. "الموت لإسرائيل" في طهران يبدد أحلام "تل أبيب"

"إسرائيل" تحاول دعم مثيري الشغب في إيران، استخبارياً، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكنّ محاولاتها باءت بالفشل، نتيجة قدرة السلطات في طهران على احتواء الموقف أمنياً، وسياسياً، واجتماعياً.
  • اعترفت اسرائيل بالقوة الأمنية لدى النظام الإيراني 

لطالما كانت التجاذبات الإيرانية الداخلية، مادةً دسمة للإسرائيليين، حاولوا من خلالها التأثير إما عبر استخباراتهم على الأرض، أو عبر "السوشال ميديا"، لتوجيه جزء من الشعب ضد النظام بأكمله. وكما في كل مرة، سريعاً ما تبوء محاولاتهم بالفشل، وفق الإعلام الإسرائيلي، الذي أقرّ بأن واشنطن و"تل أبيب" لم تتمكنا من تحقيق أهدافهما من التظاهرات الأخيرة، "نتيجة قدرة السلطات في طهران على احتواء الموقف أمنياً، وسياسياً، واجتماعياً". 

واليوم، مع قضية وفاة مهسا أميني، وأعمال الشغب التي رافقتها، عاد الحديث مرةً أخرى عن الدور الإسرائيلي في تأجيج الوضع، والحث على إثارة شغب وصل إلى الاعتداء على المرافق الدينية، والصحية، والمراكز العسكرية.

دور إسرائيلي، يقوم بتنفيذه على الأرض، بحسب تصريحات إسرائيلية سابقة، حزب "كوملة"، الذي تم اليوم اعتقال عناصر تابعين له. من جهتها، أكدت وزارة الاستخبارات الإيرانية أنهم مدربون على إثارة أعمال الشغب. وبحسب ما أوضحته النيابة العامة، فإن هجوم مثيري الشغب على قوات الشرطة والأمن، أدى إلى إصابة 76 شخصاً، إضافةً إلى إصابة عدد من الأبرياء.

وبالتوازي مع إعلان اعتقال عناصر من حزب "كوملة"، قام حرس الثورة بموجة قصف جديدة، وبشكل كثيف، باتجاه مقرات الارهابيين الانفصاليين في كردستان العراق. كان القصف قد بدأ أمس، في إثر اكتشاف الحرس أن مجموعات عدة كانت تحاول إدخال أسلحة إلى المدن الحدودية، وإثارة الشغب في إيران.

تتصاعد "حروب الظل" بين إيران و"إسرائيل"، كل فترة وأخرى. وقبل شهرين، أعلن وزير الاستخبارات الإيراني، إسماعيل خطيب، أن وزارته تمكنت خلال الأشهر الأخيرة من تنفيذ "عمليات ناجحة" ضد "إسرائيل"، من دون الكشف عن تفاصيلها، معدّاً  ذلك "دليلاً على القوة الأمنية للجمهورية الإسلامية الإيرانية". بعدها، وفي بيان لاحق، أعلنت الوزارة نفسها أن "العملاء" الذين تم اعتقالهم هم أعضاء في حزب "كوملة" الكردي المعارض المصنف في إيران "منظمة إرهابية"، قائلة إن "الموساد الإسرائيلي كلّف المجموعة بتنفيذ عمليات في إيران".

وبحسب إعلان وزارة الاستخبارات الإيرانية، فإن أعضاء هذه الشبكة يستخدمون "أحدث معدات التشغيل والاتصالات، وأقوى المواد المتفجرة"، بهدف القيام بأعمال تخريبية في بعض النقاط الحساسة والأهداف المحددة سلفاً.

لكن اليوم، وبعد تداعيات قضية أميني، وما تبعها من أحداث في مختلف المدن الإيرانية، تراجعت كل التحركات الاحتجاجية بنسبة 90% في أغلبية أنحاء إيران.  إعلان شبه رسمي من قبل إيران، أصاب الأوساط الإسرائيلية، كمراهن دائم على تغييرات من الداخل الإيراني، بخيبة أمل كبيرة.

تنوعت ردات الفعل في "تل أبيب"، ولكنها صبّت كلها في اتجاه واحد: الفشل في التغيير داخل إيران. مثلاً، تساءل راز تسيمت، وهو خبير في الشأن الإيراني وباحث  في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي عما إذا  كانت الاحتجاجات في إيران ستؤدي الى إحداث تغيير، و أجاب: "من الصعب الجزم، ولكن تقديري أن الأفضلية هي لقوة النظام".

كما وافقته تمار غيندن، خبيرة في الشأن الإيراني من مركز "عيزري" في جامعة حيفا، قائلة: "أفضل القول، كما كل المحللين، إن هذا الاحتجاج لن يؤدي إلى التغيير. في كل مرة، يقال إن هذا هو الاحتجاج الذي سيحدث التغيير. آمل أن يأتي منه الخلاص، لكن لا أستطيع أن أضمن ذلك". 

من جهته، قال إيهود يعري، معلق الشؤون العربية في القناة "12": "للأسف الشديد، نجحت السلطات في إيران في وضع بطانية ثقيلة على موجة الاحتجاجات في إيران، والتي تضمنت هجمات ضد مراكز حكومية، واعتداءات بزجاجات حارقة. يبذل الأميركيون جهوداً لفتح الإنترنت الذي حجبته السلطات الإيرانية لتعطيل شبكات التواصل الاجتماعي، لكن هذا لم يساعد. ونحن نرى تراجعاً واضحاً جداً في حجم التظاهرات وقوتها، وأيضاً في الجانب العنيف منها".

في الوقت الذي لم يفوت خبراء إسرائيليون "فرصة الأحداث" في إيران لتوظيفها في خدمة المصالح الإسرائيلية، نزل المتظاهرون المؤيدون لنظام الجمهورية في إيران وهتفوا "الموت لأميركا" و"الموت لإسرائيل". شعاران احتشد خلفهما داعمو النظام، ورافضو أعمال الشغب التي لم تبدأ بطريقة عفوية، ليثبتوا أن الدولة وكيانها لا يزالان عصباً واحداً.

المصدر: وكالات + الميادين نت