3 ملايين طفل ألماني تحت مظلة الفقر
تعدّ ألمانيا من الدول التي تمتلك أهمّ الاقتصادات في العالم، ولكن وعلى الرغم من ذلك، فإنّ الخيارات السياسية الأخيرة التي اتخذتها حكومتها بالتزامن مع الأحداث العالمية خلال السنوات القليلة الماضية أثّرت سلباً على الاقتصاد الألماني القائم على التصدير.
ويعيش حالياً في ألمانيا ما يقرب من 3 ملايين طفل في أسر فقيرة، تفاقمت معاناتها مع ارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة ثقلها على الآباء.
وفي حديث لـ "الأناضول"، كشف بيرند سيجيلكو، مؤسس جمعية "أرشي" الخيرية للأطفال، أن "عدد العائلات التي تتقدم بطلبات دعم للمؤسسة ترتفع بشكلٍ مطرد".
وقال إنّ "الجمعية تدعم آلاف الأسر الفقيرة وأطفالهم في ألمانيا، حيث تساعد في تلبية الاحتياجات الأساسية للأطفال، كما تقدم وجبات ساخنة ومطبوخة، إضافة إلى الدعم التعليمي".
وقال سيجيلكو إنّ "الكثير من العائلات تأتي إلى الجمعية طلباً للدعم"، معرباً عن أسفه إزاء "تخاذل الحكومة وعدم فعلها ما يكفي لمعالجة المشكلة".
وأضاف: "يتعيّن على السلطات التحرك فوراً، وعدم الانتظار إلى العام المقبل، لكن يبدو أنه لا أحد سيفعل شيئاً حتى يموت أحد الأطفال في ألمانيا من الجوع".
وأشار إلى "عدم وجود دعم كاف للفقراء في ألمانيا"، مضيفاً أنّ "بنوك الطعام لم تعد تقبل المزيد من الناس".
تداعيات ارتفاع أسعار الطاقة
ولفت سيجيلكو إلى أنّ "التضخم وارتفاع أسعار الطاقة يجعلان من الصعب على العائلات تحمّل الاحتياجات الأساسية".
وتوقّع أن يزداد عدد العائلات التي ستطلب مساعدة جمعيته "من أجل دعم أطفالهم وتوفير الاحتياجات الأساسية لهم"، مشيراً إلى أنّ "تردّي الأوضاع الاقتصادية للعائلات لا سيّما الفقيرة منها بدأ منذ الربيع الماضي، حيث تواصل أسعار السلع والخدمات الارتفاع".
وتابع: "منذ ذلك الحين، لم تتمكن العديد من العائلات من التعامل مع الأوضاع، كثير منهم يعملون بأجور منخفضة، الأغنياء يزدادون ثراءً والفقراء يصبحون أكثر فقراً".
برنامج الدولة لا يكفي
وتحدّث سيجيلكو عن محاولات العديد من الأسر الفقيرة التوصل إلى سبل لخفض الإنفاق، حتى وإن "حملت هذه المساعي آثاراً سلبية على الأطفال".
وأوضح أنه "إذا استمرّت الأسعار بالارتفاع على هذا النحو، سيزداد عدد الأطفال الذي يذهبون إلى مدارسهم دون تناول أي وجبة إفطار".
ووفقاً للتقديرات، سيتعيّن على الأسر في ألمانيا دفع حوالي 3500 يورو (3500 دولار) كتكاليف للحصول على الغاز خلال فصل الشتاء، وهو ما يقرب من 3 أضعاف ما دفعته هذه الأسر خلال العام الماضي.
وعلى هذا النحو، أعرب سيجيلكو عن حاجة ألمانيا إلى "قيادة رشيدة"، مؤكداً ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز دعم الآباء العاطلين من العمل والأسر الفقيرة والأطفال.
وقال: "أعتقد أنّ بلادنا تفتقر إلى القيادة، السياسيون يختبئون عندما يتعلق الأمر بقضايا مهمة، يتحدثون ولا يتصرفون".
وأضاف: "آمل أن يروا أنّ لدينا مشكلة فقر بين الأطفال في هذا البلد، وأن عدد الأطفال المتضررين آخذ في الازدياد".
وختم سيجيلكو بالتشديد على أنّ "برنامج الدولة لدعم الآباء العاطلين من العمل والأسر الفقيرة لا يكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية، وطالب بتنفيذ "إجراءات أكثر جدية" بينها الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة على المواد الغذائية لمدة ستة أشهر على الأقل.
أوروبا تعاني جراء اتباعها السياسات الأميركية
ويشار إلى أن التضخم في ألمانيا بلغ 7.9 بالمئة في مايو/آيار الماضي، ثم تباطأ إلى حدٍّ ما مسجّلًا 7.6 بالمئة في يونيو/حزيران الماضي، وفي يوليو/تموز الماضي، بلغ معدّل التضخم في ألمانيا 7.5 بالمئة، فيما يقول محلّلون إنّه قد يصل في الأشهر المقبلة إلى أعلى مستوى له في 70 عاماً، ويسجل ارتفاعاً بنسبة 10 بالمئة.
وكانت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية اتهمت الولايات المتحدة بـ"تعمّد دفع الاتحاد الأوروبي لفرض العقوبات ضدّ روسيا، رغم إدراكها التامّ لشدة تأثير ارتدادها على حلفائها الأوروبيين"، ذاكرةً أنه "مع اشتداد ضغوط العقوبات، فإنّ واشنطن، الأقلّ اعتماداً على الطاقة والتجارة مع روسيا من أوروبا، تعاني من أضرار أقلّ، فيما يعاني الاتحاد الأوروبي المرتبط بشكل وثيق بموسكو في قطاعي الصناعة والطاقة من عواقب وخيمة، تؤثّر على الإنتاج وحياة المواطنين".
وذكر مدير معهد العلاقات الدولية في جامعة رينمين الصينية، يوي وانغ، أنّ الاتحاد الأوروبي "بدأ في التساؤل عما إذا كانت الولايات المتحدة قد خدعته، حين فرض المزيد والمزيد من العقوبات ضد روسيا"، ويؤكّد خبراء أنّ أوروبا بدأت تدرك بشكل متزايد أنها ستعاني من المزيد من الضرر إذا استمرّت في اتباع الولايات المتحدة وتشديد العقوبات ضد روسيا.
وأوضح أنه "بسبب عقوبات الطاقة التي فرضها الغرب على روسيا، تعاني أوروبا بشكل متزايد من نقص موارد الطاقة، في حين أن تكلفة النفط والغاز تنمو بسرعة"، مشيراً إلى أنه "في مقابل ذلك وبسبب ارتفاع الأسعار، تطلّب قطاع الطاقة نفقات إضافية من الميزانية، الأمر الذي أدى إلى استبعاد مجالات التمويل الأخرى"، وفي هذا الصدد "تتزايد حالة عدم اليقين" لدى الأوروبيين.
وقال الخبير الصيني إنّ الولايات المتحدة "ومع تفاقم الصراع في أوكرانيا، تحاول ضبط إيقاع أوروبا"، مشيراً إلى أنه "من مظاهر هذه السياسة تشجيع الدول الأوروبية على تبني حزم عديدة من العقوبات ضد روسيا".
تجدر الإشارة إلى أن العملة الأوروبية "اليورو" تراجعت إلى مستويات قياسية أمام الدولار، حيث نزل سعر صرف العملة الأوروبية أمام الدولار إلى دون مستوى دولار واحد، وذلك للمرة الأولى في نحو 20 عاماً.