عمران: عودة تفعيل الدائرة الدستورية في المحكمة العليا في ليبيا قرار جيد
وصف أعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي، قرار الجمعية العمومية للمحكمة العليا الليبية، بإعادة تفعيل الدائرة الدستورية في المحكمة يوم الخميس بـ"بالقرار الجيد".
وطالبت مؤسسات ليبية عدّة بإعادة فتح الدائرة الدستورية في المحكمة العليا، وتصاعد الجدل في ليبيا أخيراً حول استمرار إغلاق تلك الدائرة في ظل أزمات عدة في ليبيا بسبب خلافات على قوانين وتعديلات دستورية قادت البلاد إلى انقسام سياسي جديد.
وقال عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي ضو المنصوري في حديث مع وكالة سبوتنيك إن "إعادة تفعيل الدائرة الدستورية عودة لركن أساسي من مكونات السلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية"، لافتاً النظر إلى أنه "حين تم إقفالها عمّت الفوضى وتغولت السلطات وتداخلت اختصاصاتها"، موضحاً أن "الدائرة الدستورية هي ضابط إيقاع يعيد الأمور إلى نصابها وفقاً لما تضمنه الإعلان الدستوري، ويمنع تغول سلطة على أخرى ويحافظ على حقوق المواطنين، وهذه المحكمة منذ نفاذ دستور 1951 وهي تقوم بدورها في الفصل بين السلطات وضمان عدم مخالفة الدستور".
وبشأن قرار مجلس النواب الليبي الذي نص على تعديل قانون المحكمة العليا الليبية وتعيين رئاسة ومستشاريه، اعتبر المنصوري أن "إصدار مجلس النواب قراراً بتعديل قانون المحكمة العليا اعتداء على المشروعية وانتهاك لمبدأ الفصل بين السلطات، ويفوح منه الرغبة في تدجين القضاء والتدخل في شؤونه منذ 1971 تاريخ إنشاء المحكمة العليا وهو مشوب بعيب اغتصاب السلطة ومخالفاً لمبدأ الفصل بين السلطات".
وكشف المنصوري أن "سبب الخلاف بين السلطات الليبية هو غياب الرقابة الدستورية على التشريعات، وبالتالي أصبحت السلطة التشريعية متغولة على كل السلطات لعدم وجود رادع قانوني عليها".
وتابع عضو الهيئة التأسيسية للدستور الليبي، قائلاً، إن "السلطة التشريعية (مجلس النواب) أفسدت المسار الدستوري بتدخلاتها، وعطّلت العملية الدستورية، ولم تفرق بين المسار الدستوري (التأسيسي) والمسار التشريعي، وكل ذلك لأن استكمال المسار الدستوري يعني انتهاء المراحل الانتقالية، وهم يريدون الاستمرار في السلطة، وآخرها تشكيل لجان لتعديل مشروع الدستور الذي أنجزته هيئة منتخبة من الشعب الليبي، وهو استحقاق دستوري يتعين الوفاء به تحقيقاً لإرادة الشعب الليبي، ولا يجوز المساس به إلا من الشعب الليبي عند عرضه عليه في استفتاء عام لقبوله أو رفضه، وهي باطلة قطعاً وهناك طعون دستورية مقيدة أمام الدائرة الدستورية".
وبيّن أنّ "ما تقوم به السلطة التنفيذية من عبث من خلال قراراتها المخالفة للإعلان الدستوري، فهي كذلك ستكون تحت نظر المحكمة"، مشيراً إلى أن "الليبيين جربوا غياب القانون على مدى 12 سنة ولم يجنوا سوي الانقسام والحروب، والآن عند عودة الضابط الدستوري فستكون الأمور في نصابها وبداية لعودة المشروعية القانونية".
من جهتها، وصفت عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي نادية عمران، تفعيل الدائرة الدستورية للمحكمة العليا بـ"القرار الجيد".
وقالت عمران في حديثها مع سبوتنيك إن "قرار إعادة تفعيل المحكمة العليا للدائرة الدستورية جيد وإن جاء متأخراً للدائرة التي أغلقت أبوابها منذ سبع سنوات بعد الجدل الدائر حول حكمها المتعلق بحل مجلس النواب الليبي"، مضيفةً أن "كل القرارات الصادرة من الأجسام التشريعية والتنفيذية ستكون محل طعن أمام الدائرة الدستورية ومدى مراعاتها للاشتراطات القانونية. ونتوقع أن تقوم الدائرة بالبتّ في كافة الطعون المرفوعة أمامها، وأن تقوم بفرض قوة الوثائق الدستورية وعدم مخالفتها وإعادة هيبة الدولة وإيقاف العبث التشريعي والتنفيذي بالبلاد".
ورداً على سؤال هل الهيئة التأسيسية تقدمت بطعون للدائرة الدستورية بشأن الدستور الليبي وعرضه على الاستفتاء، قالت: "نعم، الدائرة لم تتوقف عن قبول الطعون طيلة فترة توقفها من دون النظر والبتّ فيها، ومن المفترض أن الدائرة ستبث في كافة الطعون، ومنها المتعلق بشرعية الحكومتان ومدى صحة الإجراءات المتبعة في اختيارهما، وأيضاً ستبث في الطعون المرفوعة من الهيئة (الدستور)، وغيرها المتعلقة بالمسار الدستوري ومحاولات تعديل مشروع الدستور عبر تشكيل اللجان للتعديل ودور المحكمة يتعلق بتبيان مدى مخالفة الإجراءات المتخذة لصحة الوثائق الدستورية النافذة".
كما أجابت رداً على سؤال حول مدى التزام الأطراف الليبية بالقرارات الصادرة عن الدائرة الدستوري، قائلة: "نتوقع أن تكون هناك عرقلة من بعضها أو من بعض المجموعات الخارجة عن القانون، وعلى الرغم من كون تفعيل الدائرة الدستورية خطوة جيدة، لكن يقتضي بإنهاء الصراع المسلح وسيطرة حكومة واحدة على أنحاء التراب الليبي لضمان سيادة القانون وتنفيذ الأحكام القضائية".
وفي وقت سابق، قررت الجمعية العمومية للمحكمة العليا الليبية بالإجماع على إعادة تفعيل الدائرة الدستورية للنظر في الطعون والفصل فيها. ونصّ القرار على أنّ المحكمة تعاهد الليبيين أنها لن تنحاز إلى أي طرف من الأطراف، وستعلي شأن الوطن والمبادئ والقواعد الدستورية المقررة.
ورحب رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة بقرار الجمعية العمومية للمحكمة العليا بإعادة تفعيل دائرتها الدستورية.
وقال الدبيبة عبر حسابه في تويتر: "نبارك قرار الدميعة العمومية للمحكمة العليا بعودة تفعيل الدائرة الدستورية"، مضيفاً أنه "لعلها تكون رادعاً للتجاوزات التي تمارس من الأطراف والقرارات المخالفة للاتفاق السياسي باعتباره الوثيقة الدستورية الحاكمة لمرحلة استقلال القضاء ووجود دستور حاكم أساس لاستقرار البلاد".
وأقر مجلس النواب الليبي الثلاثاء الماضي قراراً بتعديل على قانون المحكمة العليا ينص على أن يؤدي مستشارو المحكمة اليمين القانونية أمامه (أمام مجلس النواب)، كما اعتمد المجلس في جلسة الثلاثاء الماضي قرار هيئة رئاسته بتعيين مستشارين بالمحكمة.
وتختصّ الدائرة الدستورية في الفصل بالقضايا والطعون ذات الجانب الدستوري والقانوني، والقضايا والخلافات حول القوانين والتشريعات والقرارات التي تصدر عن السلطتين، التنفيذية والتشريعية، وأيضاً أي مخالفة أو طعن في الإعلان الدستوري، بحسب قانون إنشائها.
يُذكر أن الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا أقفلت منذ عدة سنوات، في محاولة لإبعاد القضاء عن الصراع السياسي الليبي.