الانتخابات الإيطالية.. منافسة بين جدوى الوحدة الأوروبية وعدمها

رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق إنريكو ليتا المؤيد للوحدة الأوروبية، وزعيمة اليمين القومي المتطرف في إيطاليا جورجيا ميلوني ينشران تسجيلات فيديو بعدة لغات، ضمن تصاعد وتيرة الحملات الانتخابية.
  • صورة تجمع زعماء اليمين المتطرف الإيطالي ميلوني وبرلسكوني وسالفيني (أرشيف)

بعد أيام قليلة على نشر زعيمة اليمين المتطرف في إيطاليا جورجيا ميلوني تسجيل فيديو للحملة الانتخابية بثلاث لغات، حذا زعيم يمين الوسط، خصمها الرئيسي في الانتخابات التشريعية المرتقبة في أيلول/سبتمبر، حذوها اليوم السبت.

ففي تسجيل فيديو للحملة الانتخابية بالإنكليزية والفرنسية والإسبانية، أعلن رئيس الوزراء الأسبق إنريكو ليتا، وهو مدير سابق لكلية العلوم السياسية في معهد الشؤون الدولية في باريس ويمثل يمين الوسط، تأييده للوحدة الأوروبية، موجّها انتقادات لزعيمة اليمين المتطرف جورجيا ميلوني، التي تقلل في خطابها السياسي من جدوى الوحدة الأوروبية.

وكانت ميلوني قد نشرت هذا الأسبوع تسجيل فيديو طلبت فيه من المعلّقين الأجانب أن يأخذوا محتواه على محمل الجدّ، وأكّدت فيه أنّ "حزبها أخوة ايطاليا (فراتيلي ديتاليا)، طوى صفحة نزعة الفاشية الجديدة التي كانت متجذّرة في عقيدته".

وتتمتع ميلوني بحظوظ قوية لقيادة ثالث أكبر قوة اقتصادية في منطقة اليورو في انتخابات الخامس والعشرين من أيلول/سبتمبر، وتشير الاستطلاعات إلى أنّها "ستخوض منافسة قوية مع الحزب الديموقراطي (نحو 23 بالمئة من الأصوات لكل من الحزبين)".

بينما قال ليتا في تسجيل الفيديو، المنشور اليوم السبت: "نواصل معركتنا من أجل أن تكون إيطاليا في قلب أوروبا".

لكنّ النظام السياسي الإيطالي يعطي الأفضلية للائتلافات، وفي حين تنضوي ميلوني في تحالف مع رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلوسكوني وزعيم حزب "الرابطة" المناهض للهجرة ماتيو سالفيني، يواجه ليتا صعوبات في توحيد أطياف يسار الوسط المنقسمين.

وفي الفيديو، شدّد ليتا على "أهمية التضامن الأوروبي الذي تستفيد منه إيطاليا حالياً  بنحو 200 مليار يورو، في إطار خطة إنعاش الاقتصاد في مرحلة ما بعد الجائحة، وأعلن عن تدابير يعتزم اتّخاذها على صعيد المناخ والشباب".

وقال زعيم يمين الوسط: "نحن بحاجة إلى أوروبا قوية، إلى أوروبا الصحة وأوروبا التضامن. وكل ذلك يمكن تحقيقه فقط إن لم تكن هناك نزعة قومية في البلدان الأوروبية". 

وشدد ليتا على وجود صلات بين ميلوني وحزب "فوكس" الإسباني اليميني المتطرف، ودان ليتا أيضاً الإرث الاقتصادي لبرلوسكوني، الذي تولى رئاسة الحكومة ثلاث مرات وخرج من الحكم في العام 2011 حين وصل الاقتصاد الإيطالي إلى حافة الهاوية. 

وجاء كلام ليتا بعد أن كانت ميلوني ندّدت هذا الصيف خلال لقاء مع هذا الحزب بمجموعات الضغط لصالح مجتمع الشذوذ الجنسي، وأعمال العنف المتطرفة والبيروقراطية الأوروبية والهجرة الجماعية.

وفي تسجيل الفيديو الذي نشرته، شدّدت ميلوني على أنّ "النزعة الفاشية أصبحت جزءاً من ماضي الحزب"، في إعلان قوبل بالتشكيك، إذ لا يزال الحزب يستخدم شعار الحركة الاجتماعية الإيطالية التي أسّسها عقب الحرب العالمية الثانية مناصرون للدكتاتور الفاشي السابق بينيتو موسوليني (1883-1945).

الاتحاد الأوروبي خسر حليفه.. ومقربون من روسيا ضمن أبرز المرشحين

وخسر الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي، مع استقالة ماريو دراغي الشهر الفائت، حليفاً كبيراً لموقفهما الداعم لأوكرانيا في وجه روسيا، لكنها يخشيان الآن أن يصل إلى السلطة زعيما اليمين الإيطالي المتطرف، جورجيا ميلوني، المشكّكة في جدوى التكتل الأوروبي، وماتيو سالفيني، المقرب إلى موسكو.

ويحظى حزباهما "إخوة إيطاليا" (فراتيلي ديتاليا)، من الفاشيين الجدد، و"الرابطة" المعادية للهجرة، بنحو 40% من نيّات التصويت، بحسب آخر استطلاعين للرأي صدرت نتائجهما قبل نحو شهرين من موعد الانتخابات المبكّرة، وفي حال انضم إليهما "فورتسا إيطاليا"، الحزب اليميني بزعامة سيلفيو برلوسكوني، فتشير التوقعات إلى أنّ تحالف اليمين سيحصل على 45 إلى 48% من الأصوات.

وقال دبلوماسي يعمل في روما إنّ الأوروبيين "تساورهم مخاوف" لأنّ دراغي، الذي زار كييف في حزيران/يونيو الفائت، برفقة ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس، "كان عامل استقرار مهماً"، مضيفاً أنه "لا بدّ من أن يتواصل الدعم لأوكرانيا، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، من دون عقبات، أيّاً يكن اللون السياسي للحكومة المقبلة".

وندّدت رئيسة حزب "إخوة إيطاليا"، جورجيا ميلوني، بنبرة لا لبس فيها، بالهجوم الروسي، وأيّدت تقديم مساعدة إلى كييف. أمّا زعيم حزب "الرابطة"، الإيطالي اليميني، ماتيو سالفيني، المعجب بفلاديمير بوتين، فيجد صعوبة في التمايز عن هذه الصورة، بينما لزم رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق، سيلفيو برلوسكوني، الصديق الشخصي للرئيس الروسي، صمتاً تامّاً.

وأكّد خبراء في الشأن الإيطالي للميادين أنّ "سبب استقالة الحكومة وتفاقم الأزمة السياسية في إيطاليا اليوم هو بشكل أساس فشل دراغي في حشد دعم مناسب لمواجهة التضخم الحاصل جراء الصراع الأوروبي مع روسيا، الذي عرقل خطط روما لإنعاش اقتصاد البلاد بعد انهيار كارثي في القطاع الصحي خلال 2020 نتج عنه أزمة اقتصادية ما تزال نتائجها مستمرة حتى اليوم".

وكان رئيس الوزراء الإيطالي السابق جوزيبي كونتي أيضاً قدّم استقالته في كانون الثاني/يناير من العام الفائت، بعد سنة ونصف من حكم البلاد خلال أحلك أزماتها الاقتصاديّة والصحيّة بعد عام 2020، الذي انهار فيه القطاع الصحي بسبب التفشي الكبير لفيروس كورونا، وذلك بعد انسحاب حزب من الائتلاف الحكومي جراء أزمة سياسية حادة.

وتشهد إيطاليا الشهر المقبل انتخابات مبكرة بسبب استقالة رئيس الوزراء ماريو دراغي الشهر الماضي.