إثيوبيا لمصر: لسنا ملزَمين قانوناً بتزويدكم بمعلومات بشأن الملء الثالث
بعث سفير إثيوبيا لدى الأمم المتحدة، تاي أتسكي سيلاسي أمدي، إلى مجلس الأمن الدولي، نصَّ خطاب وجَّهه كبير المفاوضين الإثيوبيين بشأن سد النهضة، سيشلي بيكيلي، إلى وزير الري المصري، محمد عبد العاطي.
وقال بيكيلي، في نصّ خطابه إلى وزير الري المصري، إنّ "الاتصالات الموجَّهة مباشرة إليكم من بيانات ومعلومات، بشأن عملية الملء الثالث لسد النهضة، هي استمرار لجهود إثيوبيا من أجل ضمان الشفافية وبناء الثقة"، وفق زعمه.
وأضاف: "لا يوجد التزام قانوني بين بلدينا يُلزمنا بمثل هذا التعهّد. وإنّ ما تفعله إثيوبيا هو استمرار لالتزامها الطويل الأمد بشأن التعاون والشفافية وحسن الجوار".
وأكد بيكيلي أنّ بناء السد وملأه عمليتان متزامنتان، كما هو منصوصٌ عليه بوضوح في إعلان المبادئ الموقَّع بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان) عام 2015، معتبراً أنّ أيّ طرح عكس ذلك هو "مجرّد محاولة لتحدي إعلان المبادئ، ويتعارض مع تصميم السد وهندسته"، على حدّ تعبيره.
وزعم المسؤول الإثيوبي أنّ "إعلان المبادئ لا ينصُّ (على ذلك) ولا يمكن أن يعمل كأداة لإخضاع أيّ جانب من جوانب استخدام المياه في إثيوبيا - بما في ذلك ملء السد - لأيّ اتفاق أو موافقة". وقال إنّ "إثيوبيا، ضمن حقوقها والتزامها بموجب إعلان المبادئ لملء السد، تُبدي حسن النية في تزويدكم بالبيانات والمعلومات اللازمة".
وأعرب بيكيلي عن رفض ما سمّاه "الادّعاءات" بشأن سلامة السد، قائلاً إنّ "سلامة السد وجميع هياكله هي الشغل الشاغل لإثيوبيا".
ومضى المسؤول الإثيوبي قائلاً، في رسالته الموجَّهة إلى وزير الري، إنّ "القلق الذي عبّرتم عنه، بشأن سلامة الألواح الخرسانية للسد، لا أساس له من الصحة". وتابع: "بخصوص تقييم الأثر الذي أشرتم إليه، بيئياً واجتماعياً، تمّت مشاركة دراسته مع فريقكم (الفريق المصري)، جنباً إلى جنب 153 وثيقة أخرى بشأن جدوى السد ومعايير سلامته".
وزعم بيكيلي أنّ "مصر قوَّضت الجهود المبذولة لإجراء دراسة لتقييم الأثر العابر للحدود، التي أوصى بها فريق الخبراء الدوليين، من خلال حظر جمع البيانات الأولية في أراضيها"، مشيراً إلى أنّ قيام مصر بتقييم التأثير، استناداً إلى استخدامها الحالي للمياه، بدلاً مما سمّاه "الاستخدام العادل للمياه"، يُعَدّ "تحايلاً" على الجهد المبذول لإجراء الدراسة.
كما ادّعى المسؤول الإثيوبي، في رسالته، أنّ مصر رفضت أيضاً مشاركة التعليقات الفنية للدول بشأن التقرير الأولي للدراسة مع الاستشاريين.
وأعرب بيكيلي، في ختام رسالته، عن أمله ألّا تستمر مصر في اتّباع ما وصفه بـ"النهج الهدّام"، عندما تُجري الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان) دراسة تقييم الأثر على النحو المتفق عليه في المفاوضات الجارية، مضيفاً: "أتطلع إلى استمرار المفاوضات الثلاثية، وبذل جهود حسنة النية من أجل حل القضية العالقة، والوصول إلى نتيجة مقبولة للطرفين تحت رعاية الاتحاد الأفريقي".
وأعلنت مصر، مساء يوم الجمعة الماضي، أنّ إثيوبيا أخطرتها ببدء الملء الثالث لسد النهضة، كاشفةً عن إرسال خطاب اعتراض ورفض لذلك إلى مجلس الأمن الدولي.
وقامت إثيوبيا بالملء الثاني، في تموز/يوليو 2021، بعد عام من آخر مماثل، وسط رفض مصري سوداني، واعتبار الخطوة الإثيوبية "إجراءات أحادية".
شكري: مصر ترفض استمرار إثيوبيا فى ملء سد النهضة بصورة أحادية
بدوره، وجّه وزير الخارجية المصري سامح شكري، خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن، يوم الجمعة الماضي، لتسجيل اعتراض مصر ورفضها التام لاستمرار إثيوبيا فى ملء سد النهضة بشكلٍ أحادي دون اتفاق مع مصر والسودان حول ملء وتشغيل هذا السد، وهو ما يُعدّ مخالفةً صريحة لاتفاق إعلان المبادئ المبرم عام 2015، وانتهاكاً جسيماً لقواعد القانون الدولي واجبة التطبيق، والتي تلزم إثيوبيا، بوصفها دولة المنبع، بعدم الإضرار بحقوق دول المصب.
وأشار شكري إلى أنّ مصر سعت خلال المفاوضات التي جرت على مدار السنوات الماضية للتوصل لاتفاقٍ عادل ومنصف حول سد النهضة، إلا أنّ إثيوبيا قد أفشلت كافة الجهود والمساعي التي بذلت من أجل حل هذه الأزمة.
ولفت إلى أنّ الدولة المصرية لن تتهاون مع أي مساس بحقوقها أو أمنها المائي أو أي تهديد لمقدرات الشعب المصري الذي يمثل نهر النيل شريان الحياة الأوحد له.
وقد دعا وزير الخارجية المصري مجلس الأمن لتحمّل مسؤولياته في هذا الشأن، بما في ذلك من خلال التدخل لضمان تنفيذ البيان الرئاسي الصادر عن المجلس، والذي يلزم الدول الـ3 بالتفاوض من أجل التوصل لاتفاقٍ حول سد النهضة في أقرب فرصةٍ ممكنة.
وتتخوّف دولتا المصب، مصر والسودان، من تبعات السد على أمنهما المائي، فيما تشدد أديس أبابا على أهميته لتوليد الكهرباء والتنمية. وبدأت إثيوبيا بتشييد سد النهضة على النيل الأزرق، عام 2011، بهدف توليد الكهرباء.
ورغم توقيع اتفاق مبادئ بين مصر والسودان وإثيوبيا، عام 2015، يحدد الحوار والتفاوض، كآليات لحلّ كل المشكلات المتعلقة بالسد بين الدول الثلاث، فشلت جولات المفاوضات المتتالية في التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث على آلية تخزين المياه خلف السد وآلية تشغيله.
وأدّى عدم التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث، إلى زيادة التوتر السياسي بينها، وتصعيد الملف إلى مجلس الأمن، الذي عقد جلستين حول الموضوع، من دون اتخاذ قرار بشأنه.