السودان: احتجاجات غاضبة لقبيلة الهوسا بعد نزاعٍ دامٍ
تظاهر الآلاف من أبناء قبيلة الهوسا، التي كانت طرفاً في نزاع قبلي أوقع 79 قتيلاً، منذ نحو أسبوع، في عدة مناطق في السودان، مطالبين بـ"القصاص من أجل الشهداء"، في تحرك يُبرز هشاشة الوضع في بلد متعدد الأزمات.
وأطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيّل للدموع، في الخرطوم، من أجل تفريق عدة مئات من المتظاهرين الذين رفعوا لافتات كُتب فيها "لا لقتل الهوسا"، و"الهوسا مواطنون أيضاً"، بحسب ما أفادت به وكالة "فرانس برس".
وبينما عاد الهدوء إلى النيل الأزرق، انتقل العنف إلى مناطق أخرى، وخصوصاً إلى ولاية كسلا الواقعة شمالي النيل الأزرق، حيث أحرق المتظاهرون، أمس الإثنين، عدة منشآت حكومية. واليوم الثلاثاء، تظاهر آلاف الهوسا في شمالي كردفان (وسط) وفي كسلا والقضارف وبورتسودان.
وفي الأبيض عاصمة كردفان إلى الغرب من الخرطوم، وفي بورتسودان شرقاً عند البحر الأحمر، توجه آلاف إلى مقر الوالي هاتفين "الهوسا سينتصرون".
وسلّم المتظاهرون حاكمي الولايتين رسائل احتجاج على العنف في ولاية النيل الأزرق، وردّدوا شعارات تطلب "القصاص من أجل الشهداء".
وفي الشواك في ولاية القضارف، على بعد 600 كيلومتر شرقي الخرطوم، وحيث يقيم عدد كبير من أبناء قبيلة الهوسا، أغلق قرابة 500 منهم الطريق الرابط بين الخرطوم وكسلا.
وأفادت نشرة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان (أوتشا)، اليوم الثلاثاء، بأنّ أعداد النازحين في محليات ولاية النيل الأزرق بلغت أكثر من 17 ألف شخص، بينهم 15 ألف نازح شُردوا من محلية الرصيرص فقط.
وأكد الناطق باسم الجيش السوداني، العقيد نبيل عبد الله، منذ يومين، أنّه تم تكليف النائب العام تشكيلَ لجنة لتقصّي الحقائق في أعمال العنف التي شهدتها مؤخراً ولاية النيل، معقباً بأنّ "على لجنة أمن الإقليم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد مثيري الفتن والمحرّضين على أعمال العنف".
ودعت قوى الحرية والتغيير ائتلاف المعارضة الرئيسي في البلاد، في وقت سابق اليوم، إلى "تسيير مواكب السودان الوطن الواحد في العاصمة والولايات، الأحد المقبل".
وبدأت الاشتباكات الأخيرة في ولاية النيل الأزرق، عند الحدود مع إثيوبيا، بسبب النزاع على الأراضي بين قبيلة ألبرتي وقبيلة الهوسا، التي تُعَدّ واحدة من أكبر القبائل في أفريقيا، ويعيش أفرادها في مناطق تمتد من السنغال إلى السودان.
ويبلغ عدد أفراد الهوسا في السودان نحو ثلاثة ملايين، وهم مسلمون، يتحدثون لغة خاصة بهم، ويعتاشون بصورة رئيسية من الزراعة في دارفور، وفي كسلا والقضارف وسنار والنيل الأزرق عند الحدود مع إثيوبيا وإريتريا.
وفي عام 2020، وقّعت السلطة الانتقالية اتفاقات سلام مع متمردي دارفور، ووعدت بـ"إرساء الديمقراطية" في أقصى ربوع السودان، لكنها لم تُنهِ النزاعات القبلية التي أوقعت خلال الشهور الأخيرة مئات القتلى، وخصوصاً في الإقليم الواقع عند الحدود مع تشاد.
وتندلع هذه الاشتباكات عموماً بسبب نزاعات بشأن الأرض والمياه، وهما الموردان الرئيسيان للزراعة والرعي، اللذين يُعَدّان النشاطين الرئيسيّين في هذه المناطق. واتّسع نطاقها بسبب الفراغ الأمني الذي نشأ منذ انقلاب قائد الجيش السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، على شركائه المدنيين في السلطة الانتقالية، التي تشكّلت عقب إسقاط عمر البشير.