النزاع في ملفّ النفط يؤجج العلاقات بين أربيل وبغداد ويضعف الاستثمار
عاد النفط وإيراداته ليشكّل موضع خلاف بين الحكومة الاتحادية العراقية وإقليم كردستان، فيما تهدد هذه التوترات الحالية الناجمة عن مناوشات سياسية لامتناهية، بإضعاف رغبة المستثمرين الأجانب في التوجه إلى العراق.
ومنذ مطلع العام، تجلّى توتّر العلاقات بين إقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي وبغداد في القضاء.
وترى أربيل أنّ الحكومة المركزية تسعى لوضع يدها على ثروات الإقليم النفطية، فيما تطالب بغداد بأن يكون لها كلمتها في إدارة الموارد النفطية التي تستخرج من كردستان.
ويعدّ العراق ثاني أكبر الدول النفطية في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، وهو يصدّر ما معدّله 3,3 ملايين برميل من النفط الخام في اليوم. أما كردستان، فتنتج في اليوم أكثر من 450 ألف برميل.
ويتعذر فهم هذا الخلاف بين الطرفين من دون العودة إلى الأزمة السياسية التي تشلّ العراق منذ الانتخابات التشريعية في تشرين الأول/أكتوبر 2021. ويعجز الزعماء السياسيون في الإقليم وفي بغداد عن الاتفاق على اسم رئيس جديد للحكومة ورئيس للجمهورية.
في شباط/فبراير، أمرت المحكمة الاتحادية العليا في بغداد إقليم كردستان بتسليم النفط المنتج على أراضيه إلى الحكومة المركزية، مانحةً بغداد الحقّ في مراجعة العقود النفطية مع الإقليم وإلغائها.
واعتبرت المحكمة الاتحادية أنّ قانوناً أقر في كردستان، في العام 2007، لتنظيم قطاع النفط والغاز، مخالف للدستور. ومذّاك، تحاول الحكومة العراقية تطبيق هذا القرار.
وبناءً على دعوة مقدّمة من وزارة النفط العراقية، ألغت محكمة في بغداد، مطلع تموز/يوليو، أربعة عقود بين إقليم كردستان وشركات كندية وأميركية وبريطانية ونروجية.
ويُحتمل، كذلك، أن يطال الإلغاء ثلاث شركات أجنبية أخرى، التي يتوقّع أن تحسم القرار بشأنها المحكمة نفسها، وفق ما حذّر مسؤول كبير في قطاع النفط في بغداد في حديث مع وكالة "فرانس برس"، مفضّلاً عدم الكشف عن هويته.
يعتبر الخبير الاقتصادي في "Middle East Economic Survey" يسار المالكي، من جهته، أنّه "حينما تقوم بغداد بطرد الشركات النفطية الأجنبية من كردستان العراق، فإنّ ذلك لا يعطي العراق صورة البلد المنتج الهام للنفط، المرحِّب بالاستثمارات الأجنبية".
ويريد إقليم كردستان فتح الباب أمام التفاوض من أجل أن يحافظ على استقلاليته في مجال النفط، ويعمل على إنشاء شركتين معنيتين باستكشاف النفط وتسويقه، تعمل بالشراكة مع بغداد، وتم عرض هذا المقترح على الحكومة الاتحادية، وفق متحدّث باسم الحكومة المحلية في أربيل.
لكن الإقليم باشر، مطلع حزيران/يونيو، تحركّين في القضاء، إحداهما يستهدف وزير النفط العراقي إحسان اسماعيل، الذي تتهمه أربيل بمحاولة "ترهيب" الشركات الأجنبية العاملة في كردستان، وفق بيان.
وفي انتصار لبغداد، أعلنت شركات "شلمبرجير" (Schlumberger) و "بيكرهيوز" (Baker Hughes)، و "هاليبرتون" (Halliburton) أنّها لن تقدم "على مشاريع جديدة في إقليم كردستان امتثالاً لقرار المحكمة الاتحادية"، وأضافت أنّها "الآن في طور تصفية وإغلاق المناقصات والعقود القائمة".
وتشهد العلاقات بين بغداد وإقليم كردستان، الذي يتمتع بحكم ذاتي منذ العام 1991، تقلّباً مستمراً.
وتعطي أربيل بغداد جزءاً من إنتاجها النفطي لتقوم بتسويقه. في المقابل، تقوم الحكومة المركزية بدفع رواتب الموظفين الحكوميين في الإقليم، لكن أربيل تندّد بتأخر تلك المدفوعات.
واستهدفت هجمات صاروخية، لم تتبنّها أي جهة، في الأسابيع الأخيرة، مواقع نفطية أو غازية في الإقليم.