السيد خامنئي في رسالة الحج يدعو الأمة الإسلامية لمواجهة التفرقة والخلاف
قال المرشد الإيراني، السيد علي خامنئي، إنّ "وحدة المسلمين هي إحدى الركيزتين الأساسيتين للحج، وعندما تترافق مع الركيزة الأساسية الأخرى للحج وهي الذكر والروحانية، يكون بمقدورها إيصال الأمة الإسلامية إلى ذروة العزة والسعادة".
وأكد السيد خامنئي، صباح اليوم الجمعة، خلال قراءة ندائه السنوي إلى حجّاج بيت الله الحرام، من أنحاء العالم الإسلاميّ، لمناسبة حلول موسم الحجّ 1443، أنّ "الحج ترکیب من هذين العنصرين السياسي والروحاني، ودين الإسلام المقدس مزيج عظيم وسامِ من السياسة والروحانية".
وأضاف: "لقد بذل أعداء الشعوب المسلمة، خلال الحقبة التاريخية الأخيرة، مساعي ضخمة من أجل زعزعة الوحدة والروحانية في أوساط شعوبنا"، مؤكداً أنّ الغرب يريد جعل القيم الدينية "باهتةً عبر الترويج لنمط الحياة الغربية الفارغة، مستهدفاً الوحدة بين المسلمين "عبر نشر دوافع التفرقة الوهمية، و تشدیدها كالعرق واللون والجغرافيا واللسان".
وشدّد على أنّ "الأمة الإسلامية عليها أن تتفوق على دوافع التفرقة والخلاف"، ورأى أن "الظروف الحالية للعالم والعالم الإسلامي باتت مؤاتية أكثر من أي زمن مضى لإنجاز هذا المسعى القيّم".
سمعة الديمقراطية الغربية محلّ مساءلة
وأوضح السيد خامنئي أنّ "الليبرالية والشيوعية اليوم - بصفتهما أهم تحفتين قدمتهما الحضارة الغربية - فقدتا حضورهما كما كان قبل عقود"، وأنّ "سمعة الديمقراطية الغربية القائمة على المال تواجه أسئلة حقيقية، والمفكرون الغربيون يقرون بإصابتهم بالتيه المعرفي والعملي".
بينما أشار إلى أنه "في العالم الإسلامي، يكتسب الشباب والمفكرون ورجال العلم والدين بعد رؤيتهم هذه الأوضاع، رؤية حديثة تجاه ثروتهم المعرفية وأيضاً حيال المناهج السياسية الرائجة في بلدانهم"، منوّهاً: "هذه هي عينها الصحوة الإسلامية التي نردد ذكرها باستمرار".
ظاهرة المقاومة تجلٍّ للقيم الإسلامية
ورأى السيد خامنئي أنّ "القوى الاستكبارية تواجه مأزقاً كبيراً في التعامل مع ظاهرة اسمها "المقاومة"، مشيراً إلى أنّ "الساحة الفلسطينية هي من تجليات هذه الظاهرة المذهلة، التي استطاعت جرّ الكيان الصهيوني الطاغي من حالة الهجوم والعربدة إلى حالة الدفاع والارتباك".
وتابع: "لقد تمكنت المقاومة في فلسطين من فرض هذه المشكلات السياسية والأمنية والاقتصادية الواضحة على الكيان الصهيوني الآن، كما يمكن مشاهدة نماذج لامعة أخرى للمقاومة في لبنان والعراق واليمن وبعض النقاط الأخرى بوضوح".
إيران نموذج ناجح لقوة الإسلام وسيادته
كما أكّد أنّ "العالم يشهد اليوم نموذجاً ناجحاً من القوة والسيادة السياسية للإسلام في إيران الإسلامية"، مؤكداً أنّ "ثبات الجمهورية الإسلامية واستقلالها وتقدمها وعزتها حدث بمنتهى العظمة، ومفعم بالمعاني وجذاب يمكنه أن يستقطب فكر ومشاعر أي مسلم يقظ".
ولفت السيد خامنئي إلى أنّ "أنواع العجز والممارسات الخاطئة في بعض الأحيان، والتي تصدر عنا نحن المسؤولين في هذا النظام، هي التي أخّرت الاكتساب الكامل لبركات الحكومة الإسلامية كافة"، مشدداً في الوقت نفسه على أنّ ذلك "لم يستطع إطلاقاً زعزعة الأسس المتينة والخطوات الراسخة النابعة من المبادئ الأساسية لهذا النظام".
وأشار إلى أنّ المبادئ الأساسية التي ترتكز عليها إيران اليوم هي "حاكمية الإسلام في تشريع القوانين وتطبيقها، والاعتماد على الآراء الشعبية في أهم شؤون إدارة البلاد، والاستقلال السياسي الكامل، وعدم الركون إلى القوى الظالمة"، داعياً الشعوب والحكومات المسلمة والنخب والمثقفين والشباب الباحثين إلى الاقتداء بها.
من الطبيعي أن تقلق أميركا
وأضاف: "من الطبيعي أن تقلق القوى الاستكبارية، وعلى رأسها أميركا، من مثل هذا التوجه في العالم الإسلامي، وتسخّر كلّ إمكاناتها من أجل التصدي لإيران كما هي الحال اليوم، بدءاً من بناء امبراطورية إعلامية واستخدام أساليب الحرب الناعمة، مروراً بإشعال الحروب والحروب بالوكالة، وصولاً إلى النميمة السياسية، وانتهاء بالتهديد والتطميع والرشوة".
وشدّد السيد خامنئي على أنّ "هذه الإمكانات كلها تستخدم من قبل أميركا وسائر المستكبرين كي تفصل العالم الإسلامي عن مسار صحوته وسعادته"، مؤكداً أنّ "الكيان الصهيوني المجرم والمخزي هو أيضاً من أدوات هذا المسعى الشامل في هذه المنطقة".
ورأى المرشد الإيراني أنّ "هذه المساعي باءت بالفشل في أغلب الحالات، والغرب المستكبر صار أضعف يوماً بعد يوم في منطقتنا الحساسة، وفي كل العالم أخيراً"، مضيفاً: "يمكن مشاهدة اضطراب أميرکا، وحليفها المجرم أي الكيان الغاصب، وفشلهما في المنطقة بوضوح ضمن مشهد الأحداث في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن وأفغانستان".
وختم السيد خامنئي نداءه بالتحذير من أنّه "يجب عدم الغفلة للحظة واحدة عن كيد العدو"، داعياً إلى "اجتناب الغفلة والغرور، ومضاعفة سعينا ويقظتنا".