"إسرائيل" تُحرّض على حزب الله: استهداف "كاريش" يضر بمصالح لبنان وأوروبا!
بقي إطلاق حزب الله 3 مسيرات باتجاه منصة "كاريش" لاستخراج الغاز، عصر السبت الماضي، موضع اهتمام واسع من قبل المسؤولين الإسرائيليين، وعلى رأسهم رئيس الحكومة الجديد يائير لابيد، ووزيرا الأمن والطاقة بني غانتس وكارين الهرار، الذين شنوا حملة تحريض ضد حزب الله وصلت أصداؤها إلى أوروبا.
وبالتزامن مع حملة التحريض التي يشنها المسؤولون الإسرائيليون ضد حزب الله، كشفت تقارير إسرائيلية أنّ إسقاط المسيرات لم يتم بنجاح إلاّ بعد استخدام صواريخ "باراك" من على متن سفينة تابعة لسلاح البحر، وذلك بعد فشل طائرات "الأف 35" و"الأف 16" في تنفيذ المهمة، وذلك على الرغم من أنّ المسيرات هي هدف سهل الاعتراض، وفقاً لجهات في "الجيش" الإسرائيلي، بينما "التهديد المصيري" هو صاروخ "ياخونت".
لابيد محرضاً على حزب الله: يُهدد استقرار لبنان
استغل رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لابيد زيارته العاصمة الفرنسية باريس، يوم الثلاثاء، للقيام بحملة تحريض ضد حزب الله، إذ قال بعد أن التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنّ "طائرات من دون طيار حاولت الاعتداء على منصة غاز إسرائيلية على مقربة من السواحل اللبنانية"، مضيفاً أنّ "الجهة التي أرسلتها هي حزب الله الذي يُهدد استقرار لبنان، وينتهك سيادته، ويدفعه نحو تصعيد خطير مع إسرائيل وسيمس بالمصالح الوطنية اللبنانية".
وهدّد لابيد حزب الله بأنّ "إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الاعتداءات المتكررة"، لافتاً إلى أنّ "حزب الله يخزّن في لبنان أكثر من 100 ألف صاروخ موجهة نحو إسرائيل، ويحاول أن يُشغل ضد إسرائيل صواريخ وطائرات من دون طيار".
وفي حديث مع الصحافيين بعد لقائه ماكرون، قال لابيد: "قدّمنا مواد استخبارية عن حزب الله تتعلق بفرنسا"، كاشفاً أن "إسرائيل ستتعاون مع فرنسا من أجل منع هجمات أخرى على كاريش".
وكان لابيد قال قبيل سفره إلى فرنسا: "سنناقش بالطبع ما حدث في الفترة الأخيرة مقابل السواحل اللبنانية. حصلت هجمات متكررة على منصات غاز إسرائيلية. إسرائيل لن توافق على هذا النوع من الهجمات على سيادتها، وكل من فعل ذلك يجب أن يعلم أنّه يخاطر بشكل غير ضروري بسلامته. يجب على حكومة لبنان أن تكبح حزب الله في مواجهة هذه الهجمات، أو علينا (نحن) القيام بذلك".
وبشأن الزيارة، كشف موظف إسرائيلي رفيع المستوى في إيجاز للصحافيين أنّ لابيد سيطلب من ماكرون نقل رسالة إلى حكومة لبنان مفادها أنّ "حزب الله يلعب بالنار، وهو يشكل خطراً على قدرة لبنان في التوصّل إلى اتفاق لحل الخلاف حول الحدود البحرية وحقول الغاز".
وأضاف الموظف الإسرائيلي أنّ "لابيد سيعرض مواد استخبارية جديدة توضح كيف أنّ حزب الله يعرّض سلامة لبنان وأمنه للخطر".
أوروبا في دائرة الاستهداف!
المسؤول الإسرائيلي نفسه كشف أيضاً أنّ "لابيد سيقول لماكرون أنّ المنصة مهمة لاستخراج غاز يُستخدم ليس فقط في إسرائيل، بل سيزيد إمكانية تصدير الغاز إلى أوروبا للمساعدة في مواجهة أزمة الطاقة".
وفي هذا السياق، كشفت تقارير إسرائيلية أنّ مسؤولين إسرائيليين قالوا لمسؤولين أوروبيين إنّ "حزب الله حين يهاجم كاريش، هو في الواقع يهدد التزويد لأوروبا أيضاً".
وأفادت "القناة 13" الإسرائيلية بأنّ "الخطاب الذي تحاول إسرائيل قوله هو أنّ الحديث لا يدور عن حادثة أمنية وتهديد أمني بل عن تهديد خاص بالطاقة، وليس فقط تهديداً خاصاً بالطاقة على إسرائيل، بل تهديداً خاصاً بالطاقة عالمياً".
وأضافت "القناة 13" أنّ "إسرائيل لديها اتفاقات مع مصر والاتحاد الأوروبي على تزويد الغاز من منصة كاريش التي يفترض أن تبدأ العمل في شهر أيلول/سبتمبر المقبل، وهذه الاتفاقات تعتمد على بدء العمل في أيلول/سبتمبر، وقد جرت محادثات هاتفية بين مسؤولين إسرائيليين ومسؤولين أوروبيين كبار، والرسالة التي بعثوا بها هي أنّ على الأوروبيين أن لا يجلسوا على الجدار، فالضرر ليس فقط على قطاع الطاقة الإسرائيلي، فحين يهاجم حزب الله منصة كاريش فهو في الواقع يهدد التزويد لأوروبا أيضاً".
غانتس: "إسرائيل" سترد بقوة على كل من يحاول الإضرار بها
التحريض ضد حزب الله لم يقتصر على رئيس الحكومة الإسرائيلية، إذ انضم إليه وزير الأمن بني غانتس الذي قال، أمس الثلاثاء، في أثناء مشاركته في مؤتمر اقتصادي في اليونان، إنّه "قبل أيام عدة، اعترضت قوات الجيش الإسرائيلي 3 طائرات مسيرة أُطلقت نحو منطقة منصة كاريش، الموجودة في المياه الإقليمية التابعة لإسرائيل، بهدف عرقلة المفاوضات التي تجري حول الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان. هذه العملية هي قبل كل شيء ضد المواطنين اللبنانيين، الذين يرزحون تحت صعوبات اقتصادية".
وحذّر غانتس من أنّ "عمليات حزب الله، التي لا جدوى منها، قد تؤدي إلى سوء تقدير وتقويض للاستقرار"، مضيفاً أنّ "محاولة حزب الله تظهر أنّهم لا يرون بشكل صحيح الواقع في المنطقة".
وهدد غانتس حزب الله بالقول إنّ "إسرائيل تراقب كل ما يحدث في محيطها، وسترد بقوة على كل من يحاول الإضرار بمواطنيها وببنيتها التحتية".
تهديدات لابيد وغانتس من فرنسا واليونان ضد حزب الله تزامنت مع تهديدات مماثلة أطلقتها وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين ألهرار، من على منصة "كاريش" التي زارتها أمس الثلاثاء، إذ قالت إنّ "كل محاولة لاستهداف المنصة الموجودة في المياه الاقتصادية لإسرائيل ستلاقي رداً بمختلف الأدوات".
وكانت ألهرار عقدت، وفقاً لمراسلة الشؤون السياسية في "القناة 13" التلفزيونية الإسرائيلية موريا وولبرغ، نقاشاً وُصف في "إسرائيل" بأنّه سري للغاية، حضره ممثلون عن جميع الجهات الأمنية والإعلامية ذات الصلة، مثل "جيش" الاحتلال الإسرائيلي، "الموساد"، ومجلس الأمن القومي، وذلك بعد إسقاط المسيرات وفي ظل مخاوف من حصول محاولة هجوم إضافية.
وكشفت وولبرغ أنّه خلال هذا الاجتماع "السري"، وُجّهت انتقادات لتصرف الناطق باسم "جيش" الاحتلال الإسرائيلي يوم الهجوم من قبل حزب الله، كون "الرسائل لم تكن موحدة، ولم تنسق بشكل جيد".
المُسيرات أُسقطت بعد محاولتين فاشلتين
بالتزامن مع حملة التحريض التي يشنها المسؤولون الإسرائيليون ضد حزب الله، كشف موقع "القناة 12" في التلفزيون الإسرائيلي أنّ "نجاح إسرائيل بإسقاط المسيرات التي أطلقها حزب الله نحو حقل كاريش، يوم السبت الماضي، حصل بعد أن استدعيت خلال الحدث طائرات أف 35 أقلعت من قاعدة نفاتيم، إلاّ أنها فشلت في إسقاط المسيرات، رغم نجاحها في الإطباق على إحدى المسيرات وإطلاق صاروخ نحوها، لكن عملية الاعتراض لم تنجح".
الموقع أضاف أنّه "في نهاية الأمر، الطائرة المسيرة أُسقطت من قبل طائرة أف 16 التي وجدت هي أيضاً صعوبةً في إسقاط باقي المسيرات، التي تقرر اعتراضها بواسطة صواريخ باراك، أُطلقت من على متن سفينة صواريخ التابعة لسلاح البحر في الجيش الإسرائيلي". ولفت الموقع إلى أنّ سلاح الجو الإسرائيلي "يُحقق في ملاءمة الطائرات وأسلحتها لهذه المهمة".
وفي سياق ذي صلة، كشف معلق الشؤون العسكرية في موقع "والاه" الإخباري، أمير بوحبوط، أنّ جهات في "الجيش" الإسرائيلي أوضحت أنّ "المسيرات هدف سهل الاعتراض لبطء حركتها في الجو، وأنّ التهديد المصيري الذي يجب مواجهته هو صاروخ ياخونت المتطوّر الذي يمتلكه حزب الله".
بدوره، قال معلق الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، إنّهم في قيادة سلاح الجو لا بد أنّهم طرحوا أسئلة أكثر تعقيداً، منها:
- ماذا لو لم تكن 3 فقط بل 20 أو 30 مسيرة في آنٍ معاً، فهل ستكون النتائج مشابهة؟
- ماذا لو كان حزب الله يستخدم سلاحاً أكثر ذكاءً بقليل، هل "باراك 1" سيكون كافياً؟
- لماذا لم يتم الاعتراض بوسائل التشويش التكنولوجية؟