"وما تركناهم..." الميادين تحكي قصة معتقلي أنصار والخيام جنوبيّ لبنان

تحاول"إسرائيل" إخفاء السرديات التي تتحدث عن تاريخها الدموي في لبنان والعالم، لذلك تأتي سلسلة "وما تركناهم.."، من إنتاج الميادين، لتوثق ممارسات الاحتلال، وما عاناه أهل الجنوب اللبناني في معتقلاته..
  • "وما تركناهم... ".. وثائقي يحكي تاريخ المعتقلات والأسرى.

بعد نحو شهر ونصف من بدء الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، بدأ جيش الاحتلال بعمليات اعتقال عشوائية طاولت آلاف اللبنانيين، حتى ضاقت أماكن الاعتقال بالأسرى، فلجأت قوات الاحتلال إلى إنشاء معتقلات تستوعب عدداً كبر، فكان معتقل "أنصار"؛ المعتقل الذي ما زال شاهداً على وحشية الجرائم التي قام بها الاحتلال الذي يحاول، طمس الذاكرة وتهميشها.

محاولات الاحتلال هذه  ربما تفسّر تدميره معتقل الخيام في الجنوب اللبناني قبل 16 عاماً إبّان حرب تموز/يوليو عام 2006. المعتقل الذي حكت حجارته قبل معتقليه ما فعلته "إسرائيل" بالبشر والحجر.

تعيد الميادين تذكير العالم بهذه السجون والمعتقلات، وتروي قصصها التي لا تنتهي، والتي تصوّر بشاعة الاحتلال، والظلم الذي لحق بأبناء الجنوب اللبناني من خلال سلسلة وثائقية عنوانها "وما تركناهم". 

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

اسم السلسلة (وما تركناهم) مستوحىً من خطابات لقادة المقاومة، أشهرها عبارة الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، وجملته الشهيرة التي قال فيها: "نحن قوم لا نترك أسرانا في السجون".

أما مضمون السلسلة فهو عودة إلى حقبة الثمانينيات من القرن الماضي، والسياقات التاريخية التي عصفت بتلك الفترة،ـ عبر تخصيص جزأين لكلّ معتَقل من معتقلي، أنصار والخيام.

معدة الوثائقي: "وما تركناهم" سردٌ تاريخي مع ربط بين الماضي والحاضر

تشرح معدة الوثائقي، شيزار حايك، ما يتضمنه، وتشير إلى أن الجزء الأول الذي يحمل عنوان "أنصار 1"، يركّز على مرحلة إنشاء المعتقل، والظروف التي واكبته، مِن تكوّن نواة المقاومة وانطلاق عملياتها ضد قوات الاحتلال وعملائه.

يحرص الوثائقي على المرور بجميع أشكال وفصائل المقاومة التي ظهرت في تلك الفترة. ويتضمّن الجزآن الأوّلان (أنصار 1 و2)، توثيقاً لمرحلة امتدت بين عامي 1982  و1985، عند إقفال معتقل أنصار، وانسحاب قوات الاحتلال من بعض مناطق الجنوب، وإنشاء ما سُمّي لاحقاً الشريط الحدودي.

في الجزئين الأولين، بحسب حايك، "سرد تاريخي لمرحلة الأسر، وسياقاتها العسكرية واللوجستية، وربط ما بين الماضي والحاضر، من خلال مقابلات مع أسرى سابقين، وقفوا مجدّداً في المعتقلات التي زجوا فيها، ليعيدوا تأريخ تلك الحقبة بمراراتها، ونضالاتها الفردية والجمعية".

أما الجزآن التاليان: "الخيام 1 و2"، فينتقل بنا الوثائقي فيهما إلى بلدة الخيام الجنوبية في لمحة تاريخية، تحدّثنا عن أصل المعتقل، وكيف كان ثكنة عسكرية فرنسية أنشئت عام 1933، ثم يرجع بالذاكرة إلى الأعوام التي شكّلت حقبة من التعذيب والقمع والقتل المتعمّد للأسرى.

وسعت السلسلة في الجزئين الأخيرين أيضاً، إلى ربط الماضي بالحاضر، عبر استحضار شهادات لأسرى، كانوا حاضرين سابقاً في موادّ أرشيفية في المعتقل قبل تدميره، في عملية دمج ما بين زمنين. ولأن معتقل الخيام كان يضم آنذاك، حيزاً للنساء، فإن الوثائقي يضيء أيضاً على ما تعرّضن له من تعذيب فاق التصور، بحسب معدة الوثائقي.

عمد القيّمون على السلسلة، إلى ربط الحقبة السابقة (حقبة الاحتلال) بأيامنا الحالية؛ فتدلل السلسلة على ما يمثّله معتقل الخيام، وما يختصره من رمزية مقاومة، شاهدة على وحشية جيش الاحتلال الإسرائيلي، وعدد الشهداء الذين قضوا هناك، والظروف القاهرة التي واكبت تلك الحقبة، والسياقات التاريخية التي تجلّت في ازدياد وتيرة عمليات المقاومة وبدء عمليات تبادل الأسرى، وصولاً إلى التحرير عام 2000، وتحطيم أسرى الخيام أقفال زنازينهم وتسجيل صرخاتهم الأولى قبل 22 عاماً.

"وما تركناهم..." وثائقي من 4 أجزاء، يحكي تاريخ المعتقلات والأسرى ورحلة تحرّرهم. ويُعد توثيقاً للمرحلة التي أدت إلى نشأة هذه المعتقلات، مع التركيز على ما حدث داخلها من تعذيب وظلم، وخارجها من احتلال ووشاية خصوصاً من قِبل العملاء. كيف كانت آلية التعذيب داخل معتقل أنصار؟ وبماذا اختلف عن معتقل الخيام، وكيف؟

يعرض الوثائقي لنماذج من حكايات آلاف المعتقلين الذين ذاقوا مختلف أنواع العذابات، والذين شقوا طريق النصر لاحقاً بمرارة الاعتقال. ومن قلب المعتقلات، وما سبقها من حقبات تاريخية، وما تلاها،تقوم الميادين بتوثيق المكان ورمزيته وما يختصره من مرحلة في حقبة الاحتلال الإسرائيلي، وتحاول صناعة مادة تلفزيونية بصرية تخلّد ما حدث في الماضي، حتى لا ييقى عصياً على النسيان في المستقبل.

السلسلة الوثائقية "ما تركناهم..." من إعداد شيراز حايك. إخراج أمير مهدي، وإنتاج قناة الميادين. تمتد على 4 أجزاء.

يعرض الجزء الأول هذا الأحد 19 حزيران/يونيو 2022 الساعة 21:00 بتوقيت القدس الشريف على شاشة الميادين.

المصدر: الميادين نت