الأزمة بين روسيا و"إسرائيل".. هل تتجاوز أوكرانيا؟
ارتفعت حدّة التوتر بين روسيا و"إسرائيل"، على خلفية قضايا عدّة، آخرها اتهام وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف "إسرائيل" بدعم النازيين الجدد في أوكرانيا، وكذلك تزويد "إسرائيل" قوات الإنقاذ الأوكرانية بعتاد دفاعي، وقبل ذلك تأييد "إسرائيل" تحييد روسيا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
لافروف يصعّد و"إسرائيل" تحتج
صرّح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في مقابلةٍ صحافية أنّ الزعيم النازي، أدولف هتلر "لديه دماء يهودي وأنّ أكثر المعادين الساميين عنفاً هم من اليهود".
تصريحات لافروف تهدد بتغيير موقف "إسرائيل" من العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا، وفقاً لما ذكرته صحيفة الغارديان البريطانية.
ردّ الفعل الإسرائيلي جاء سريعاً، فقد استدعت "إسرائيل" السفير الروسي، ووصف وزير خارجية الاحتلال، يائير لابيد، تصريحات لافروف بأنها "لا تغتفر وشائنة"، وأنها تعبّر عن "خطأ تاريخي فظيع".
هذه التصريحات لم تثنِ روسيا عن موقفها، بل أعادت الخارجية الروسية التأكيد على موقف لافروف، متهمةً لابيد بتصريحات "مضادة للتاريخ" حول المحرقة النازية، "والتي تفسّر المسار الذي تسلكه الحكومة الإسرائيلية الحالية في دعم نظام النازية الجديدة في كييف".
المدير العام لهيئة الإذاعة الإسرائيلية السابق، يوني بن مناحيم، قال في تصريحاتٍ صحافية إنّ رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، نفتالي بينيت، ووزير خارجيته لابيد يحاولان الضغط على روسيا لإرضاء الرئيس الأميركي جو بايدن وتعزيز موقفه ضد إيران، وذلك تمهيداً لإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس، مضيفاً أنّ "السلطات الإسرائيلية لا تريد توتير العلاقات مع روسيا التي قد تهدد عملياتها في سوريا".
"إسرائيل" تدعم النازيين في أوكرانيا
العلاقات الروسية - الإسرائيلية المتوترة بسبب الدعم الإسرائيلي لكييف وللرئيس فولوديمير زيلينسكي اليهودي الذي استنجد بيهود العالم، بات واضحاً أنّها سترقى إلى مستوى المواجهات الساخنة بين البلدين، فالمتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا اتهمت، اليوم الأربعاء، "إسرائيل" بإرسال مرتزقتها وقالت إنهم "يقاتلون إلى جانب كتيبة آزوف المتطرفة".
وقبل أيام، نشرت مجموعة باسم "Rybar" في موقع تلغرام قائمة تضم 20 إسرائيلياً (بما في ذلك أرقام جوازات السفر وتواريخ الميلاد)، وتؤكد المجموعة أنّ هؤلاء الإسرائيليين يقاتلون كمرتزقة في الجيش الأوكراني، ووفق موقع "هآرتس" الإسرائيلي فإنّ معظم الأسماء تخصّ موظفي وزارة الخارجية من حراس الأمن، وموظفي القنصلية، وموظفي الوكالة اليهودية.
وأرسلت "إسرائيل" في الأسبوع الثالث من العملية العسكرية الروسية هؤلاء الأشخاص بجوازات سفر دبلوماسية بدعوى دعم طاقم السفارة الإسرائيلية في أوكرانيا وإجلاء اليهود إلى بولندا، وللمساعدة في عودة الإسرائيليين العالقين في أوكرانيا، ولقد ساعد هؤلاء الأشخاص اليهود للخروج من عدّة معابر حدودية.
ويدّعي موقع "هآرتس" الإسرائيلي، بأنّ عميلاً في المخابرات الروسية ومن المحتمل أن يكون أوكرانياً حصل على القائمة التي تضم 20 إسرائيلياً، ونقلها إلى الروس ومن هناك وصلت إلى مجموعة "Rybar" في تلغرام. ويضيف الموقع أنّ "إسرائيل تخشى من وصول القائمة إلى أعداء إسرائيل، مثل المخابرات الإيرانية، التي تسعى جاهدة لجمع أي معلومات عن ممثلي "إسرائيل" في جميع أنحاء العالم".
وقبل تسريب الأسماء بأيام، أعربت روسيا عن استغرابها إزاء مبادرة تقدم بها سفير "إسرائيل" لدى أوكرانيا، مايكل برودسكي، لإعادة تسمية عدد من شوارع كييف التي تحمل الآن أسماء مرتبطة بروسيا، حيث اقترح برودسكي على عمدة كييف فيتالي كليتشكو إعادة تسمية عدد من شوارع المدينة، ضمن حملة "القضاء على الإرث الروسي"، باسم أوكرانيين أنقذوا اليهود إبان الحرب الوطنية العظمى.
ومنذ بداية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، ساهمت "إسرائيل" بتأسيس مستشفى غربيّ أوكرانيا، وقدمت مساعدات إنسانية وسترات وخوذ واقية من الرصاص للجيش الأوكراني.
بناء على ذلك، ألغى وزير الدّفاع الروسي، سيرغي شويغو، مُكالمةً هاتفيّة مع وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس قبل أيّام، احتجاجاً على تصعيد "إسرائيل"، وكان من المُفترض أن تُركِّز هذه المُكالمة على أوجه التّعاون الأمني والعسكري بين الجانبين وخاصةً في سوريا و"الهجمات على أهدافٍ إيرانيّة".
وفاقم تصويت "تل أبيب" لصالح تعليق عضوية موسكو ـفي مجلس حقوق الإنسان الأزمة بين الطرفين، واستدعت موسكو السفير الإسرائيلي بن تسفي على خلفية تصريحات لابيد، الذي اتهم فيها موسكو بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا، وهو ما أثار قلقاً في "إسرائيل" من تداعيات الغضب الروسي على وضعها في سوريا.
وردّت وزارة الخارجية الروسية في بيانٍ لها قالت فيه إنّ "هناك محاولة مموّهة بشكل سيئ للاستفادة من الوضع في أوكرانيا لصرف انتباه المجتمع الدولي عن أحد أقدم النزاعات التي لم تُحَل وهو الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي".
السيناريوهات المقبلة في العلاقات الإسرائيلية-الروسية في سوريا
روسيا ليست دولة صديقة لـ"إسرائيل"، هكذا وصف الإعلام الإسرائيلي العلاقة بين الطرفين بعد موجه التصعيد، وتخشى "إسرائيل" من إمكانية حظر سلاح جوها في سوريا في حال تصاعدت الأزمة بين الجانبين أكثر من ذلك، وفق صحيفة "جيروزالم بوست" الإسرائيلية، فما هي السيناريوهات المقبلة في سوريا؟
السيناريو الأول، وفق "جيروزالم بوست"، يتمثل بـبقاء كل شيء على ما هو عليه، واستمرار التنسيق العسكري والأمني بين البلدين، بغض النظر عن وجهة النظر المختلفة فيما يتعلق بالعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
في هذا السياق، يقول وزير أمن الاحتلال، بيني غانتس، لـ"المونيتور"، إنّ حكومته "تواصل التعامل مع روسيا في اتفاقٍ ضمني يسمح بضربات جوية إسرائيلية ضد أهداف إيرانية في سوريا، حتى بعد أن أرسلت إسرائيل مساعدات عسكرية محدودة إلى أوكرانيا".
السيناريو الثاني، وهو الذي يمكن أن يثير المخاوف الإسرائيلية، يتمثل في إعطاء إيران حرية العمل بشكل أكبر بكثير في سوريا بالإضافة إلى السماح لها بنقل المزيد من الأسلحة إلى سوريا وتعزيز دفاعاتها الجوية وهذا الأمر يصعب على "إسرائيل" قصف الأهداف في سوريا، وفقاً للإعلام الإسرائيلي.
السيناريو الثالث، هو أن تدعم موسكو الدفاعات الجوية السورية، ولا سيما أنها زودت سوريا بمنظومة إس-300 إضافة إلى دعم دمشق بمعلومات استخباراتية.
السيناريو الرابع، روسيا ستحرج "تل أبيب" بشكلٍ أكبر فيما يتعلق بالعمليات الإسرائيلية في سوريا عبر بيانات الإدانة والمواقف شديدة اللهجة في الأمم المتحدة وغيرها من المحافل الدولية وخاصة بموضوع الصراع في فلسطين المحتلة.
أما السيناريو الخامس، هو أن تبدأ روسيا ببيع الأسلحة لإيران وتزويد الجيش السوري بأنواع جديدة من الأسلحة أيضاً، إلى جانب مساعدته في التصدي للغارات الجوية الإسرائيلية.
أمام هذه السيناريوهات، تبقى الأزمة مفتوحة على احتمالات عديدة، تبدأ من أوكرانيا نفسها ضد المحور الغربي الذي تنتمي له "إسرائيل"، ووصولاً إلى المنطقة وما فيها من تجاذبات وتقاطعات تضم روسيا والاحتلال الإسرائيلي، في أكثر من ساحة.
إقرأ أيضاً: تصريحات لافروف عن اليهود... هل بدأت الحرب الروسية ضد "إسرائيل"