قلقٌ إسرائيلي من هجمات سايبر في "يوم القدس".. حرب صامتة فما تأثيرها؟

تحذيراتٌ إسرائيلية من هجمات سيبرانية محتملة في يوم القدس العالمي.. فهل باتت هذه الهجمات تهدد بصورةٍ حقيقية الأمن السيبراني في "إسرائيل"؟
  • ارتفع معدل الهجمات السيبرانية بنسبة 92% ضد الاحتلال الإسرائيلي

مع اقتراب إحياء يوم القدس العالمي في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، أصدرت مديرية الإنترنت الوطنية الإسرائيلية، أمس الأحد، تحذيراً من الهجمات السيبرانية المحتمل حصولها ضد المواقع والبنى التحتية الإسرائيلية في هذا اليوم. 

وأشارت المديرية إلى أنّ التوقعات بحصول هجماتٍ سيبرانية هذا العام، تأتي في ظل تصاعد التوترات في فلسطين في الآونة الاخيرة، وخصوصاً في الحرم المقدسي الذي شهد اعتداءاتٍ عنيفة من قبل قوات الاحتلال على الفلسطينيين الذين يحيون شهر رمضان المبارك.  

هذه التحذيرات الإسرائيلية من الهجمات السيبرانية المحتملة لم تأتِ من فراغ، فسبق وأن تمّ اختراق حوالى 300 موقع بمقطع فيديو لعدد من المستوطنات الإسرائيلية وهي تحترق، وتوعّد الفيديو الاحتلال الإسرائيلي بالزوال القريب، تزامناً مع يوم القدس العالمي في أيار/مايو عام 2020.

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

غير أنّ هذه التحذيرات أيضاً، تعبّر عن قلقٍ إسرائيلي واضح من الهجمات السيبرانية التي قد تُشنّ، خصوصاً وأنّ معدّل الهجمات السيبرانية ضد الاحتلال الإسرائيلي ارتفع بشكلٍ كبير في السنتين الماضيتين، وباتت تهدد بصورةٍ حقيقية الأمن السيبراني في "إسرائيل"، وذلك باعتراف الإسرائيليين أنفسهم. 

ارتفاع معدل الهجمات السيبرانية ضد الاحتلال الإسرائيلي

ففي وقتٍ ارتفع معدل الهجمات السيبرانية الإلكترونية بنحو 50% على مستوى العالم من عام 2020 إلى عام 2021، ارتفع معدلها بنسبة 92% ضد الاحتلال الإسرائيلي، بحسب ما كشفته صحيفة "جيروزاليم بوست". 

ومنذ بداية العام الحالي، شُنّ ضد الاحتلال عمليّات سيبرانية نوعيّة، أظهرت الفشل الإسرائيلي وضعفه في تحصين المواقع والبنى التحتية من هكذا هجمات، إذ تعرّض الاحتلال، في آذار/مارس الماضي، لسلسلة هجمات غير مسبوقة في حجمها، ألحقت "ضرراً في مواقع الإنترنت الحكوميّة والمدنيّة"، وفق التقديرات الإعلاميّة والأمنيّة الإسرائيلية. 

لم تطل الهجمات السيبرانية الأخيرة المواقع الحكومية والبنى التحتية فحسب، بل طالت شخصية بارزة في الكادر الأمني الإسرائيلي، وهو رئيس الموساد ديفيد بارنع، حيث تحدّثت وسائل إعلام إسرائيلية  بين الـ 16 والـ 17 من شهر آذار/مارس الماضي، عن اختراق مجموعة قراصنة، تطلق على نفسها اسم "الأيادي المفتوحة"، هاتف بارنع وزوجته، ونشرها صوراً وتفاصيل شخصيةٍ تتعلّق به، وبعائلته ومكان سكنه.

من هي المجموعات التي تقوم بهجمات سيبرانية ضد الاحتلال؟ 

مجموعة "الأيادي المفتوحة" ليست المجموعة الوحيدة الناشطة في هذا المجال، إذ تنشط مجموعات قرصنة أخرى في شن هجمات سيبرانية ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومنها مجموعة "عصا موسى"، التي اخترقت في الـ 28 من كانون الثاني/يناير من هذا العام كاميرات الدائرة التلفزيونية المغلَقة والمنتشرة في شوارع الأراضي الفلسطينية المحتلة.

سبق ذلك هجوم إلكتروني هائل شنّته المجموعة نفسها في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، اخترقت خلاله خوادم الشركات الكبرى في كيان الاحتلال الإسرائيلي، حيث تخزَّن البيانات. وكانت أيضاً قد نشرت في وقت سابق صوراً لوزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس، مع تهديد بأنه قيد المراقبة.

إضافةً إلى المجموعتين السابقتين، استطاعت مجموعة تطلق على نفسها اسم "بلاك شادو" أن تُربك الاحتلال الإسرائيلي بشنّها هجمات سيبرانية متفرّقة على مواقع وخوادم مختلفة مثل خوادم شركة "CyberServe"، وموقع "Trip Guaranty"، ونشرها المعلومات الشخصية التي تحصل عليها من خلال هذه المواقع. 

يُشار إلى أنّ "Cyberserve" هي شركة ويب، توفر الخوادم وخدمة تخزين البيانات لشركات صناعية أخرى، أمّا "Trip Guaranty" فهو موقع إسرائيلي مختص بحجوزات السفر. 

وبالحديث عن الهجمات السيبرانية، تكثر التساؤلات حول مصدر هذه الهجمات، والجهة المسؤولة عنها، وفي الحالة الإسرائيلية، غالباً ما يتهم الإسرائيليون مجموعات القراصنة التي تتبنى الهجمات ضدها بأنّهم تابعون إلى إيران، على اعتبار أنّ إيران و"إسرائيل" يعيشان حرباَ صامتة من خلال الهجمات السيبرانية المتبادلة، إلاّ أنّ صحيفة "جيروزاليم بوست" ذكرت في تقرير حول من يمكن أن يكون خلف الهجمات السيبرانية، أنّه "بالإمكان اتّهام أي بلد، لكن في الواقع، لا أحد يستطيع أن يعرف مكانهم الحقيقي". 

وهنا يمكن الإشارة إلى أنّ مصدر الهجمات السيبرانية التي تطال الاحتلال الإسرائيلي ليس دولة محددة دائماً، بل يمكن أن تنفّذها أي دولة وأي مجموعة مستقلة. فعلى سبيل المثال، شنّت مجموعة سيبرانية عراقية قبل أيام هجمات سيبرانية استمرت يومين متتالين، وطالت موقع وخوادم مطار بن غوريون. 

وتحدثت تقارير إسرائيلية، عن هجوم سيبراني مصدره العراق، استهدف مواقع تابعة لقوات الاحتلال الإسرائيلي، وأدّى أيضاً إلى تعطيل موقع "القناة الـ 9" الإسرائيلية، وموقع قناة "كان 11"، إلى جانب العديد من المواقع الإسرائيلية الأخرى. وأوضحت التقارير الإسرائيلية أنّ توقيت بدء الهجوم السيبراني هو التوقيت نفسه الذي اغتيل فيه الشهيد الفريق قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس عند 1:02 فجراً.

حربٌ صامتة لكن تأثيرها قاسٍ

تتعدد مجموعات القراصنة التي تستهدف الاحتلال الإسرائيلي، وتختلف مصادرها، لكنها بشكلٍ أو بآخر، تتشارك في أنّها من خلال هجماتها السيبرانية ضد مؤسسة الاحتلال العسكرية، وبناه التحتية الذي يسعى جاهداً في حمايتهما، قادرة على بثّ الذعر والرعب في صفوف الإسرئيليين، وقادرة على إخلال مشاعر الثقة والأمان بقدرة مسؤوليهم على حمايتهم، وبأنّ معلوماتهم وأسرارهم يمكن أن تُكشف حين تختار هذه المجموعات القيام بذلك. 

وهو أمرٌ تسعى تثبيته هذه المجموعات من خلال العبارات التي تتوجه بها إلى الإسرائيليين خلال عمليات القرصنة،  مثل "نحن نرى بأعينكم"، أو "لقد قمنا بمراقبتكم طوال عدة سنوات، في كل لحظة وفي كل خطوة". 

من جهةٍ أخرى، تكشف هذه الهجمات الغطاء عن فشل النظام الدفاعي في الأمن السيبراني الإسرائيلي الّذي تروّج له في المحافل الدولية، والذي تستغله لإبرام اتفاقيات مع دول عربية وأجنبية في هذا المجال، مثل المغرب التي وقّعت اتفاقية مع الاحتلال في مجال الدفاع الإلكتروني. ومثل الإمارات والبحرين اللتين انخرطت في أسواقهما شركة  "XM Cyber" الإسرائيلية التي تبيع منتجات الأمن السيبراني لحماية الغاز والنفط والبنى التحتية المالية والمطارات في المنطقة. 

قبل 4 سنوات، تباهى رئيس حكومة الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو بأنّ "إسرائيل" أصبحت رائدةً على مستوى العالم في مجال الأمن السيبراني، وبأنها قادرة على حماية مواطنيها من أي اختراق لحساباتهم المصرفية، وفي شتّى المجالات الأخرى، لكن ما يشهده الاحتلال من خروقاتٍ لأمنه السيبراني، يبدد ما زعمه نتنياهو، ويدلّ على أنّ الحرب السيبرانية باتت من أخطر الحروب في الزمن الحالي.

الأمر الذي عبّر عنه رئيس جهاز السايبر في "الشاباك" سابقاً، إيرز كراينر،حيث قال: "نحن نعلم بأنه يمكن، عبر السايبر، إلحاق ضربات قاسية جداً في هذا المجال"... فهل سنشهد هجوماً قاسياً جديداً في يوم القدس العالمي؟  

المصدر: الميادين.نت