الميادين نت تتابع ملف سرقة المافيا التركية للآثار السورية
تحوي محافظة إدلب نحو ثلث الآثار السورية، وتحتضن أكثر من ألف موقع أثري، أكثر من 700 منهم ونحو 40 قرية أثرية مسجلين على لائحة التراث العالمي، والتي تضررت بشكل كبير جراء الاعتداءات عليها، وتعرضت محتوياتها للنهب وأعمال التنقيب التقليدية لتصبح مصدر تمويل للجماعات المسلحة المسيطرة على المناطق ولاسيّما "هيئة تحرير الشام".
وضمن السلسة التي تقوم بنشرها الميادين نت حول أنشطة المافيا التركية في محافظة إدلب بدءاً بتجارة الحشيش والمخدرات، وصولاً للاتجار بالبشر والأعضاء البشرية، وليس انتهاءً بسرقة الآثار والتنقيب عنها في مناطق نفوذ الجماعات المسلحة، حيث أصبحت المناطق الأثرية مباحة بشكل علني لعمل تلك المافيا التي تستعين بخبراء في علم الآثار لأعمال الحفر والتنقيب وسرقة الآثار وبيعها في السوق العالمية.
وكانت مديرة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة "اليونسكو"، إيرينا بوكوفا، قالت في مؤتمر عُقد في العاصمة البلغارية لبحث سبل مواجهة نهب الآثار السورية، في أيلول/سبتمبر 2015، إنّ "المواقع الأثرية في سوريا تنهب على نطاق مذهل، وإنّ عوائد بيع هذه الآثار المنهوبة تموّل أعمال المنظمات الأرهابية المسيطرة على تلك المناطق".
وعلمت الميادين نت من مصادرها في إدلب أنّ جميع المواقع الأثرية الشهيرة هناك، وخصوصاً في جبل الزاوية، تعرضت للتخريب، وأعمال التنقيب والسرقة من قبل الجماعات المسلحة، وقد شوهد خلال الأشهر الماضية أعمال تنقيب يقوم بها خبراء مستخدمين أدوات تنقيب حديثة قرب البارة و أبلين و الموزرة، إضافةً إلى أعمال حفر قرب بلدة سرمدا الأثرية، وسرقة بعض الأعمدة فيها باستخدام الرافعات، وحوّل المسلحون بعض المقابر الأثرية في سرمدا لمخازن سلاح وذخيرة، ونشروا نقاط حراسة ورفع سواتر ترابية في محيطها،حيث اختفت كل المعالم الأثرية نتيجة أعمال الحفر والتخريب التي تعرض لها المكان.
وأشارت المصادر إلى أنّ المافيا ذاتها التي اشتهرت أعمالها في المحافظة، هي التي بدأت بأعمال الحفر والتنقيب عن الآثار بالاستعانة بخبراء دوليين يتم استقدامهم عن طريق تركيا، إذ قامت عدة شاحنات بنقل لوحات كبيرة تمّ اكتشافها قرب سرمدا، دون معرفة الجهة التي تم نقلهم إليها.
وبيّنت أنّ المافيا تعرض أموالاً كثيرةً لقاء أعمال الحفر الفردية التي يقوم بها بعض سكان تلك المناطق، ومنهم مسلحين يتبعون لـ"هيئة تحرير الشام"، مقابل تسليمهم أي لقى أثرية يتم العثور عليها من قبلهم، وهذا ما وثّقه ناشطون كانوا داخل مناطق نفوذ الجماعات المسلحة قبل ثلاثة أعوام. ولوحظ تحوّل جذري في الوضع الاقتصادي للمئات من المنقبين عن الآثار بعد عثورهم على لقى أثرية وبيعها للوساطاء العاملين لدى تلك المافيا، بمبالغ تصل إلى نحو ألفي دولار عن كل قطعة، وأحياناً أكثر حسب قدم القطعة الأثرية.
ونقل الناشطون عن أحد تجار الآثار في إدلب أنّ "سعر التماثيل الأثرية التي تسرقها تلك المافيا يتراوح بين 10 آلاف و100 ألف دولار، في حين تمّ تسعير العملة الرومانية الواحدة لمن يعثر عليها نحو ألف دولار، ويتم تهريبها إلى تركيا عن طريق معابر هيئة تحرير الشام مقابل حصولها على نسبة 5% من قيمة اللقى الأثرية الواحدة".
وكان مدير عام الآثار والمتاحف في سوريا، محمود حمود، صرّح قبل أكثر من عام لوكالة "سبوتينك" الروسية بأنّ "سوريا تمتلك وثائق تثبت قيام الجيش التركي وعملائه بتخريب الأوابد الأثرية، والتنقيب فيها وتدميرها ونهب محتوياتها"، مشيراً إلى أنّ "السلطات التركية صادرت أكثر من 30 ألف قطعة، ورفضت إعادتها إلى الحكومة السورية، رغم المطالبة بها وتقديم شكاوٍ ضدها إلى المؤسسات والمنظمات الدولية المعنية بهذا الشأن".