موجة عنف جديدة في جنوب السودان تخلّف آلاف النازحين وقتلى وجرحى

نحو 14 ألف شخص هرب من تجدد العنف مؤخراً في ولاية الوحدة، في جنوب السودان، والتي تغرق في أعمال عنف مستمرة منذ حوالى عقد.
  • تحدّثت تقارير الامم المتحدة عن مأساة حقيقية تشهدها المناطق الشمالية في محيط مدينة لير جنوب السودان

اندلع القتال مجدداً في أجزاء من ولاية الوحدة في شمال البلاد، يوم الجمعة الفائت، بين قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان المعارضة بقيادة نائب الرئيس رياك مشار، والقوات التي انشقّت عن هذه الحركة، في آب/أغسطس الفائت، للانضمام إلى معسكر خصمه الرئيس سلفا كير.

وهرب نحو 14 ألف شخص من موجة العنف الجديدة التي تشهدها الولاية، الغارقة في دوامة العنف منذ نحو عقد.

ودعت القيادتان العسكريتان للجانبين، المتمركزتان في العاصمة جوبا، المجموعات المسلحة إلى وقف الأعمال العدائية على الفور.

واستمرت المعارك حتى يوم الأحد الفائت بشكل متواصل، بينما دفع المدنيون الثمن الأكبر.

وقال شهود عيان لوكالات الصحافة: "الجنود هاجموا قرانا وأحرقوا عدداً كبيراً من منازلنا. أخذوا أبقارنا وماعزنا وقتلوا أشخاصاً". وقال رب عائلة: "احترق كل غذائنا في منازلنا، ولم يتبق لنا شيء لنأكله".

وذكرت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، في بيان الإثنين، أنّ "عدداً كبيراً من القرى الواقعة جنوب مدينة لير نُهبت أو أُحرقت"، معبّرة عن قلقها من "معلومات تتحدث عن تدمير ميناء أدوك المجاور على النيل الأبيض، الذي يعد القطب الاقتصادي الثاني للدولة".

وقالت المتحدثة ليندا توم، أمس الثلاثاء، إنّ قوات حفظ السلام "كثّفت دورياتها في المنطقة"، مشيرةً إلى "معلومات مقلقة عن أعمال عنف جنسي ونهب وتدمير"، بحسب وكالة "فرانس برس".

جرائم اغتصاب وقتل ونهب

وقال رئيس إدارة منطقة لير، ستيفن تاكر، إنّه تمّ إحصاء 13 ألفاً و930 نازحاً حتى الاثنين، مضيفاً: "كلّ شيء نُهب والوضع خطير فعلاً".

وترى السلطات أنّ عدد النازحين قد يكون أكبر بكثير لأنّ بعضهم لم يصل بعد إلى البنى التحتية للمساعدات، بينما يفضّل آخرون اللجوء إلى الأهوار المحيطة بالمدينة.

ومشت بعض الأسر 4 ساعات للاختباء في عمق الأهوار. وقال نازحون إنّ المهاجمين اغتصبوا نساء وفتيات في قريته، مؤكدين رؤيتهم جثثاً معظمها لرجال مصابين بطلقات نارية خلال هروبهم.

وبعيداً عن القتال، تتركز الحياة اليومية في الأهوار على مسألة البقاء.

وقال نازحون آخرون: "الأطفال يشربون من مياه الأنهار غير السليمة، وكثيرون منهم مصابون بالإسهال، ولا يحصلون على أي دواء، والمسنون يعانون كثيراً ومعظمهم يموتون جوعاً أيضاً".

وفي بلدة مون، يبدو النازحون الذين يتمّ استقبالهم في معسكر للجيش "في حالة صدمة"، يقول باولينو كوتش ماويش، منسق مفوضية الإغاثة وإعادة التأهيل في بعثة الأمم المتحدة.

وأوضح ماويش: "هؤلاء النازحون بحاجة إلى غذاء ومأوى وماء ورعاية طبية، لكن من الصعب تقدير متى ستصل إليهم المساعدات الإنسانية التي هم بحاجة ملحة إليها".

وأجلت منظمات العمل الإنساني طواقمها من المنطقة بسبب العنف الذي يستهدفهم بانتظام.

منطقة مدمرة

تأتي هذه المعارك لتفاقم الوضع الإنساني "الكارثي"، حسب الأمم المتحدة، في هذه المنطقة من جنوب السودان، التي تعيش في حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني منذ استقلالها عن السودان في 2011.

وتضرب ولاية الوحدة منذ أشهر أسوأ موجة فيضانات تشهدها البلاد منذ 60 عاماً.

وأدّت معارك من حين لآخر بين القوات الموالية لنائب الرئيس وقوات الرئيس إلى تدمير منطقة لير، معقل رياك مشار.

وكانت هذه المنطقة واحدة من بؤر الأزمة الإنسانية في البلاد، التي سببتها حرب أهلية استمرت 5 سنوات، وأدّت إلى سقوط 400 ألف قتيل ونزوح ملايين.

وكانت أعلنت فيها حالة مجاعة بين شباط/فبراير وحزيران/يونيو 2017.

كما تحدثت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن وقوع جرائم حرب محتملة في هذه المنطقة في عام 2018.

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة وحكومة جنوب السودان، السبت الفائت، أنّ أكثر من 7.7 مليون مواطن، يشكلون نحو 63% من سكان هذا البلد الذي يتصاعد فيه العنف، سيواجهون أزمة غذائية بحلول تموز/يوليو المقبل.

وشهد الرقم ارتفاعاً بنسبة 7% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي (من نيسان/أبريل إلى تموز/يوليو) التي تتزامن مع موسم الجفاف.

وبحسب التقرير المشترك الذي قدّم للصحافة، فإنّ الصدمات المناخية من فيضانات وجفاف، فضلاً عن تفاقم حدة الاشتباكات المسلحة في بعض مناطق البلاد، تؤدي بشكل أساسي إلى نزوح السكان وتساهم في تفاقم انعدام الأمن الغذائي.

واتهمت الأمم المتحدة، الشهر الفائت، أعضاء في حكومة جنوب السودان "بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان ترقى إلى جرائم حرب" في المقاطعات الجنوبية الغربية من جنوب السودان، وحثّت على إجراء تحقيقات ضدّ عشرات الأفراد.

وأكّد التقرير وجود "انتهاكات حقوقية جسيمة، تتراوح بين الاغتصاب الجماعي والاستعباد الجنسي للنساء، وتصل الى القتل العمد لعشرات الأطفال".

المصدر: وكالات