محطة زابورجيه النووية.. بين التهويل الأوكراني والأهمية لروسيا
سيطرت القوات الروسية، صباح اليوم الجمعة، على محطة زابوريجيا للطاقة الذرية جنوب شرقي أوكرانيا، وخيّم الجدل على الأنباء المتناقلة عن المحطة النووية الأكبر على الإطلاق في أوروبا، بعد أن اقتربت القوات الروسية من السيطرة عليها، والأنباء فجر اليوم عن اشتعال حريق في أحد منشآتها، حيث اتهمت روسيا القوميين الأوكرانيين بالقيام بأعمال استفزازية قرب المحطة وإشعال النار فيها.
تهويل أوكراني ومحاولة لتوريط روسيا
الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الذي استشعر قرب سيطرة القوات الروسية على المحطة، لجأ إلى التهويل في محاولة للضغط على الروس وعدم الدخول إلى المحطة، فحذر من "نهاية أوروبا" في حال وقوع انفجار في محطة زابوريجيا إثر اندلاع الحريق فيها.
كما استكمل البيت الأبيض ما بدأه الرئيس الأوكراني، فاتصل بايدن بنظيره زيلينسكي، وتداولا في آخر المستجدات بشأن الحريق في محطة النووية.
لكن سرعان ما تم إخماد الحريق في المحطة من قبل فرق الإطفاء الأوكرانية، وتم إعلان سيطرة القوات الروسية عليهاـ، لكن روسيا نفت مسؤوليتها عن إشعال الحريق، متهمة القوميين الأوكرانيين بإشعاله، وقالت وزارة الدفاع "تبين أن هدف كييف مما قامت به قرب المنشأة هو جر قواتنا لإحداث تلوث إشعاعي".
بالتزامن، قالت أوكرانيا للوكالة الدوليّة للطاقة الذرية إن الحريق "لم يؤثر على المعدات" الأساسية، معلنةً أن كييف لم ترصد "أي تغيرٍ" في مستوى الإشعاعات في المحطة الواقعة في وسط أوكرانيا، وبحسب وكالة بلومبيرغ أنّه من غير المرجح أن يؤدي الضرر الذي لحق بمحطة زابوريجيا إلى كارثة نووية.
من جانبه، يقول رئيس المشغل النووي الأوكراني إن المحطة مصممة لتحمل تحطم طائرة وهي محمية بقذائف من المعدن والإسمنت السميك، كما أنها مجهزة بأنظمة الاستجابة للطوارئ حيث يتم إغلاق المفاعلات بمجرد أن تشعر بالاهتزازات الناتجة عن أي هجوم.
ويوضح الرئيس السابق للجنة التنظيمية النووية الأميركية والأستاذ في جامعة تكساس، ديل كلاين، أن محطة زابوريجيا لها دوائر مياه منفصلة لتبريد المفاعل وإنتاج البخار، كم ويوجد أنظمة تبريد أساسية.
يذكر أن كييف طوّرت أنظمة أمان جديدة تضمن الحماية المادية للمنشآت النووية في أنحاء البلاد، بما في ذلك عمليات تفتيش منتظمة وتقييم مواضع الضعف وتطبيق أنظمة تحكم آلي بالبيانات.
محطة زابوريجيا وأهميتها لروسيا
تعدّ محطة زابوريجيا الأكبر على الإطلاق في أوروبا، ويفيد موقع Power Technology بأن هذه المحطة تعتبر واحدة من أربع محطات نووية عاملة في البلاد وتولّد ما يصل إلى 42 مليار كيلوواط/ساعة من الكهرباء، ما يمثل حوالى 40% من إجمالي الكهرباء المولدة من جميع محطات الطاقة النووية الأوكرانية، وتديرها شركة توليد الطاقة النووية الوطنية الأوكرانية.
وتختلف محطة زابوريجيا بتصميمها الكلي عن تصميم مفاعل تشرنوبيل القائم على أساس إنتاج البلوتونيوم وليس توليد الطاقة، وتعمل مفاعلات المحطة على الوقود المخصب بيورانيوم 235.
المحطة التي بنيت في أوائل الثمانينيات بواسطة شركة الهندسة الثقيلة الروسية Izhorskiye Zavody، تتكون من 6 وحدات مفاعلات من الماء المضغوط، وجرى تشغيلها بين عامي 1984 و1995، بسعة تبلغ "1000 ميغاوات"، وهي تؤمن حوالى 25% من توليد الطاقة في أوكرانيا، وفق وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية.
تقع محطة زابوريجيا على نهر دنيبر رابع أطول نهر في أوروبا، على بعد حوالى 450 كيلومتراً جنوب شرقي كييف وحوالى 525 كيلومتراً جنوب محطة تشيرنوبيل التي سيطرت عليها القوات الروسية قبل أيام، وللسيطرة على محطة زابوريجيا أهمية كبيرة بالنسبة لروسيا بسبب قربها من مدينة ماريوبيل ومحاور أخرى.
وقبل بدء العملية العسكرية الروسية، في الـ20 من الشهر الماضي، أعلن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في مؤتمر ميونيخ للأمن، أنه سيبدأ المشاورات في إطار إعادة النظر في مذكرة بودابست.
وقال زيلينسكي إنه إذا لم تنعقد قمة الدول المشاركة في مذكرة بودابست، أو لم تقدم ضمانات أمنية لأوكرانيا، فسوف تعترف أوكرانيا بعدم صلاحية الوثيقة إلى جانب جميع البنود التي تمّ التوقيع عليها في عام 1994.
ونصت مذكرة بودابست، الموقَّعة في الـ5 من كانون الأول/ديسمبر 1994، من جانب بريطانيا وروسيا والولايات المتحدة وأوكرانيا، على ضمانات لأمن أوكرانيا ووحدة أراضيها، في مقابل تخلي كييف عن الأسلحة النووية.
وتعمل روسيا على السيطرة على المحطات النووية في أوكرانيا التي تمتلك 15 مفاعلاً نووياً نشطاً في 4 محطات داخل البلاد، ويبرر رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريشكين، العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا برغبة كييف في الحصول على أسلحةٍ نوويةٍ، وهذا الأمر يهدد أمن روسيا القومي وفق الرئيس فلاديمير بوتين.