هل تستطيع أوروبا الاستغناء عن الغاز الروسي إذا شملته العقوبات؟

استراتيجية روسيا التي أطلقتها في عام 2010، تظل أوروبا ضمنها الوجهة الرئيسية لصادراتها من الطاقة حتى عام 2030.
  • هبوط أسعار الغاز في أوروبا مع زيادة الإمدادات من روسيا

حاول الكثير من قادة  الاتحاد الأوروبي إلقاء اللوم على روسيا، بسبب ارتفاع أسعار الغاز. لكن شركة "غاز بروم" الروسية أكدت أنها تورد الكميات المنصوص عليها في الاتفاقيات طويلة الأجل، لأنّ عملاق الغاز الروسي، يفضل التعاقدات طولة الأجل، لتغطية التكاليف الضخمة للاستثمار في حقول الغاز وخطوط الأنابيب، خصوصاً التكلفة التي تمّ وضعها، في خط الأنابيب "نورد ستريم 2"، الذي سينقل الغاز مباشرة الى ألمانيا، ضمن مسافة مختصرة بالمقارنة مع خطوط الأنابيب القديمة التي تمر عبر أوكرانيا.
 
ويعتمد مفهوم أمن الطاقة الأوروبي على عدة أسس تشمل، ضمان التدفق المستمر لموارد الطاقة بدون انقطاع، وتوفير الطاقة من مناطق إنتاج موثوقة وبالأسعار المناسبة، بالإضافة إلى عدم إلحاق الضرر بالبيئة. هذا مع عدم إغفال تنويع مناطق إمدادات الطاقة لتقليل التبعية لروسيا.
 
في المقابل، فإنّ استراتيجية روسيا التي أطلقتها في عام 2010، تظل أوروبا ضمنها الوجهة الرئيسية لصادراتها من الطاقة حتى عام 2030، حيث تؤمّن موسكو حوالى 40% وسطياً من حاجة الغاز الطبيعي للكتلة الأوروبية، وتصبح النسبة أعلى في ألمانيا المعتمدة على الغاز الروسي بأكثر من 50%.

وتعتمد شرکة "غاز بروم" على السوق الأوروبية بنسبة 70% من عائدات صادراتها. وترتبط الشركة بعقود طويلة الأجل تمتد إلى ما بعد 2025، وبعضها إلى ما بعد 2030، مع دول الاتحاد الأوروبي.
 
كما أنه ومنذ بداية هذا العام، كان هناك تكثيف في حجم الدراسات، التي تضع سيناريوهات مختلفة حول إمكانية استبدال الغاز الروسي بالغاز المسال القادم من الولايات المتحدة أو من دول أخرى، مع الأخذ بالاعتبار أنه ما تزال الكفّة ترجح لصالح الغاز الروسي المتاح بكثافة وبأسعار مقبولة، بسبب القرب الجفرافي.

لكن بالمقابل، لا تنحصر عوائق اللجوء للغاز غير التقليدي، والقادم من الولايات المتحدة بالمسافات التي تزيد من التكلفة لحدود باهظة، وإنما أيضاً بمشكلات الإسالة والشحن.

ولفتت صحف أميركية مثل "وول ستريت جورنال" إلى أنّ زيادة إنتاج الغاز ليست العقبة الرئيسية الحائلة دون قدرة الولايات المتحدة، أو غيرها على دعم أوروبا بالغاز، لأنه حتى بفرض زيادة الإنتاج تقنياً، تبقى مشكلة الاختناقات بالنقل والشحن إلى الخارج، حيث لا تملك أميركا، سوى محدود من محطات إسالة الغاز الضرورية لنقله لمسافات طويلة، كما أنّ هذه المنشآت تعمل سلفاً، بطاقتها شبه القصوى.
 
الجدير ذكره إذاً أنّ المشكلة لا تتعلق فقط بالتصدير، ولكن المشكلة أيضاً لها علاقة بالبنية التحتية للمستوردين من أوروبا، حيث يبدو أنّ القارة العجوز لا تمتلك استراتيجية لحل مشاكل الغاز الطارئة، وفق ما بينته الأحداث الماضية، بحسب الصحيفة الأميركية نفسها.
 
فعلى سبيل المثال، إسبانيا ورغم إطلالتها على البحر المتوسط، ورغم حدودها القريبة من الجزائر التي يمكن أن تجعل من الأخيرة مورد محتمل للغاز، رغم كل ما سبق، إلا أنّ ذلك البلد الأوروبي لا يمتلك منشآت مرافئ مجهزة لاستقبال الغاز المسال. وهذا الأمر ينطبق كذلك على ألمانيا التي هي الأخرى، لا تمتلك تلك البنى التحتية.
 
وبحسب اعترافات العديد من صنّاع السياسات في أوروبا، قد لا يوجد بديل سريع ليحل محل غاز روسيا.

هذا وانخفضت أسعار الغاز في أوروبا خلال التعاملات، اليوم الجمعة، بنحو 22%، بعد أن سجلت الأسعار أمس الخميس، مستوى الذروة في نحو شهرين.

كما انخفضت أسعار العقود الآجلة للغاز في أوروبا في مستهل التداولات، اليوم الجمعة، بنسبة 21% إلى 1230 دولاراً لكل ألف متر مكعب.

وأعلن وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابك، أمس الخميس، أنه لم يتم بعد رصد أي مؤشرات على خفض إمدادات الغاز والنفط من روسيا. وقال، إنّه "لم نر بعد إمدادات الغاز والنفط والفحم مستمرة، كما كانت من قبل على حد معلوماتنا".

وقال وزير الطاقة القطري، سعد شريدة الكعبي، الثلاثاء، إن 10% إلى 15% من صادرات البلاد من الغاز على المدى الطويل يمكن تحويلها بعيداً عن العملاء الحاليين، حيث تواصل الدول الغربية المحادثات حول بديل للغاز الروسي إلى أوروبا في حالة الصراع في أوكرانيا.

 لكن الكعبي قلل من قدرة قطر وأي دولة أخرى على استبدال الغاز الروسي في أوروبا على المدى القصير.

المصدر: الميادين نت +وكالات