باريس وشركاؤها ينظرون في الانسحاب من مالي وإعادة الانتشار في منطقة الساحل
بضغط من المجلس العسكري الحاكم في باماكو، تستعد باريس وشركاؤها لإعلان انسحابهم من مالي مع تهيئة معالم الانتشار العسكري الإقليمي الفرنسي، فيما لا تزال الجماعات المسلحة تحتفظ بقدرتها على إلحاق ضرر بمنطقة الساحل وتهدد خليج غينيا.
وفي هذا السياق، يجتمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع "رؤساء الدول الشريكة" في الإليزيه، مساء الأربعاء، لبحث الوجود الفرنسي في منطقة الساحل، لا سيما في مالي، في إطار مكافحة الإرهاب، وفق ما أعلن الناطق باسم الحكومة غابريال اتال الثلاثاء.
وأوضح أنه "ليس موضوعاً فرنسياً مالياً"، لقد "أضفينا على وجودنا في منطقة الساحل طابعاً أوروبياً مع مساندة 12 دولة أوروبية انضمت إلينا"، موضحاً: "يتعين اتخاذ القرارات من خلال هذا العمل التشاوري مع جميع الشركاء".
وبذلك، سيُعقد "لقاء مساء غد (الأربعاء) في قصر الإليزيه" مع رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون "ورؤساء الدول الشريكة لوجودنا في منطقة الساحل من أجل مكافحة الإرهاب"، بحسب اتال.
وتقول مصادر متطابقة إنه من المقرر أن يعلن ماكرون مساء الأربعاء أو الخميس انسحاب القوات الفرنسية في مالي من عملية برخان المناهضة للمسلحين، على هامش قمة الاتحاد الأوروبي - الاتحاد الأفريقي التي ستعقد في بروكسل.
كما من المقرر أن تنسحب "مجموعة تاكوبا الأوروبية للوحدات الخاصة" التي شكّلت بمبادرة من فرنسا العام 2020 وتهدف إلى الوقوف بجانب الجيش المالي في مواجهة الجماعات المسلحة.
"من المستحيل الاستمرار"
وقال وزير الدفاع الإستوني، كالي لانيت، للصحافة الإستونية: "من المستحيل الاستمرار في ظل هذه الظروف، جميع الحلفاء الآخرين يشاطروننا الرأي"، في إشارة إلى العراقيل المتكررة التي تضعها حكومة مالي لعمل الشركاء الأجانب: طرد السفير الفرنسي والمطالبة بانسحاب كتيبة دنماركية و"عدم تنظيم انتخابات ديموقراطية" خلافاً لتعهد المجلس العسكري إعادة السلطة بسرعة إلى المدنيين.
اليوم، يبدو أنّ الأوروبيين المشاركين في بعثة تاكوبا والشريكين البريطاني والأميركي، المساهمين في الجهود المبذولة في مالي، تجاوزوا بعض الخلافات، لا سيما حيال ترك المجال مفتوحاً أمام النفوذ الروسي في مالي، في حين يتهم الغربيون المجلس العسكري بـالاستعانة بمجموعة فاغنر شبه العسكرية الروسية، بحسب عدة مصادر مطلعة التقتها وكالة فرانس برس.
وتشكل هذه الجبهة الموحدة ضرورة سياسية للإليزيه، فهي تحول من جهة دون وضع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، في الواجهة، على خلفية تنامي المشاعر المعادية لفرنسا في منطقة الساحل، ومن جهة أخرى بدون المقارنة مع انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان في آب/أغسطس والذي اتسم بالفوضى.
انتكاسة
قد يؤدي الانسحاب القسري من مالي حيث قتل 48 جندياً فرنسياً (53 في منطقة الساحل) إلى انتكاسة مؤلمة لباريس التي تتولى الآن الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، وقبل 3 أشهر من الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي من المتوقع أن يترشح فيها إيمانويل ماكرون من جديد.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الإثنين "إذا لم يتم استيفاء الشروط (...) لنتمكن من العمل في مالي، فسنواصل محاربة الإرهاب إلى جانب دول الساحل التي تطالب جداً بذلك".
ومن المرجح أن تؤدي النيجر المجاورة، الحليفة التي تستضيف قاعدة جوية فرنسية، دوراً مهماً في الانتشار الجديد. وكانت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي زارت نيامي مطلع شباط/ فبراير حيث التقت الرئيس النيجيري محمد بازوم.