كيف تؤثر العقوبات ضد روسيا في الاقتصاد الأوروبي؟
اعتبرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في عددها الصادر اليوم الأربعاء، أن فرض عقوبات أميركية أو غربية ضد روسيا يمكن أن يلحق أضراراً كبيرة بالاقتصادات الأوروبية، ولا سيما في قطاعات الطاقة والتجارة والتصنيع والبنوك والأسواق.
واستهلت الصحيفة تقريراً لها في هذا الشأن، نشرته في موقعها الرسمي، بالقول: "منع تدفق الغاز إلى أوروبا لا يزال الورقة الاقتصادية الرابحة لموسكو، إذا فرض الغرب عقوبات أكثر صرامة ضدها، غير أن ضعف الاتحاد الأوروبي أمام الإجراءات المضادة من قبل الكرملين قد يمتد إلى ما هو أبعد من الطاقة".
وأضافت أن صانعي السياسة في أوروبا يخشون من أن الكتلة تبدو أقل استعداداً من موسكو، إذ تهدف استراتيجية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحت اسم "حصن روسيا" إلى مساعدة البلاد على تجاوز أي عقوبات أعمق وأكثر صرامة.
الصحيفة رأت أن "أضرار الاقتصادات الأوروبية قد تشمل موردي التكنولوجيا والمقرضين لمصدري السلع، والمصنعين المعتمدين على المواد الخام، ما قد يزيد من تعقيدات الروابط التجارية والضغوط التضخمية، ويحد من نشاط مجموعة واسعة من الشركات الأوروبية".
وكانت وكالة "بلومبيرغ" نشرت مقالاً تحت عنوان "أوروبا تخشى أن تتضرر اقتصادياً إذا تم فرض عقوبات شديدة على روسيا".
وجاء في المقال أن بعض الدول الأوروبية الكبرى قلقة بشأن التداعيات الاقتصادية، إذ أعرب بعض الأعضاء الرئيسيين في الاتحاد الأوروبي عن مخاوفهم بشأن احتمال إلحاق الضرر باقتصاداتهم.
ولفت المقال إلى أن الدول الأوروبية تشعر بالقلق أيضاً من أن روسيا قد ترد على الأرجح، وربما تقطع إمدادات الغاز المهمة عن قارة تعاني بالفعل من ارتفاع قياسي في أسعار الطاقة، وقال: "سيتعين الموافقة على الجزء الأكبر من أي استجابة على مستوى الاتحاد الأوروبي بالإجماع من قبل جميع الدول الأعضاء البالغ عددها 27، وهي مجموعة لها وجهات نظر مختلفة بشأن روسيا بشكل عام".
وبحسب الموقع، يعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لروسيا، إذ مثل حوالى 37% من إجمالي تجارة البلاد مع العالم في أوائل العام 2020، وفقاً للمفوضية الأوروبية، وكانت روسيا أيضاً مصدر حوالى 25% من واردات الكتلة النفطية.
وفي وقت سابق، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه بحث مع المستشار الألماني "ردع التهديدات الروسية لأوكرانيا"، مضيفاً: "إذا قررت روسيا التدخل عسكرياً في أوكرانيا، فإننا جاهزون بحزمة من العقوبات". وألمانيا أيدت الموقف الأميركي بشأن "نورد ستريم 2".
يذكر أنّ رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد قالت الأسبوع الماضي إن "الغيوم الجيوسياسية التي تحوم فوق أوروبا إذا ما زادت، سيكون لها بالتأكيد تأثير في أسعار الطاقة، وفي معدلات النمو، نتيجة لانخفاض الدخل، وربما نتيجة لانخفاض الاستهلاك والاستثمار المؤجل".
يُشار إلى أن روسيا لا تزال أكبر مورد للطاقة في الاتحاد الأوروبي، إذ إن ما يقارب 40% من واردات الكتلة من الغاز الطبيعي، وما يقارب ثلث وارداتها من النفط الخام تأتي من روسيا. ومع انخفاض احتياطيات الغاز عن المستويات التاريخية، وارتفاع الأسعار في الأشهر الأخيرة، حظت روسيا بنفوذ متزايد، فيما قال رونالد سميث كبير محللي النفط والغاز في شركة "بي سي إس غلوبال ماركتس": إن "الحقيقة هي أن أوروبا ليس لديها بديل للغاز الروسي".