تداعيات صعبة على اقتصاد الإمارات بعد "إعصار اليمن"
يعتمد اقتصاد الإمارات على تأمين بيئة استثمارية مناسبة، حيث يشكل مؤشر الاستثمارات الخارجية ما يتجاوز 5% من الناتج الإجمالي للإمارات. تتبنى الدولة استراتيجيات مُحفزة على التنويع الاقتصادي في العديد من القطاعات، لذلك فإن كسب ثقة المستثمرين يأتي ضمن أولوياتها، من أجل مواصلة النمو الاقتصادي والمحافظة على وتيرة الاستثمارات، لذلك فإن عامل الاستقرار مهم لها على الصعيد الاقتصادي.
وفقاً لمحللين، فإن أي اهتزاز يمكن أن يحدث، سيكون له عواقب وخيمة على اقتصاد هذه الدولة الصغيرة، وبالرغم من كل هذه "الامتيازات الاقتصادية" إلا أن الإمارات ليس بوسعها تحمّل أي خضة أمنية أو ضربة عسكرية، لأن اقتصادها لا يقوم على أسس إنتاجية داخلية.
تعتبر الإمارات "واحة اقتصادية آمنة" في نظر العالم، و"قبلة" للاستثمار والسياحة، فكيف يمكن لإعصار اليمن في جولتيه أن يؤثر عليها؟
أسواق الإمارات والخليج تنخفض عقب الرد اليمني
في أقل من أسبوع تعرضت الإمارات، رداً على تنفيذها غارات على اليمن، إلى عمليتين هجوميتين من قبل الجيش اليمني، الأمر الذي أدى إلى توقّف حركة الطيران في مطار أبو ظبي.
مع استخدام الطائرات المسيرة في تنفيذ العمليتين، اضطرت السلطات الإماراتية إلى وقف عمليات الطيران لملاك وهواة الطائرات من دون طيار المسيرة في البلاد لمدة شهر، كما أُغلقت معظم أسواق الأسهم في الخليج يوم أمس الإثنين على انخفاض واضح وسجّل مؤشر دبي أكبر تراجع في أكثر من شهر مع إعلان الإمارات عن الضربات اليمنية.
وبحسب وكالة "بلومبيرغ" للأنباء تراجع مؤشر سوق دبي المالي، الإثنين، بنسبة 1.45% إلى 3163.31 نقطة. فيما انخفض مؤشر أبو ظبي في مستهل التعاملات بنحو طفيف بنسبة 0.8% إلى 8698 نقطة، مع نزول سهم بنك أبو ظبي الأول، أكبر بنوك البلاد، بأكثر من 1%.
وبحلول الساعة 10:05 صباحاً يوم الإثنين 24 الشهر الجاري بتوقيت دبي، بلغت قيمة التداول في السوق 30.35 مليون درهم من خلال 11.3 مليون سهم. وتراجع سهم أملاك بنسبة 4.02%، وتراجع ديار للتطوير بنسبة 1.62%، بينما هبط دبي للاستثمار بنسبة 1.39%، كما ارتفع سهم واحد وانخفض 17 سهماً.
أظهرت صورة مأخوذة من موقع "فلايت رادار" اكتظاظ الطيران حول مطار دبي بعد تحويل كل الرحلات القادمة إلى مطار أبو ظبي الدولي. مشهد يدل على خسائر كبيرة من عوائد المطارات، في حال تمدد الاستهداف ليشمل المطارين معاً بشكل متزامن ونطاق أوسع.
خسائر الإمارات الاقتصادية والسياسية
قال الخبير الاقتصادي والسياسي عبد الخالق فاروق إن سوق الأسهم والسندات والأوراق المالية سوف يشهد تراجعاً يوماً بعد يوم خصوصاً إذا استمر القصف اليمني لفترة طويلة ومنتظمة مثل شهر أو شهرين"، موضحاً أن "هناك خسائر أخرى أصلاً تتمثل فى تكاليف ونفقات العمليات الحربية وتكاليف تشغيل الميلشيات المأجورة للإمارات والسعودية فى اليمن مثل العمالة والمجلس الانتقالي وشراء شركات المرتزقة".
ولفت الخبير إلى "خسائر الاستثمارات المالية أيضاً وحركة تدفق الأموال، خصوصاً وأن الإمارات عموماً وإمارة دبي خصوصاً واحدة من أكبر مراكز غسل وتهريب الأموال فهى ملاذ ضريبة أمن لكثير من لصوص الشعوب والمهربين من الضرائب". كما "سيتأثر قطاع العقارات والمبانى باعتبارها أحد أشكال غسل الأموال". وعن التقدير المالي لهذه الخسائر، فإنها "تحتاج إلى دراسة متأنية قد تستغرق عدة أيام اخرى، فالقطاعات التي طالها الضرر الاقتصادي متنوعة، كالسياحة والطيران والسفر وغيرها "، وفقاً للخبير.
وأردف: "إذا حدث وانخفض سعر برميل البترول فسوف يؤثر بصورة هائلة على قدرة هاتين الدولتين على الصمود والاستمرار فى هذه المعركة العبثية"، مقدراً أن "تكون تكاليف الحرب اليومية بالنسبة للسعودية تزيد على مائة مليون دولار".
إضافة إلى الخسائر المادية، وفقاً للخبير فإن هناك "خسائر تتمثل فى الأضرار التى سوف تلحق ببعض المراكز الاقتصادية مثل المطارات وحقول إنتاج البترول ومحطات التكرير والمواقع العسكرية وغير العسكرية".
على صعيد آخر، تتحدث فاروق عن الأضرار السياسية كذلك، حيث أشار إلى أن "كيان الإمارات كدولة اتحادية كونفيدرالية مهدد بالتصدع وربما ستضعف هيمنة أبناءزايد وآل نهيان على الدولة وربما سيعاد النظر فى طريقة إدارة هذه الدويلة، أما السعودية، فإن إطالة أمد الحرب لن تمكن محمد بن سلمان من تولى العرش أبداً، بل سوف تنفجر العائلة السعودية من الداخل خاصة وأن كل عوامل التفجير والغضب الكامن والمكبوت قائمة".