"غلوبال تايمز": وسائل إعلام أميركية تحاول توتير العلاقات الصينية الروسية
قالت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية إن "المخاوف من اندلاع حرب بسبب الزعم بغزو وشيك لروسيا على أوكرانيا تتصاعد، وذلك في الوقت نفسه الذي قامت فيه كلاًّ من أميركا وبريطانيا بأمر عائلات موظفي السفارة في كييف بمغادرة أوكرانيا والسماح لموظفي الطوارئ بالمغادرة يوم الأحد".
ووفقاً للصحيفة، فإن محللين قالوا إن "المعلومات المضللة حول الأزمة الأوكرانية التي يتم تداولها على نطاق واسع بين بعض وسائل الإعلام الغربية بما في ذلك "بلومبرغ" يمكن أن تؤثر على الثقة المتبادلة بين الصين وروسيا، وهذا يعكس النوايا السيئة للقوات الغربية التي تحاول إثارة الخلافات بين بكين وموسكو".
ودحضت وزارة الخارجية الصينية، يوم الإثنين، تقرير "بلومبرغ" الذي ادعى أن الزعيم الصيني "طلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عدم غزو أوكرانيا خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين 2022".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان إن "التقرير صُنع من فراغ بحت. إنه لا يسعى فقط إلى تشويه العلاقات الصينية الروسية، ولكن أيضاً إلى تعطيل وتقويض دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين. مثل هذه الحيلة الدنيئة لا يمكن أن تخدع المجتمع الدولي".
وكذبت السفارة الصينية في روسيا النبأ في بيان أرسلته إلى وكالة "تاس" الروسية يوم السبت الماضي، قائلةً إن الخبر "خدعة استفزازية"، مشيرةً إلى "أن موقف الصين من القضية الأوكرانية ثابت وواضح".
ورفضت وزارة الخارجية الروسية الأحد ما وصفته بـ"التضليل" من بريطانيا، بحسب ما أوردته وكالة "فرانس برس"، بعد أن اتهمت لندن موسكو بالعمل على تنصيب زعيم موال لروسيا في أوكرانيا".
❗ Disinformation circulated by @FCDOGovUK is yet another indication that it is the @NATO Members led by the Anglo-Saxon nations who are escalating tensions around #Ukraine.
— MFA Russia 🇷🇺 (@mfa_russia) January 23, 2022
☝️ We urge the Foreign Office to stop spreading nonsense.
🔗 https://t.co/KShxdSpIB4 pic.twitter.com/5c30waMx6r
وقالت وزارة الخارجية الروسية في تغريدة على "تويتر" إن "المعلومات المضللة التي نشرتها الحكومة البريطانية هي مؤشر آخر على أن أعضاء الناتو بقيادة الدول الأنجلو سكسونية هم من يصعدون التوترات حول أوكرانيا".
تضارب المواقف الأميركية والأوروبية حول روسيا
الباحث المشارك في معهد الدراسات الروسية وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، يانغ جين، قال لصحيفة "غلوبال تايمز" اليوم الإثنين، إن "المواجهة العسكرية على الحدود الأوكرانية وصلت إلى نقطة خطيرة للغاية".
وأشار يانغ إلى أنه "لا أحد يريد تصعيد الأزمة إلى حرب، لكن النزاعات يمكن أن تنشب بسهولة بسبب الحوادث، ومن الصعب منع وقوع الحوادث بشكل كامل في المواجهة الشديدة".
وقال إن "الصين كانت تأمل دائماً في أن تتمكن روسيا والولايات المتحدة من حل مشكلة أوكرانيا من خلال الحوار، ولن يتغير هذا الموقف".
وأشارت صحيفة "غلوبال تايمز" إلى أنه "حتى لو حدثت بعض النزاعات في الأيام المقبلة، فمن غير المرجح أن تكون روسيا هي التي تبدأ الاستفزازات، لأن موسكو دعمت سابقاً الهدنة الأولمبية التي اعتمدتها الأمم المتحدة خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين 2022، في حين قال الخبراء إن بعض الدول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا رفضوا التوقيع عليها. وشددوا على أن الولايات المتحدة وأتباعها هم الأكثر احتمالاً لإطلاق الصراعات وأن روسيا هي الأكثر احتمالاً أن تكون مجبرة على الرد إذا تصاعدت النزاعات، على غرار ما حدث في جورجيا خلال أولمبياد بكين 2008".
وحسب الصحيفة، "الوحدة داخل الغرب، أو بين الولايات المتحدة وأعضاء الاتحاد الأوروبي، تواجه مشكلة لأن مواقف وإجراءات الاتحاد الأوروبي مختلفة تماماً عن مواقف الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة بشأن الأزمة"، مشيرةً إلى ما قاله الخبراء بأن "الانقسامات العميقة الجذور داخل أوروبا تجعل من الصعب على الاتحاد الأوروبي أن يلعب دور الوسيط في التوترات الحالية".
ووفقاً لتقارير إعلامية، فإن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي طالبوا، اليوم الإثنين، في بروكسل بـ"خفض التصعيد للوضع حول أوكرانيا"، نقلاً عن الصحيفة.
وأضافت التقارير أنه "كان من المقرر أن ينضم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين إلى الاجتماع عبر رابط فيديو بعد أن أمرت الحكومة الأميريكية عوائل الدبلوماسيين الأميركيين بمغادرة أوكرانيا". مشيرةً إلى أن الأمر جاء بعد أن "ذكرت بعض وسائل الإعلام الأميركية أن روسيا نشرت 100 ألف جندي وأسلحة ثقيلة على طول الحدود الأوكرانية"، بينما أصرت موسكو على أنه ليس لديها مثل هذه الخطط.
وذكرت وكالة "أسوشيتد برس" أن منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل قال، اليوم الإثنين، إن "الاتحاد الأوروبي لن يتبع تحرك الولايات المتحدة لسحب أفراد السفارة والعائلات في أوكرانيا، لكن جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي متحدون، ويظهرون وحدة غير مسبوقة بشأن الوضع في أوكرانيا".
ووسط تصاعد التوترات، قال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف إن "بلاده تلقت شحنة ثانية من الأسلحة من الولايات المتحدة في إطار مساعدات دفاعية يبلغ مجموعها 200 مليون دولار"، مشيراً إلى أن "الحكومة الأميركية ستواصل دعم أوكرانيا وسط مخاوف بشأن روسيا، وذلك لتعزيز الدفاعات العسكرية على الحدود".
كما ظهر بلينكين على شبكة "سي إن إن" أمس الأحد رافضاً الدعوات المنادية لفرض عقوبات اقتصادية فورية على روسيا، قائلاً إنه "عندما يتعلق الأمر بالعقوبات، فإن الغرض من تلك العقوبات هو ردع العدوان الروسي. وبالتالي إذا تم تفعيلها الآن فإننا نخسر تأثير الردع".
وقال باحث مساعد من مركز الدراسات الروسية بجامعة "إيست تشاينا نورمال" تسوي هنغ إلى صحيفة "غلوبال تايمز" إن "التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن أوكرانيا أظهرت أن كلا الجانبين يفرضان ضغوطاً شديدة لاختبار النتائج النهائية لبعضهما البعض. ويتعلق جوهر القضية الأوكرانية الحالية بالضمانات الأمنية التي يريد الجانبان التفاوض بشأنها، ولكنهما أخفقا دائماً في التوصل إلى اتفاق".
"أوروبا ليست صفيحة حديدية"
ووفق الصحيفة، فإن المحللين الصينيين لاحظوا أن "الافتقار إلى الوحدة داخل الاتحاد الأوروبي واضح بشأن الأزمة الأوكرانية"، مشيرةً إلى أن "الاستقالة الأخيرة لقائد البحرية الألمانية كاي أكيم شونباخ بسبب تعليقاته "الموالية لروسيا" كشفت الاختلافات العميقة الجذور داخل الغرب حول قضايا الأمن الإقليمي".
إذ إن شونباخ استقال من منصبه بعد أن أخبر لجنة بحثية أثناء زيارته للهند يوم الجمعة أن "بوتين ربما يستحق الاحترام، وأن شبه جزيرة القرم ذهبت ولن تعود أبداً إلى أوكرانيا".
ووصفت بعض التقارير الإعلامية التصريحات بأنها "حادث دبلوماسي غير مسبوق". ووفقاً إلى "دويتشه فيله" الألمانية: "نأت الحكومة الألمانية بنفسها عن تعليقات شونباخ".
وقال بعض الخبراء إن "الموقف داخل أوروبا بشأن روسيا يتعارض بشكل واضح مع موقف الولايات المتحدة". وقال يانغ إن "أوروبا ليست صفيحة حديدية، وقد يكون لدى بعض الدول تحيز أقل ضد روسيا، وقد لا يكون لدى القائد الألماني أي عداء تجاه النظام الروسي".
وأشار يانغ إلى أن "كثير من الدول الأوروبية تريد السلام مع روسيا، على عكس الولايات المتحدة التي تريد الفوضى"، معتقداً أن "أوروبا لا يمكن أن تكون الوسيط في هذه القضية لأنها لم تعد مهيمنة في شؤونها الأمنية الخاصة، حيث أن للولايات المتحدة تأثيراً كبيراً في الشؤون الأمنية لأوروبا من خلال الناتو".
وأوضح خبراء أنه "نظراً لأن روسيا وألمانيا تتمتعان بعلاقة خاصة في تاريخهما ويمتد تعاونهما الحالي إلى قطاعات مثل الطاقة، فإن موقف قائد البحرية الألمانية يعكس أيضاً وجهة النظر العملية للبلاد بشأن العلاقات الخارجية، والتي ستكون مفيدة لتنمية الاقتصاد الوطني وعلى استقرار وأمن أوروبا".