السودان: الأمم المتحدة تعلن إطلاق مشاورات أولية لحل الأزمة السياسية
يطلق موفد الأمم المتحدة الخاص إلى السودان، فولكر بيرتس، محادثات لحل الأزمة السياسية المتصاعدة في البلاد منذ انقلاب قائد الجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، على شركائه المدنيين في السلطة الانتقالية قبل أكثر من شهرين.
وفي مؤتمر صحافي اليوم الإثنين، أكد بيرتس أنه تمّت دعوة الجميع "بما في ذلك الأحزاب السياسية والحركات المسلحة والمجتمع المدني والجمعيات النسائية ولجان المقاومة وغيرها.. إلى المشاركة في مشاورات أولية".
وأوضح المسؤول الأممي أنه سيُجري مع فريقه "محادثات غير مباشرة مع جميع الأطراف"، مشدداً على أنّ "الأمم المتحدة لن تأتي بأي مشروع أو مسودة أو رؤية لحل، وحتى لن تأتي باقتراح لمضمون الأمور الرئيسة المختلَف عليها، و لن تتبنى مشروعاً لأي جانب".
وأشار إلى أنّ "هذه كلها أمور سودانية للسودانيين والسودانيات".
ومنذ انقلاب الـ25 من تشرين الأول/أكتوبر، تعطّل مسار المرحلة الانتقالية في السودان، والتي كان تم الاتفاق عليها بين العسكريين والقوى المدنية في آب/أغسطس 2019 بعد بضعة أشهر من إسقاط الرئيس السابق عمر البشير في العام نفسه، عقب احتجاجات شعبية استمرت 4 أشهر.
وخرج عشرات الآلاف من السودانيين إلى الشوارع، بصورة متكررة منذ الانقلاب، مطالبين بإبعاد العسكريين عن السلطة، وبحكم مدني خالص.
وأسفر قمع قوات الأمن للتظاهرات الاحتجاجية عن مقتل 63 شخصاً، معظمهم بالرصاص الحي، وإصابة المئات، وفق حصيلة جديدة أعلنتها لجنة الأطباء المركزية، التي أكدت وفاة متظاهر الإثنين متأثراً بجروح أصيب بها الأحد.
والسبت، أعلنت الأمم المتحدة أنها ستطلق "مشاورات أولية" بين المدنيين والعسكريين في السودان بهدف حل الأزمة التي تشهدها البلاد منذ الانقلاب العسكري.
لكن ردود فعل القوى المدنية الرئيسة في السودان على مبادرة الأمم المتحدة بدت حتى الآن فاترة.
"تنحية نظام الانقلاب"
وقال جعفر حسن، المتحدث باسم الفصيل الرئيسي في قوى "الحرية والتغيير"، التي أدّت دوراً محورياً في التظاهرات ضد البشير، "لم نتلقَّ بعدُ أي تفاصيل بشأن المبادرة".
وأضاف حسن "أننا على استعداد للمشاركة في المحادثات بشرط أن يكون الهدف منها استئناف التحول الديموقراطي وتنحية نظام الانقلاب، لكننا ضد هذه المبادرة إذا كانت تستهدف إضفاء الشرعية على نظام الانقلاب".
وأعلن تجمع المهنيين السودانيين، الذي أدّى أيضاً دوراً محورياً في الاحتجاجات التي أدت إلى إسقاط البشير، الأحد، رفضه المبادرة و"تمسكه الصميم باللاءات المعلَنة من جانب قوى الثورة الحية، وهي لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية".
واعتبر التجمع أنّ "الحل هو إسقاط سلطة المجلس العسكري، وانتزاع السلطة الشعبية المدنية الكاملة".
وفي بيان السبت، أوضح بيرتيس أنّ "العنف المتكرر ضد المتظاهرين السلميين عقب الانقلاب لم يساهم سوى في تعميق انعدام الثقة بين كل الأحزاب السياسية في السودان"، مشيراً إلى أنه حتى الآن "لم تنجح كل التدابير التي تم اتخاذها في استعادة مسار التحول (الديموقراطي)".
وعطّل البرهان في الـ 25 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي استكمال انتقال السلطة إلى المدنيين عبر اعتقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وأغلبية القادة المدنيين، وتعليق عمل مجلس السيادة.
وعلى الرغم من تعهد البرهان إجراءَ انتخابات عامة في منتصف عام 2023، فإن الاحتجاجات استمرت على الانقلاب وعلى التسوية، التي وافق بموجبها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك على العودة إلى منصبه في الـ21 من تشرين الثاني/نوفمبر، وهو ما اعتبره المتظاهرون "خيانة".
والأسبوع الماضي، أعلن حمدوك استقالته، مؤكداً أنه حاول إيجاد توافقات، لكنه فشل. وحذّر من أنّ البلاد تواجه "منعطفاً خطيراً قد يهدّد بقاءها"، وأنه كان يسعى لتجنّب "انزلاق السودان نحو الهاوية".
ويعقد مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، اجتماعاً مغلقاً غير رسمي للبحث في آخر التطورات في السودان، وفق ما أعلنت مصادر دبلوماسية الجمعة.