عيد الميلاد في بلدان عربية.. "فرح مقتطع" من أزمات اقتصادية وقيود كورونا

كيف يبدو عيد الميلاد في كل من فلسطين المحتلة، مصر، لبنان، العراق وسوريا، في ظل أزمات اقتصادية وجائحة كورونا؟
  • مدينة بيت لحم زينة وسط اجراءات قوات الاحتلال الإسرائيلي

في ظل أزمات اقتصادية، ومع تسارع تفشي المتحور أوميكرون، تُلقي هذه الأزمات ظلالها على مليارات الأشخاص الذين يتطلّعون، اليوم الجمعة، إلى الاجتماع بأقربائهم وتبادل هدايا عيد الميلاد وسط قيود وتحذيرات.

احتفالات في فلسطين المحتلة وسط منعٍ إسرائيلي

في بيت لحم، في الضفة الغربية المحتلة، يُبدي أصحاب الفنادق خيبة أملهم بعد أن كانوا ينتظرون تدفق السياح والزوار. 

وبدأت فِرَق الكشّافة عند التاسعة صباحاً مسيراتها التقليدية في البلدة القديمة، فأضفت أصوات الطبول والمزامير بعضاً من البهجة على محيط كنيسة المهد، حيث وُلد الطفل يسوع، وفق المعتقدات المسيحية.

وتزيّنت شوارع مدينة بيت لحم وأحياؤها وأزقتها، وخصوصاً ساحة كنيسة المهد، بالزينة المعتادة، وأضفت عليها أجواء البهجة والفرحة. وستكون المشاركة مقتصرة على أبناء الشعب الفلسطيني من كل محافظات الضفة الغربية، ومن أراضي الـ 48، والذين جاءوا بأعداد كبيرة ليلة إضاءة شجرة الميلاد.

وقالت مراسلة الميادين إنّ "فلسطينيين أدوا صلاة الجمعة قرب كنيسة المهد في بيت لحم"، في حين أكد مدير مكتب الميادين في فلسطين المحتلة أنّ الاحتلال لم يسمح لكل مسيحيي غزة بالمشاركة في الاحتفال في بيت لحم.

وكما في عام 2020، سيقتصر قداس منتصف الليل على دائرة صغيرة من المصلّين، الذين يمكنهم حضوره بناءً على دعوة حصراً. ومن المقرر أن يرأس القداس المدبّر الرسولي لبطريركية اللاتين في القدس المحتلة، بييرباتيستا بيتسابالا.

وقال مواطن فلسطيني من بيت لحم للميادين نت إنها "أيام صعبة حالياً، ونتمنى للشعب العربي، والشعب الفلسطيني بصورة خاصة، أياماً أفضل، وأن يكون عاماً خيّراً على الرغم من كل المشاكل والتحديات والآفات والاحتلال وكورونا".

وأضاف أنه "في مثل هذا الوقت من العام، تحتجز قوات الاحتلال الإسرائيلي شباننا إدارياً. كانوا يأخذون الفلسطينيين ويسجنونهم، ويحرمون أهل فلسطين من الفرح. وفي الفترة نفسها، تصاعد العنف الإسرائيلي في غزة وحيَّي الشيخ جراح وسلوان، وفي جميع أنحاء فلسطين، ناهيك بالأحداث والاعتداءات المستمرة في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة".

أما فؤاد عمار، وهو فلسطيني من غزة، فقال للميادين نت إن "أجواء عيد الميلاد في فلسطين مغايرة لأجواء عيد الميلاد في أي مكان آخر في العالم، فالفلسطينيون يعانون حصاراً إسرائيلياً منذ عام 2007".

عيد الميلاد في مصر عبر التلفزيون فقط!

وفي أماكن أخرى من العالم، يؤثّر ارتفاع عدد الإصابات بـ"كوفيد - 19" في خطط الاحتفالات. ففي مصر، قرّرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أن تكون تغطية احتفالات عيد الميلاد المجيد هذا العام عبر التلفزيون المصري فقط، وذلك نظراً إلى ظروف تفشّي فيروس كورونا.

وجاء في بيان للكنيسة أنها "تهنّئ الجميع بالعام الجديد وعيد الميلاد المجيد، مع التمنيات بأن تأتي الأعوام والأعياد المقبلة وقد أنعم الله على العالم بانقضاء جائحة فيروس كورونا".

وأوضحت الكنيسة أن "الظروف الحالية وتفشي الفيروس تفرض علينا قيوداً متعددة، تعلمونها جميعاً، ويعتذر المركز الإعلامي عن عدم السماح بعمل أي تغطيات صفية أو إعلامية لأيّ من المناسبات الكنسية المتعلقة بالعيد".

لبنان: الأزمة الاقتصادية تعيق الاحتفال بعيد الميلاد

يأتي عيد الميلاد هذا العام في ظل ظروف معيشية صعبة يشهدها لبنان، حيث ألقت جائحة فيروس كورونا ظلالها على الاحتفالات.

وتحدّ إجراءات الوقاية الصحية قدرةَ اللبنانيين على الاحتفال بالأعياد، وكذلك الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ ما يقارب عامين، بحيث إن 74 % من السكان باتوا يعيشون في الفقر. وتعمل منظمات غير حكومية على توفير الهدايا والطعام بصورة مجانية، في محاولة لإدخال البهجة في قلوب الأطفال في أجواء الأعياد.

وعمّقت كارثة انفجار المرفأ وتفشّي فيروس كورونا قبلها، الانهيار الاقتصادي الذي بدأ في لبنان منذ صيف 2019، الأمر الذي انعكس على تأكُّل الطبقة المتوسطة التي واجهت ارتفاعاً في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية بنسبة 700 %.

  • شوارع بيروت مُطْفَأة في عيد الميلاد (أ ف ب)

وقالت المواطنة اللبنانية، باسمة الهاشم، للميادين نت، إن "عيد الميلاد هذا العام يأتي في ظل انعدام أسس الحياة للبنانيين"، موضحةً أنه "لم يعد في مقدور اللبناني شراء حاجاته الأساسية في ظل ارتفاع جنوني في الأسعار، هذا عدا عن الحالة النفسية التي نعيشها في ظل هذه الأزمة التي يستمر لبنان في الغرق فيها". 

أمّا جورج بطرس، فتحدّث إلى الميادين نت عن أزمة الاتصالات والإنترنت في لبنان، وأوضح أن أولاده يعملون في الخارج، إلاّ أن انعدام الإنترنت وضعف شبكة الاتصالات يُعَوّقان تواصله مع أولاده وتمضية العيد معهم، حتى عبر الهاتف.

سوريا والعراق

تزامنت الذكرى الرابعة لدحر تنظيم "داعش" في العراق وسوريا مع احتفالات المسيحيين بميلاد السيد المسيح.

وأكمل مسيحيو محافظة نينوى نَصب أكبر شجرة للميلاد وُضِعت في وسط بلدة بخديدا، الواقعة في قضاء الحمدانية، إيذاناً ببدء الاحتفالات بعيد الميلاد، على الرَّغم من الجراحات والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي سببها التنظيم.

وبلغ ارتفاع شجرة عيد الميلاد في البلدة 14 متراً، وقطرها 5 أمتار، ولُوِّنت باللونين الأبيض والذهبي.

ويقيم عدد كبير من المسيحيين بمحافظة نينوى التي تحررت من سيطرة تنظيم "داعش" عام 2016، حين هربت أغلبية سكانها.

  • عراقيون يتجمّعون بالقرب من شجرة عيد الميلاد العملاقة التي أُقيمت في بلدة قرقوش في محافظة نينوى

أمّا في سوريا، فتعيش البلاد احتفالات خجولة بسبب الفقر والغلاء اللذين تسبّبت بهما العقوبات الأميركية. 

وبشأن أجواء عيد الميلاد في سوريا، قالت عفراء موسى للميادين نت إن "السوريين يحاولون العودة إلى حياتهم التي كانت قبل الحرب، والتي كانوا ينعمون فيها بالهدوء والطمأنينة". 

وأضافت أن "الحرب تركت آثارها في قلوبنا. لم ننسَ المأساة التي عشناها ولن ننساها. لكن الشعب السوري يحب الحياة، ونحاول أن نعيش الفرح قدر المستطاع". 

  • سوريون يتجمعون للاحتفال بإضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة التي أُقيمت بين الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية ومسجد التوحيد في مدينة حلب شمالي سوريا
المصدر: الميادين نت + وكالات