زيارة سوليفان لـ"إسرائيل": اتفاق على أهميتها.. وتباين في تقييم نتائجها
حظيت الزيارة، التي قام بها مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان لـ"إسرائيل"، يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، باهتمام واسع. فجدول الأعمال أتى حافلاً لجهة الشخصيات التي التقاها، والمواضيع التي نوقشت، بحيث التقى سوليفان كبارَ المسؤولين الإسرائيليين، كرئيس الاحتلال الإسرائيلي، ورئيس حكومة الاحتلال، ووزيري الأمن والخارجية، ورئيس هيئة الأركان العامة، ورئيس هيئة الأمن القومي.
وبحث سوليفان مع مضيفيه في مواضيع متعدّدة، على رأسها "المسألة الإيرانية"، ومواضيع أُخرى، كالعلاقات الثنائية، والملف الفلسطيني، والاستيطان، وفتح قنصلية أميركية في شرقي القدس المحتلة، والتطبيع، والعلاقات الإسرائيلية – الصينية.
الأجواء التي بثّها مسؤولون إسرائيليون عن الزيارة تباينت بين مَن وصفها بـ"الإيجابية"، كونها هدّأت التوتر وبثّت شعوراً بأنّ الأميركيين يستمعون إلى هواجس "إسرائيل"، وبين من رأى أنه يوجد عدم اتفاق بين الطرفين الإسرائيلي والأميركي، واللذين لا يريان الأمور على نحو متطابق.
وفي حين وصف معلّقون إسرائيليون المحادثات بأنها جيدة ومنفتحة، وأن مجرد حضور سوليفان للمنطقة، قبل عيد الميلاد، يُعتبر إشارة مشجّعة، أشار معلقون آخرون إلى أن الزيارة كشفت عمق الخلافات بين الجانبين، فسوليفان لم يجلب معه أي بشرى حقيقية، وخلافات الرأي بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"، في موضوع المفاوضات مع إيران، بقيت كما هي.
القيادتان السياسية والعسكرية توحّدان مقاربتهما قبيل زيارة سوليفان
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أنه، عشية وصول سوليفان لـ"إسرائيل"، عُقِد اجتماع استثنائي في مبنى وزارة الأمن، "هكريا"، في "تل أبيب"، بمشاركة كل القيادات السياسية والعسكرية والأمنية في "إسرائيل".
ولفتت التقارير في "إسرائيل" إلى أن "كبار المسؤولين جلسوا حول طاولة أمنية، وأجروا نقاشاً مهماً، وضعوا فيه توجهاً موحّداً بشأن كيفية إدارة الملف الإيراني في مقابل الولايات المتحدة، وما هي مطالب إسرائيل من الأميركيين". وأضافت التقارير أن الهدف من الاجتماع كان بلورة جبهة منظَّمة وموحَّدة عما تريد "إسرائيل" تحقيقه خلال الاجتماعات مع الأميركيين.
أجواء زيارة سوليفان
في مقابل حديث سوليفان والإدارة الأميركية عن وجود مواضيع متعددة نوقشت خلال الزيارة، برز في مواقف المسؤولين الإسرائيليين تركيز على موضوع واحد من دون سواه، هو الملف الإيراني.
أجواء الزيارة "الإيجابية" عبّر عنها مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى، في قولهم، بحسب موقع "والاه"، إنّ "اللقاءات التي عقدها سوليفان في إسرائيل هدّأت قليلاً التوتر بشأن سياسات الولايات المتحدة في موضوع إيران، وبثّت شعوراً بأن الأميركيين يستمعون إلى هواجس إسرائيل".
وفي هذا السياق، نقل موقع "إكسيوس" الأميركي عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله إنّ "محادثات بينيت وسوليفان كانت مهمة للغاية، ويمكن أن يكون لها تأثير عملي في السياستين الأميركية والإسرائيلية فيما يتعلق بالشأن الإيراني". وأضاف المسؤول الإسرائيلي أن زيارة سوليفان "ساعدت واشنطن وتل أبيب على فهم إحداهما الأخرى، أكثر من قبل".
وأكد مسؤول إسرائيلي آخر أن من الواضح أن الإدارة الأميركية أصبحت "في موقف أفضل مما كنا نظن" في المفاوضات التي تخوضها مع إيران في فيينا، وأن الفجوات بين "إسرائيل" والولايات المتحدة في هذا الشأن "اتّضح أنها أصغر مما كنا نظن". وأضاف مصدر إسرائيلي كبير أنه، بعد المحادثات مع سوليفان، يمكن القول إن "الوضع في مقابل إيران هو أفضل مما اعتقدنا".
وكشف مسؤولان إسرائيليان شاركا في المحادثات مع المسؤول الأميركي أن سوليفان أوضح أنه، بالنسبة إلى إدارة بايدن، فإن "نافذة الفرصة المتاحة للمفاوضات مع إيران بشأن العودة إلى الاتفاق النووي ستُغلَق في نهاية كانون الثاني/يناير المقبل، أو أوائل شباط/فبراير المقبل".
الأجواء الإيجابية بشأن الزيارة التي حاول المسؤولون الإسرائيليون بثّها بعد انتهاء اللقاءات مع سوليفان، كان سبقها وجود أجواء مغايرة ظهرت فيما نقلته صحيفة "هآرتس" عن مسؤول إسرائيلي، بقوله "نحن والأميركيون لا نرى الأمور وفق النظرة نفسها".
وفي كلام مصادر في حكومة الاحتلال، قُبيل زيارة سوليفان، فإنه "يوجد عدم اتفاق، ونحن لا نرى الأمور بصورة متطابقة. وفي الإمكان التوصل إلى اتفاق أفضل من ذلك الذي تسعى الولايات المتحدة لتحقيقه". وأضافت المصادر أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، "يتوق" إلى التوصل إلى اتفاق، واعتبرت أن الولايات المتحدة مستعدة لمواصلة المحادثات في فيينا على الرغم من الصعوبات التي تعالت منها منذ بدايتها.
ووصف معلقون إسرائيليون المحادثات بأنها "جيدة ومنفتحة"، كما وصفوا سوليفان بأنه إحدى الشخصيات القوية في الإدارة الأميركية، وأضافوا أنه "يُعتبر مصغياً إلى إسرائيل وصاحب مواقف صقورية حيال المفاوضات مع إيران".
ورأى معلقون أن مجرد حضور سوليفان للمنطقة، قبل عيد الميلاد، يُعتبر إشارة مشجّعة على أن بايدن مُدرك للقلق الإسرائيلي حيال التطورات في المسألة الإيرانية، ويسعى لتبديده.
وبحسب موقع "والاه"، فإن "الفجوات بين الجانبين تقلّصت" بعد اللقاءات مع سوليفان، والزيارة ساعدت على خفض التوتر الذي تصاعد مؤخراً بين إدارة بايدن وحكومة بينيت، فيما يتعلق بالمخاوف الإسرائيلية من النهج الأميركي في التعامل مع النووي الإيراني.
الخلافات بقيت على حالها
في المقابل، ظهرت أجواء مغايرة لدى بعض المعلقين، فتحدث معلقون في "القناة الـ 13" عن أن الزيارة كشفت عمق الخلافات بين الجانبين، فسوليفان لم يجلب معه أي بشرى حقيقية، وخلافات الرأي بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" في موضوع المفاوضات مع إيران بقيت كما هي.
الإسرائيليون يطلبون من الولايات المتحدة تشديد العقوبات واتخاذ موقف أكثر صرامة في مفاوضات فيينا، لكن الأميركيين، وبينهم سوليفان، قالوا لنظرائهم الإسرائيليين "نحن سنعطي وقتاً للمفاوضات، سنعطي عدة أسابيع". والخشية في "إسرائيل"، وفقاً لمعلقين، هي أن هذه الأسابيع ستتدحرج.
وأشار معلقون إلى أن التقدير السائد في "إسرائيل" هو أن فرص التوصل إلى اتفاق مرحلي آخذة في التزايد؛ أي "عودة إلى ما يسمونه في إسرائيل القليل في مقابل القليل، والذي سيؤدي إلى تجميد بعض القدرات"، و"هذا اتفاق غير جيد لإسرائيل".