لقاء مثقل بالرهانات بين ماكرون ورئيس مالي الانتقالي
يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمرة الأولى، الإثنين المقبل في باماكو، الرئيس الانتقالي لمالي، الكولونيل أسيمي غويتا، في أجواء من التوتر الشديد بين باريس والمجلس العسكري، الذي أثار تباطؤه في إعادة السلطة للمدنيين وميله إلى الاستعانة بمرتزقة روس غضب باريس.
وفي ختام اللقاء، يحتفل الرئيس الفرنسي، كما تسري العادة، بعيد الميلاد، مساء الإثنين وصباح الثلاثاء في قاعدة غاو (شمال شرق) مع الجنود الفرنسيين، ضمن قوة برخان المناهضة للمسلحين التي تخضع لإعادة تنظيم شاملة.
وبعد حضور في منطقة الساحل لتسع سنوات، تعهّدت فرنسا في حزيران/يونيو بإعادة تنظيم قواتها العسكرية من خلال ترك ثلاث من قواعدها في شمال مالي (تيساليت وكيدال وتمبكتو)، لإعادة الانتشار حول غاو وميناكا عند تخوم النيجر وبوركينا فاسو.
وتنصّ هذه الخطة على خفض عديد القوات من 5 آلاف حالياً إلى 2500 أو 3 آلاف بحلول عام 2023.
لكن إن كان التعاون العسكري بين القوات الفرنسية والمالية يتواصل على ما يبدو من دون أي عوائق، فإنّ العلاقات السياسية بين فرنسا ومالي التي يحكمها الانقلابيون منذ عام 2020، تتدهور بشكل متواصل، ما قد يطرح تساؤلات حول شرعية الوجود الفرنسي الهش أصلاً.
ويؤكد قائد قوة برخان الجنرال لوران ميشون، في مقابلة مع وكالة "فرانس برس" أن "هناك نقطتين خلافيتين مع باماكو: الاتصالات مع (المجموعة الروسية شبه العسكرية) فاغنر والجدول الزمني السياسي للمرحلة الانتقالية".
وتقترن حالة عدم الارتياح هذه بتصريحات عدائية من الحكومة المالية وحملات مناهضة للفرنسيين على مواقع التواصل الاجتماعي. ولم يتردد رئيس الوزراء شوغيل كوكالا مايغا في اتهام فرنسا بتدريب مسلحين.
مجموعة فاغنر "غير مقبولة"
لذلك، سيسعى إيمانويل ماكرون لثني الكولونيل غويتا عن استخدام قوات فاغنر شبه العسكرية الروسية.
وحذرت باريس من أنّ انتشار عناصر من مجموعة فاغنر سيكون "غير مقبول". وهو قلق مشترك بين واشنطن وشركاء فرنسا الأوروبيين في منطقة الساحل، تحت راية قوة تاكوبا الجديدة للتحرك العسكري الأجنبي في منطقة الساحل والصحراء.
كذلك حذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم الأربعاء، من أنّ "قوات فاغنر (...) المعروفة بنشاطها المزعزع للاستقرار وانتهاكات حقوق الانسان لن تجلب السلام إلى مالي، بل سوف تزعزع استقرار هذا البلد أكثر".
وبعد الولايات المتحدة، فرض الاتحاد الأوروبي، الإثنين، عقوبات على مجموعة "فاغنر"، إضافة إلى 8 أشخاص و3 شركات مرتبطين بها بسبب "أعمال مزعزعة للاستقرار" ارتكبت في عدة دول أفريقية، منها مالي، إضافة إلى أوكرانيا. وأدانت موسكو بدورها "الهستيريا" الغربية.
المعضلة الثانية هي المجلس العسكري. فبعد أن وعد بتنظيم انتخابات في شباط/فبراير في مالي، قيل إنه يماطل في وضع جدول زمني لفترة انتقالية، ما أثار استياء أعضاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التي تهدد بعقوبات إضافية اعتباراً من كانون الثاني/يناير إذا لم يتم إحراز تقدم في هذه المسألة.
ولتبرير تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى، تتذرع الحكومة المالية بانعدام الأمن المستمر. لكن بالنسبة إلى باريس، كيف يمكن تبرير مواصلة تقديم مساعدة عسكرية لنظام غير شرعي؟ وخصوصاً أنّ مالي على الرغم من الجهود العسكرية، لا تزال تشهد أعمالاً ترتكبها جماعات مرتبطة بالقاعدة وتنظيم "داعش"، وعنف ميليشيات الدفاع الذاتي.
ويفترض أن يقتصر الاجتماع على لقاء منفرد بين ماكرون وغويتا. وذكر مصدر في قصر الإليزيه: "نحن نعمل من أجل تحقيق أهداف الحرب ضد الإرهاب وتعزيز عملية انتقال سياسية".