المشهد | بالأرقام.. ما الذي يحدث للاقتصاد التركي؟
على وقع إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية التي تضرب تركيا، عيّن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وزيراً جديداً للمالية. ويأتي تعيين نور الدين نباتي بعد استقالة وزير المالية لطفي إلفان من منصبه عقب هبوط الليرة التركية إلى مستويات قياسية مقابل الدولار.
المشهد
تأتي التراجعات التي تشهدها الليرة التركية، على الرغم من التحسّن في بعض المؤشرات العميقة للاقتصاد التركي. أما خلفية هذا التدهور، فتعود بشكل أساسي إلى ما يسمّيه إردوغان "حرب الاستقلال الاقتصادي" التي يخوضها، إذ يصر على خفض أسعار الفائدة، ويتركّز رهانه على أنَّ هذا الخفض سيعزز النمو الاقتصادي في البلاد. وعلى الرغم من الانتقادات الواسعة على وقع الأثر الاقتصادي الذي تتركه هذه السياسات، جدد الرئيس التركي مؤخراً تمسكه بخفض أسعار الفائدة.
وفيما تلقي الحكومة التركية باللائمة على لوبيات الفائدة في القطاع المصرفي التركي، إضافةً إلى اتهامات حكومات غربية بأداء دور في الانهيار الاقتصادي، يحذّر محلّلون من أن تقلّبات سعر الليرة ستضعف النمو المستقبلي بشكل كبير، وأن خفض أسعار الفائدة ينطوي على مخاطر جسيمة تهدد النظام المالي والاقتصادي للبلاد.
ماذا تقول الأرقام؟
- فقدت العملة التركية نحو 45% من قيمتها هذا العام، مسجّلةً تراجعاً بنسبة 27% خلال الشهر الماضي وحده.
- بلغ معدّل التضخّم السنوي في تركيا، بحسب بيانات معهد الإحصاء التركي، نحو 20% خلال تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وتُظهر بيانات المعهد أنَّ الثقة باقتصاد البلاد تراجعت بنسبة 2% في تشرين الثاني/نوفمبر.
- خلال الشهر الماضي، بلغت نسبة الديون الخارجية التركية إلى الناتج الإجمالي المحلي 60%، مقارنة بـ 39% في العام 2017، ما يعني أنّه، وبتراجع قيمة العملة، سيصبح تحمّل أعباء الديون مكلفاً أكثر للخزينة التركية.
- يختار عدد كبير من الأتراك، في ظلِّ خفض أسعار الفائدة، الاحتفاظ بأموالهم في البنوك بالدولار واليورو، وليس بالليرة التركية. أدى ذلك إلى أن تشكّل الودائع بالعملات الأجنبية 55% من مجموع الودائع في القطاع المصرفي، مقارنة بـ49% في العام 2018، ما سيؤدي إلى زيادة الضغط على الليرة وفقدان الثقة بالاقتصاد.
- وفقاً لتقرير للكاتبين جوناثان ويتلي ولورا بيتيل، فإنَّ التضخّم المرتفع ينذر بمزيد من انهيار العملة وإضعاف الاقتصاد، كما أنَّ استنزاف احتياطي النقد الأجنبي يحدّ من قدرة البنك المركزي على التدخل، كما حدث في العام 2018، حين أعلنت أنقرة زيادة طارئة في أسعار الفائدة لوقف انهيار قيمة العملة وتقليص التضخم المتزايد.
ما هو القادم؟
يجمع متابعو الشّأن التركي على أنّ العامل الأكبر المؤثر في سعر صرف الليرة التركية ذو طابع سياسي، يتعلق بانعكاسات سياسات "العدالة والتنمية" خلال السنوات الماضية، سواء في المنطقة أو تجاه العديد من الملفات الدولية عموماً.
على هذا الأساس، يقول المحلّل الروسي ألكسندر نازاروف إنَّ "إردوغان يقترب من اللحظة التي تُستنفد فيها فرصة متابعة سياسة خارجية نشطة ومستقلة نسبياً"، ويضيف: "سرعان ما سيتعيّن عليه الاختيار بين بيع دوره في الشؤون الدولية وزعزعة الاستقرار الداخلي نتيجة للأزمة الاقتصادية، إذ سيكون المشتريان الأساسيان هما الولايات المتحدة والصين".