جنرال إسرائيلي يكشف أنّ قوافل الجيش لن تمر في وادي عارة خلال الحرب
أجرى رئيس شعبة التكنولوجيا واللوجستيك في الجيش الإسرائيلي، اللواء إسحاق تُرجمان، مقابلة مع صحيفة معاريف الإسرائيلية، قال خلالها إنّه في الحرب المقبلة لن تمر قوافل الجيش الإسرائيلي في "وادي عارة" ضمن أراضي الـ48.
هذه التصريحات أثارت ردود فعل وسجالات بين مؤيدٍ ومعارض، كون الأمر يشير إلى وجود خوف لدى الجيش الإسرائيلي من الاحتكاك مع فلسطينيي أراضي الـ 48، استناداً إلى ما حصل خلال معركة"سيف القدس" قبل 6 أشهر.
كلام ترجمان أتى على وقع التقارير التي تحدّثت عن رفض جنود في الاحتياط الدخول إلى منطقة وادي عارة في إطار مناورة عسكريّة جرت يوم الأربعاء الماضي، وحاكت حرباً مع لبنان تتضمن احتلال مدن لبنانية، ما جعل المشاركة في المناورة تقتصر على ضباط من رتبة قائد سرية وما فوق، وتنفيذ ما يُسمى مناورة " هيكل عظمي".
قلق إسرائيلي من حراك فلسطينيي الـ 48 في الحرب المقبلة
في مقابلةٍ أجراها مع صحيفة معاريف الإسرائيلية، قال رئيس شعبة التكنولوجيا واللوجستيك في الجيش الإسرائيلي، اللواء إسحاق تُرجمان الذي سيترك منصبه بعد نحو أسبوعين، إنّ ما يقلقه كثيراً هو الحركة على الطرقات المركزية وتأثير أعمال العنف (في الداخل الفلسطيني) على الأمن الداخلي وعلى حركة قوافل الجيش الاسرائيلي. وأضاف أنّ هذا المعطى ذو تأثيرٍ مهم، كونه يُعيق قدرة حشد قوات الجيش الإسرائيلي، وهذا يعني أنّ جزء من الطرقات التي خُطط في السابق لسلوكها، لن يستخدمها الجيش الإسرائيلي.
"القنبلة" في مواقف تُرجمان كانت قوله إنّ "وادي عارة هو خط حركة من غير الصحيح الاعتماد عليه. هذا لا يساوي إنفاق الموارد، ويجب إنفاق الكثير في عديد القوات ولدينا طرقات بديلة خططنا لها في الحرب". وأضاف أنه "في الحرب يجب أن نلتزم بالأوقات، والتظاهرات العنيفة على هذا الطريق (وادي عارة) ليس ازدحاماً يمكن تنظيمه، بل حدث معقد أكثر، لذلك نحن نستعد لسيناريوهات مختلفة".
ورداً على سؤال يتعلق بالتأثير على مستوى الوعي لعدم نقل معدات وذخائر للجيش الاسرائيلي بأقصى سرعة، "خشية من السير على طرقات معينة في إسرائيل"، أجاب تُرجمان "نحن لسنا خائفين، إنما الانشغال والتعامل مع وادي عارة لا يساوي هذا. في وقت الحرب، الجيش الإسرائيلي سيفعل ما هو صحيح من أجل احضار القوات إلى ساحة الحرب في أسرع ما يمكن، ولدينا ما يكفي من البدائل".
تُرجمان كشف أنه "كجزء من العبر المستخلصة من عملية حارس الأسوار، شكّلنا مجموعات حماية، مهمتها العمل على حماية القوافل. هم جنود مسلحون وقد تم اعدادهم لهذه المهمة، وسيكونون مزودين بوسائل لتفريق المظاهرات".
كلام تُرجمان بائس وينطوي على إشكالية كبرى
أثارت المواقف التي أطلقها تُرجمان حول عدم استخدام طريق وادي عارة في حالة الحرب، عاصفة من السجالات والانتقادات بشأن صوابية الفكرة التي طرحها، فقال رئيس حزب "القوة اليهودية"، عضو الكنيست إيتمار بن غفير: "اليوم تم تنكيس العلم الإسرائيلي إلى نصف السارية.. يجب أن تتحول منطقة وادي عارة إلى أحد أهداف الجيش الإسرائيلي في زمن الحرب، لأنّ من يعيق قوات الجيش الإسرائيلي في زمن الحرب فهو مخرّب ومتعاون مع العدو.. يجب معاملة المخربين بقسوة ومواجهتهم بقوة وتحييدهم وعدم الاستسلام مسبقاً حتى قبل رمي الحجر".
الرد الأعنف على تُرجمان أتاه من مفوض شكاوى الجنود في الجيش الإسرائيلي سابقاً، اللواء إسحاق بريك (المعروف بانتقاداته القاسية للجيش الإسرائيلي)، حيث قال إنّ تصريحات تُرجمان "بالية وغير مسنودة وهي تأتي للتغطية على الإخفاقات الخطيرة جدا التي تراكمت في فترة ولايته كرئيس لشعبة التكنولوجيا واللوجستيك".
ووجه بريك انتقادات لتُرجمان ولضباط آخرين في الجيش، من دون أن يسميهم، بأنهم "يستمعون فقط لأنفسهم، ولا ينصتون إلى الآخرين الذين تزيد خبرتهم القتالية والقيادية بعشرات المرات".
بريك لفت أيضاً إلى أنّه "لا توجد دروس مستفادة في الجيش الإسرائيلي". وأضاف أنّ القوات البرية في الجيش الإسرائيلي "غير معدّة" في الحرب القادمة المتعددة الساحات لاحتلال مناطق واسعة، فهدفها الرئيسي هو ضرب العدو ضربات جراحية واحتلال مناطق رئيسة في عمق تشكيلات العدو، أي مناطق لها تأثير استراتيجي على رغبة العدو في مواصلة الحرب والسعي إلى وقف إطلاق النار.
انتقادات بريك لتُرجمان طالت أداءه لوظيفته، في رئاسة شعبة التكنولوجيا واللوجستيك في السنوات الثلاث الماضية، حيث وصف الوضع اللوجستي الحالي للجيش الإسرائيلي بأنه "فشل سيبقى في الذاكرة إلى الأبد"، مضيفاً بأنه "فشل سيوقف الجيش العسكري في الحرب القادمة المتعددة الساحات".
بريك كشف بأنّه تمت خصخصة المئات من الوحدات اللوجستية الأساسية، بحيث نُقلت إدارتها من الجيش الإسرائيلي إلى الشركات المدنية، التي معظم موظفيها من العرب، الذين يحتمل بشكل كبير جداً أن لا يعملوا في الحرب القادمة، ومثال على ذلك: في عملية حارس الاسوار، من بين 500 سائق تم استدعاؤهم، وصل 40 فقط.
وبدوره، انتقد المتحدث السابق باسم الجيش الإسرائيلي، آفي بنياهو كلام ترجمان، ووصفه بأنه "كلام بائس"، مضيفاً بأنه قد يكون يعرض سياسة وقراراً أكثر بؤساً. بنياهو طالب المدعي العام العسكري والمستشار القانوني للحكومة بأن يفرضا قوانين الحرب في "إسرائيل" وتقوم الشرطة وحرس الحدود والشاباك والجبهة الداخلية بتطبيقها.
ومن جهته، رأى العقيد في الاحتياط، كوبي ماروم أن كلام تُرجمان خطأ ويحمل رسالة إشكالية جداً، لافتاً إلى أن خطط الجيش معاكسة، وهو سيُفعّل أي قوة يحتاجها من أجل السير على الطرقات بأمان وأيضاً من أجل فتح الطرقات. ماروم كشف أن الجيش الإسرائيلي، وكدرس من عملية حارس الأسوار، بنى وحدات ودربها وأهلها لمسألة فتح الطرقات وحمايتها.
وتعرض تُرجمان لانتقادات أيضاً من قبل معلقين ومحللين في "إسرائيل"، حيث قال بعضهم – ساخراً - إنّ "الموساد يسرق الأرشيف النووي من قلب طهران، لكنه لا يستطيع في الحرب السير في وادي عارة وعكا والجليل واللد والنقب".
الجيش يؤيد تُرجمان.. قرار عقلاني
وفي مقابل الهجمة التي تعرّض لها تُرجمان، دافعت جهات من داخل المؤسسة العسكرية عنه، فنقلت تقارير إسرائيلية أنّ "الجيش الإسرائيلي يدعم ما قاله تُرجمان"، وأضافت أنهم "في الجيش الإسرائيلي يدعون أن الأمر يتعلق بإدارة واستعدادات ذكية يتم إجراؤها وفقاً للاحتياجات العملياتية".
التقارير نقلت أيضاً أنهم في الجيش الإسرائيلي يقدرون أنه "من غير الصحيح تحويل هذا (كلام تُرجمان) إلى انتقاد كبير بأن الجيش الإسرائيلي يخشى على ما يبدو من السير على جزء من طرقات إسرائيل اثناء الحرب".
وفي هذا السياق، قال مسؤول كبير إن "هذا ليس هو الحال في الحقيقة... ففي الحرب، عليك اتخاذ قرارات عملية وصحيحة، وبالتالي الاستعداد من الآن بخطط عملياتية. لا يوجد هنا جيشاً مردوعاً أو خائفاً، ولكنه مفهوم عملياتي صحيح. ومن المؤسف أن هناك من يختار مهاجمة الجيش باستخفاف".
التقارير لفتت إلى أنّ قرار الجيش الإسرائيلي بعدم السير في وادي عارة أثناء الحرب واستخدام طرق أخرى هو "قرار عقلاني"، لأنّ الاعتبار العملاني هو الأساس، وهو قبل كل شيء جلب القوات إلى الحدود الشمالية في أسرع وقت ممكن. وأشارت التقارير، إلى أنّه مع ذلك، يقولون في الجيش الإسرائيلي إنّه كجزء من الدروس المستفادة من عملية حارس الأسوار، يتم تدريب الجنود على مهام حماية القوافل.
جنود احتياط يخشون دخول منطقة "وادي عارة"!
وفي سياق موازٍ، كشفت تقارير إسرائيلية أنّه خلال مناورة عسكريّة جرت يوم الأربعاء الماضي، في منطقة وادي عارة ومدينة أم الفحم، أبدى جنود احتياط خشية من إجراء المناورة في تلك المنطقة، لكن في الجيش الإسرائيلي قرّروا إجراء المناورة رغم ذلك، حيث دخلت ناقلات جند مدرّعة وآليات أخرى إلى مدينة أمّ الفحم العربية، وذلك بعد نصف سنة من عملية "حارس الأسوار" (سيف القدس) والمواجهات الّتي حصلت بين السكان والقوات الإسرائيلية.
التقارير كشفت أنّ المناورة جرت مِن قِبل قيادة الجبهة الشمالية، والفرقة 146، لتنسيق قتال ضد حزب الله في جنوب لبنان، في أم الفحم ووادي عارة، لأنّ المشاهد فيهما مشابهة للمُدُن جنوب لبنان، سواء لناحية الاكتظاظ أو الأزقّة الضيّقة.
ونقلت التقارير أنّهم في الجيش الإسرائيلي يقولون إنّ "جزءاً كبيراً جداً من آلاف المقاتلين الذين جُندوا من الاحتياط بقوا خارج أم الفحم، ومن دخل في نهاية الأمر بشكل أساس هم القادة مع ناقلات الجند وهامرات، وهامرات مموهة مثل دبابات وقطع أخرى".
التقارير أضافت أنّ مَن دخل هُم قادة فحسب من رتبة قائد سريّة وأعلى. ولفتت التقارير إلى أنه بالتوصيف العسكريّ تسمّى هذه المناورة "مناورة هيكل عظمي". وتعليقاً على المناورة، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أنه "تمّ تنسيق المناورة بشكل كامل مع الجهات ذات الصلة كافّة لإجرائها في المنطقة".