60 عاماً على تأسيس "USAID"..أي دور لعبته الوكالة في الساحات العربية؟

تستهدف الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "USAID" الدول الأكثر هشاشةً وتعرضاً للابتزاز، حيث ضمان المصالح الأميركية يرتكز على غطاء المساعدات الإنسانية، فأي دور لعبته هذه الوكالة في الساحات العربية المختلفة؟
  •  نشأت "USAID" مع وصول جون كينيدي إلى البيت الأبيض وفي عز الحرب الباردة مع السوفييت

60 عاماً على تأسيس الوكالة الأميركية للتنمية الدولية التي تعرّف في موقعها الرسمي بأنها مسؤولة عن المساعدات الاجتماعية والاقتصادية للدول الأجنبية بما يتوافق مع المصالح الأميركية، وهو أمر طبيعي بالنظر إلى كونها حكومية، ولكن النماذج الكثيرة عبر التاريخ كرست على مدى عقود "USAID" كأبرز أداة في الحرب الناعمة الأميركية في المنطقة. 

في الظاهر تُحركها دوافع إنسانية، لتحقيق التنمية ما وراء البحار، وفي موقعها الإلكتروني تقدم نفسها ممثلاً للشعب الأميركي، برغم كونها ذراعاً للخارجية الأميركية.

وهي نشأت مع وصول جون كينيدي إلى البيت الأبيض، وفي عز الحرب الباردة مع السوفييت، ما يكشف أهدافها السياسية الخفيّة، وإن كان مجرد تبعيتها للخارجية مؤشراً على ذلك.  

وتستهدف الوكالة الدول قليلة الدخل، أي تلك الأكثر هشاشةً وتعرضاً للابتزاز، حيث ضمان المصالح الأميركية يرتكز على غطاء المساعدات الإنسانية. يكفي أن يكون على رأسها سامانثا باور، وهي السفيرة الأميركية السابقة في الأمم المتحدة، ليتضح أكثر دور الوكالة السياسي للتحكم في الدول. 

وللوكالة حضور في غير بلد عربي، حيث يبرز دورها خلال الأزمات المفتعلة أحياناً، فتظهر بمظهر الداعم للشعوب اجتماعياً واقتصادياً، لكنَّ سعيها يتجاوز المظهر إلى أهداف أبعد. يلزم ذلك أن يصب الدعم في مصلحة الوكلاء، وهم أصحاب التوجه السياسي المؤيد للأميركيين، ليكون لهم النفوذ في بلدانهم، وبالتالي القدرة على تنفيذ مشاريع واشنطن. 

وليس خفياً طبيعة تلك المشاريع في المنطقة، وإن كانت تشهد تراجعاً ملحوظاً، لكنَّ التغلغل الأميركي باقٍ ومستمر، وتعدُّ وكالة التنمية الدولية أحد أبرز أشكاله.  

فأي دور لعبته هذه الوكالة في الساحات العربية المختلفة؟ وكيف شكّلت برامجها غطاء لتحقيق أهداف أبعد من القضايا الاجتماعية والاقتصادية؟ ومن هم المستفيدون من هذه البرامج في المنطقة؟ 

في هذا الصدد، قال مراسل الميادين، محمد كريم، إنّ الهدف الأساسي المعلن من إنشاء "USAID" هو "منافسة الدول الاشتراكية في دعم حركات التحرر العالمية ومساندة حركات الاستقلال"، وأضاف  "لكن الولايات المتحدة استفادت من هذه المؤسسة للتدخل في الدول النامية، والحصول على مردود إيجابي من هذا التدخل". 

كما أشار كريم إلى أنّ "الولايات المتحدة عززت استثماراتها في هذه الوكالة بهدف التأثير بشكل كبير على بوصلة التوجه للحركات التحررية في تلك الدول النامية". 

أمّا بالنسية لتسمية هذه الوكالة، فأوضح أنّ "تسمية الوكالة لم يكن عفوياً، بل كان مدروساً لجذب التعاطف من المجتمعات المتلقية للمساعدات التي تقدمها الوكالة".

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

وتابع: "تعتبر الوكالة ذراعاً مهماً لتنفيذ السياسة الأميركية، ففي حرب اليمن المستمرة مثلاً، كشفت حركة أنصار الله مؤخراً عن العثور على أسلحة تحمل شعار وكالة التنمية الأميركية مع العلم الأميركي، أي أن الشعار الإنساني مشارك بصورة فعالة في الحرب على اليمن، وتنفيذ سياستها هناك".

كريم أكّد أيضاً أنّه "من ثوابت السياسة الأميركية في ما يتعلق بـ"USAID" هي عدم المساس بميزانيتها، أو مساءلتها، مهما تغيرت الإدارات المتعاقبة في البيت الأبيض، سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية". 

في السياق نفسه، أوضح محلل الميادين للشؤون السياسية والاستراتيجية محمد فرج أنّ "هذه الوكالة موجودة في كل القرارات، وهي تعمل في قطاعات كثيرة كالقطاع الزراعي، وقطاع التعليم، وقطاع تنظيم الفعاليات الثقافية، ودعم المراكز البحثية". 

وأضاف: "هي مثلاً قد تقوم بعقد ورشات للمزارعين، لتعليمهم آلايات تسويق المنتجات الزراعية في الأسواق، ولكنها تجبرهم على شراء البذور العقيمة من الشركات الأميركية، وقد تجلب العديد من صناديق الاقتراع وأنظمة وبرمجيات متعلقة في فرز الأصوات، ولكنها تتدخل في صياغة القانون الانتخابي في ذلك البلد ومراقبة مجريات الانتخابات، كي تتأكد من أنّ الانتخابات تصب في إنتاج نظام سياسي مناصر ومؤيد لها". 

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

كما أشار إلى أنّ المشروع الأساسي لهذه الوكالة هو الاستثمار بعنوان التمنية ولكن "لإحداث التخلف، فهي أنفقت 22 مليار في 2020، 3.1 مليارات منها ذهبت لضمان إنتاج أنظمة سياسية مؤيدة لها، أو ضمان استمرار تأييد الأنظمة لها، و670 مليون أنفقوا على قطاع التعليم، لضمان إنتاج جيل متوائم مع مخرجات السوق، وليس متوائماً مع مخرجات التنمية الإنتاجية لهذه الدول، ما يؤدي يهذه الدول إلى التخلف وليس التنمية". 

بدوره، أشار محلل الميادين للشؤون الأوروبية والدولية، موسى عاصي، إلى أنّ دور "USAID" تجاوز الدعم التنموي إلى الدعم في تشكيل الرأي العام، فمثلاً هذه الوكالة تدعم المنظمات التي تساهم بتشكيل الرأي العام في بعض الدول العربية من خلال تدريب الصحفيين على كيفية مقاربة الانتخابات وحرية التعبير عن الرأي". 

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

ولفت في حديثه للميادين إلى أنّه أيضاً "تعتمد أسلوب أخطر عن طريق تدريب عدد كبير من الصحافيين العرب المبتدئين في الولايات المتحدة لمدة طويلة، لدفعهم للاصطفاف إلى جانب الرؤية الأميركية في بلدانهم". 

كذلك أكّد عاصي أنّ "هناك نجاح إلى حد ما في دور المنظمات المدعومة من قبل الوكالة في معظم دول الشرق الأوسط، وهناك رأي عام تشكل في هذه الدول نتيجة الحملات الدعائية التي تقوم بها هذه المنظمات، وهم عملوا لتشكيل مفاتيح التأثير على الرأي العام في المجتمعات، بمقابل ضعف الرأي الآخر في التأثير بنفس القوة والوسائل على الرأي العام". 

المصدر: الميادين نت