"مؤتمر المسار الثوري البديل": رفض تام لنهج أوسلو
الانقسام الفلسطيني حول اتفاقيات أوسلو، وما نجم عنها من بنود علنية وسرية، ليس خافياً، لكنه ظل يتعمق مع مرور الوقت، كلما كانت تتضح الكثير من أهدافه وأسراره، وليس آخرها دور السلطة التي نجمت عن الاتفاقيات في محاصرة الأسرى، خصوصا منهم الستة الذين تمكنوا من التحرر مؤخراً، وتأمين إعادة اعتقالهم من قبل السطات الاسرائيلية.
"بلعت الساحة الفلسطينية الموسى" كما يقال بالعربية الدارجة، وذلك حقنا للدماء الفلسطينية التي كثر سيلانها، وهدرها بما لم تشهده ساحات وتجارب أخرى في العالم. فضلت القوى الفلسطينية المتمسكة بالتحرير الشامل، وبالعودة، أن تعض على الجرح في كل مرة ساهمت السلطات الأمنية في تعقب مناضلين فلسطينيين وتسليمهم للطرف الآخر من "أوسلو".
وبنظر بعض القوى الثورية في ساحة العمل المقاوم، فقد آن الأوان لخطوة بديلة للمسار الذي تسيره القضية حالياً، وتنهج فيه منهجية تسووية، شبه إجبارية حقناً للدماء الذي يجد فيه كل المتعقلين مصلحة إسرائيلية متقدمة على ما عداها من خيارات.
وبناء عليه، تداعت العديد من الفعاليات الفلسطينية والعربية، وعملت على تاسيس إطار عملي معارض لنهج أوسلو، وأجرت اتصالات فيما بينها، وأسست لخطوة أولى نجم منها مؤتمر عقد بالتزامن في كل من بيروت، ومدريد – التي استضافت الاجتماعات الأولى للاتفاق المستهدف- وساوباولو في البرازيل.
من الهيئات الأساسية الداعية للمؤتمر، والمشاركة فيه "النادي الثقافي الفلسطيني العربي"، الذي شرح رئيسه أسامة العلي حيثيات المؤتمر ل"الميادين نت"، ذاكرا أنه "بعد عام من الجهود والتحضيرات، بدأت أعمال "مؤتمر المسار الثوري الفلسطيني البديل"في بيروت، ومدريد، وساوباولو بمشاركة عشرات المنظمات الشعبية الفلسطينية، والعربية، والدولية”.
المناسبة بنظر العلي هي أنها "تأتي تزامناً مع مرور 30 عاماً على "مؤتمر مدريد للسلام" الذي "كرّس نهج الاستسلام، ومسار التصفية السرية، والعلنية لحقوق الشعب الفلسطيني، كما صادر حقوق وصوت اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، ودمر مؤسساتهم الشعبية والنقابية"، كما قال مؤكدا موقف كل الفاعاليات المشاركة والمنظمة للمؤتمر.
من جهتها، قالت مصادر في اللجنة التحضيرية أن "مؤتمر المسار الثوري البديل يأتي في سياق تصعيد المواجهة ضد الامبريالية، والحركة الصهيونية، ومخططاتها، ومن أجل تعزيز دور الشعب الفلسطيني في الشتات في دعم نضال جماهير الأرض المحتلة، ومواجهة المرحلة الممتدة منذ ثلاثة عقود، ونتائجها الكارثية على وحدة الشعب الفلسطيني، ومحاولات تصفية حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم، وديارهم التي شردوا منها قسراً".
ويؤكد العلي أن "اللجنة التحضيرية للمؤتمر قد أعلنت عن مظاهرة، ومسيرة شعبية فلسطينية أممية يجري تنظيمها وسط العاصمة مدريد تحت شعار "كل فلسطين من النهر إلى البحر"، وذلك لتجديد "الرفض الشعبي لمسار مدريد - أوسلو الخياني، وضد تمزيق الشعب الفلسطيني، وحقوقه الوطنية المشروعة التي يجري الالتفاف عليها عبر سياسة الشطب، والتذويب، ودهاليز المفاوضات، وما يسمى" عملية السلام" التي تشارك فيها - بحسب منظمي المؤتمر - طبقة السلطة الفاسدة في رام الله، بدعم علني مباشر من الولايات المتحدة، والاتحاد الاوروبي، والقوى الرجعية في المنطقة".
إلتأم مؤتمر المسار البديل في مدريد وبيروت وساوباولو البرازيلية بحضور قوى شبابية وطلابية ومنظمات نسوية وجمعيات يهودية مناهضة للصهيونية، فيما تشارك "شبكة صامدون للدفاع عن الأسرى" و"رابطة فلسطين ستتنصر"، و"حركة نساء فلسطين – الكرامة"، و"حراك حيفا" في تنظيم المؤتمر لإسناد الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في قطاع غزة المحاصر، ونضالات الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال الصهيوني.
وفي جلسة المؤتمر التي عقدت مساء السبت الفائت في مركز توفيق طبارة في بيروت، ورفع فيها شعار "كامل التراب الوطني الفلسطيني"، شارك كل من: "حركة الشعب"، و"الحزب الديمقراطي الشعبي"، و"حملة مقاطعة داعمي "اسرائيل"، والنادي الثقافي الفلسطيني العربي"، و"مركز النقب"، و"نادي شهداء الاقصى" من مخيمات البداوي، ومار الياس، وبرج البراجنة، وشاتيلا، فضلاً عن مجموعة "عائدون" الفلسطينية، وشخصيات فلسطينية، ولبنانية، وعربية، وفي حضور مثقفين، ونشطاء من المؤسسات الأهلية العاملة في لبنان، تخللته كلمات ومداخلات، وعروض للأبحاث التي جرت خلال التحضير، وختم اللقاء بعرض فني من التراث الفلسطيني.
وفي العاصمة البرازيلية ساوباولو، شهد "مركز الجانية الثقافي" أعمال مؤتمر المسار الثوري البديل الذي تشارك فيه العديد من القوى النقابية والحزبية اليسارية المؤيدة للحقوق العربية والفلسطينية، والمناهضة للفاشية والعنصرية والصهيونية في البرازيل وأميركا الجنوبية.
ويختم العلي باسم اللجنة التحضيرية للمؤتمر "إن عقد مؤتمرنا تحت راية فلسطين وبرعاية شعبنا المناضل وبعد مرور 30 عاماً على مؤتمر مدريد التصفوي وتحت شعار "كل فلسطين من النهر إلى البحر"، كلها دلائل واضحة تؤكد على صوابية البوصلة النضالية بقيادة الجيل الفلسطيني الجديد، والأسس النضالية لمسارنا الثوري في بعده العربي، والأممي، وعزمه على مواجهة قوى الاستعمار الصهيوني ونهج الهزيمة والإستسلام".