لقاء بايدن - بينيت تباين في الأولويات والاهتمامات.. ما الأسباب؟
على وقع الخلاف في سلّم الأولويات، والتباين في وجهات النظر بشأن القضايا الجوهرية، التقى الرئيس الأميركي جو بايدن رئيسَ حكومة الاحتلال الاسرائيلي نفتالي بينيت، بعد تأجيل الاجتماع نحوَ 24 ساعة، في أعقاب التفجير في مطار كابول.
وبينما أجمع مراقبون إسرائيليون على أن انفجار كابول سلب بينيت لحظة الذروة الإعلامية التي تمنّاها، اختلفوا في تقييم الإنجازات التي حقّقها الاجتماع، ولاسيما على مستوى المضمون. أيضاً، لم تَخْلُ المقاربة الإعلامية الإسرائيلية من تأثيرات الصراع السياسيّ الداخلي في كيان الاحتلال الإسرائيلي، بحيث شكّل الإرباك في تحديد موعد الاجتماع بعد تأجيله الأول، فرصةً لأنصار رئيس حكومة الاحتلال السابق، بنيامين نتنياهو، في تصفية الحسابات السياسيّة.
وخلال لقائه بينيت، لوّح الرئيس الأميركي جو بايدن باستخدام "إجراءات جديدة مع إيران إذا لم تأتِ الدبلوماسية بثمارها"، و"تكبح خطط طهران في الحصول على أسلحة نووية"، مشيراً إلى أن الطرفين "ناقشا خططاً للتأكد من عدم تطوير إيران أسلحةً نووية على الإطلاق. وإذا لم تأتِ الدبلوماسية بثمارها مع إيران، فسنتّخذ إجراءات أخرى".
من جانبه، أشاد بينيت بالعلاقات بأميركا، قائلاً "ندرك أننا ليس لدينا حليف موثوق به أكثر من الولايات المتحدة، ونشكرها على التزامها دعمَ إسرائيل"، مضيفاً أنه "يجب وضع حد لأنشطة إيران النووية، ونحن نتفق مع الرئيس بايدن في أن هناك خيارات أخرى للتعامل مع إيران، إذا لم تُفلح الدبلوماسية معها".
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، أوضح رئيس حكومة الاحتلال للرئيس بايدن أنه يعارض عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي. لكنه، بعكس سلفه، "معنيٌّ بحل المشاكل عبر الحوار، وليس عبر المواجهات الإعلامية". وتعهد بينيت لبايدن، وفق الإعلام الإسرائيلي، أنه "لن يدير حملة علنية ضد العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران".
وقال البيت الأبيض لممثلي "منظمات يهودية" أن بايدن ينوي السير في الطريق نفسه، فـ"الرئيس سيكون صلباً إذا لزم، لكن فقط في أحاديث خاصة".
توقيت اللقاء في الصحافة الاسرائيلية كان مهماً جداً، وخصوصاً أنه أتى في ظل هزيمة يقرأها الجميع للولايات المتحدة في أفغانستان، وفي توقيت دخول أميركا في الوحل الأفغاني بشكل أو بآخر، بالإضافة إلى مسألة الملف الإيراني، بحيث كان التركيز في الأساس على هذه القضية. وهنا، كان السؤال: ما هي خيارات بايدن في حال لم تلتزم طهران؟
صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، على سبيل المثال، تحدّثت في مقال عن أن الرئيس الأميركي جو بايدن قال إنه وضع "خيارات أخرى" أمام إيران، ولم يقل "كل الخيارات على الطاولة"، مشيرةً إلى أنه "إذا فشلت القناة الدبلوماسية، أي لم تعد إيران إلى الاتفاق النووي، فإن الولايات المتحدة ستفعّل، بالتعاون مع إسرائيل، خيارات أخرى".
ووفق الصحيفة، فإن "التعاون في كل المستويات ضد إيران، ومساعدة أمنية استثنائية، هما ما تحتاج إليهما إسرائيل" من الولايات المتحدة".
وتابعت "ما زال من غير الواضح بالكامل إذا كانت الولايات المتحدة، أي الرئيس بايدن وإدارته، مستعدة لمنحنا إياهما".
أمّا موقع "إسرائيل هيوم" الإسرائيلي، فنقل عن مصدر سياسي مقرّب من رئيس حكومة الاحتلال، قوله إنه "فوجئ بالحسنى من الانفتاح الفكري للأميركيين في موضوع إيران، لكن لا يمكن القول إن الأجواء تفاؤلية فيما خص تحقيق اتفاقٍ نووي".
كما أشار المصدر إلى أن "هذا مرهون بإيران، في حين أن إسرائيل، في كل الأحوال، ليست طرفاً في الاتفاق". وقال المصدر إن "إسرائيل قدّمت طلباً بشأن مزيد من الوسائل، وفق الخطة الشاملة التي بلورها بينيت في مكتبه، في مسألة إيران".
ونقل موقع "والاّ نيوز" الإسرائيلي، عن مسؤول إسرائيلي قوله، إن بينيت كان راضياً من أن بايدن حذّر أمام الكاميرات "من أنه ممنوع أن يكون لإيران سلاح نووي أبداً"، خلال اجتماعه به. وفي المقابل، اكتفى في لقائه رئيسَ الاحتلال الإسرائيلي السابق رؤوفين ريفلين، قبل نحو شهرين، بالقول إن "إيران لن يكون لديها سلاح نووي في نوبتي كرئيس".
ووصف هذا المسؤول الاستراتيجيا التي قدّمها بينيت إلى الرئيس بايدن بأنها "موت بواسطة ألف جرح"، أي كبح إيران بواسطة سلسلة طويلة من العمليات الصغيرة، ضمن جملة من السبل والأبعاد، بخلاف تنفيذ هجومٍ عسكري واسع ودراماتيكي واحد، مضيفاً أنه "يجب أن نكون فعّالين.. إزعاجهم طوال الوقت.. حتى لو لم تكن ضربة وانتهينا".
أمّا وفق مراسلة "القناة الـ 12" الإسرائيلية، فإن "اللقاء بين بايدن وبينيت اعتُبر جيداً في الإجمال بالنسبة إلى الأميركيين، وبالتأكيد بالنسبة إلى بينيت. لكن هناك خلافات لم تُحَلّ تماماً، على رأسها القضية الفلسطينية، وضمنها موضوعان مركزيان، إجلاء العائلات في حي الشيخ جراح، وموضوع فتح القنصلية في القدس، وأمر إضافي هو التسوية في غزة".
ما الذي حقّقه بينيت من هذه الزيارة؟
في النقطة الأولى، استغلّ بينيت ضعف العلاقات بين بايدن ورئيس حكومة الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو، الذي انتقد سابقاً سياسة إدارة أوباما - بايدن تجاه إيران.
أمّا النقطة الثانية، فعمل بينيت جاهداً على عملية التسويق لنفسه، فهذه الزيارة تُعتبر زيارة علاقات عامة لرئيس حكومة غير مستقرة، وتتّسم بالتناقضات الشديدة، بحيث كانت هذه المرة الأولى في تاريخ الاحتلال، والتي تؤدي فيها حكومةٌ "قَسَمَ الولاء" من دون أن تحظى بتأييد أغلبية 61 وما فوق من أعضاء الكنيست الـ120، بينما يقود بينيت حزباً صغيراً جداً في داخل الحكومة والكنيست.
لكن، في موازاة ذلك، دعا مراقبون إسرائيليون إلى عدم المبالغة والتسرّع في الاحتفال في "إسرائيل" بأقوال الرئيس الأميركي الجديدة، قبل اختبارها في ميدان الأفعال، وخصوصاً مع حرص الطرفين على إشاعة انطباع بأن الاجتماع كان ناجحاً لأسباب تتعلّق بنتنياهو تحديداً.
#التحليلية | كيف قرأ الإعلام الإسرائيلي لقاء بايدن - بينيت؟@HanaaMahamed pic.twitter.com/bvLqfnIPbG
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) August 28, 2021