"طالبان" على أبواب كابول.. ما هو مستقبل الحكم في أفغانستان؟

حركة "طالبان" تبعد حوالى 50 كيلومتراً عن العاصمة الأفغانية كابول، وواشنطن ترسل إلى أفغانستان 3000 جندي أميركي لردع الحركة التي غنمت أسلحةً أميركية كانت بحوزةِ القوات الحكومية الأفغانية، ودولٌ أوروبية تُسارع في سحب أفرادها.
  • "طالبان" على أبواب كابول.. ما هو مستقبل الحكم في أفغانستان؟

تقدّمٌ سريع تُنفّذه حركةُ طالبان في أفغانستان، وتُعلن سيطرتها على مراكز ولاياتٍ جديدة، وتقطع الكهرباء اليوم، عن العاصمة كابول، كما وتغتنم معداتٍ عسكرية أميركية من القوات الأفغانية.

حتى الليلة الماضية، باتت حركةُ طالبان تُسيطر على 22 ولاية، في حين ندّدت واشنطن بما أسمته "ضعف مقاومة القوّات الحكومية" في صدّ هجومات "طالبان" المتتالية. 

كرزاي: واشنطن فشلت في أفغانستان

لم يتحقق شيء من الأهداف المُعلنة لواشنطن في أفغانستان، وهي: "محاربة الإرهاب"، و"تثبيت الاستقرار"، الأمر الذي يفضي إلى خلاصة أن فشلاً استراتيجياً رافق أميركا وحلفائها في البلاد.

في وقتٍ سابق من 1 تموز/ يوليو 2021، اختصر الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، المشهد بالقول إنّ "من أتى إلى هنا منذ 20 عاماً بحجة مكافحة التطرف والإرهاب، لم يتمكنوا من القضاء عليهما، بل وازدهر التطرف في أفغانستان خلال وجودهم هنا، وهذا ما أسميه بالفشل".

وأشار كرزاي إلى أن "القوات الأجنبية فشلت فشلاً ذريعاً في مهمتها، وبدل أن تقتحم قرى ومنازل أفغانية، تقصف الناس وتقتل العائلات".

وفي 16تموز/ يوليو، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال محادثاته مع الرئيس الأفغاني أشرف غني، أنّ "مهمة الناتو في أفغانستان فشلت، وفشل الجميع، بما في ذلك واشنطن".

ومع إعلان المتحدّث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد، اليوم السبت، سيطرة الحركة على ولاية "غور" التي لا تبعد كثيراً عن العاصمة، يسود الخوف والترقّب بين السكان، وبهذا تكون كابول مُحاصرة فعلياً وآخر موقع للقوّات الحكومية الأفغانية.

في السياق، اعتبر رئيس تحرير جريدة رأي اليوم الإلكترونية عبد الباري عطوان، خلال لقاءٍ مع الميادين أنّه "بعد 20 عاماً في أفغانستان فشلت الولايات المتحدة الأميركية ولا سيما في القضاء على حركة طالبان".

وبيّن عطوان أن "هزيمة القوّات الأميركية في أفغانستان تؤكد أن المقاومة هي السبيل لاستعادة الأرض".

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

بدوره، قال محرر شؤون الأمن القومي في جريدة "واشنطن تايمز" غاي تايلور، للميادين إنّ "سقوط كابول في يد طالبان سيكون حدثاً كارثياً بالنسبة لواشنطن".

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

"طالبان لن تكون خطراً على دول الجوار" 

وفي وقتٍ تشتعل فيه المعارك في أنحاء أفغانستان بين "طالبان" والجيش الأفغاني، قال ممثل حركة طالبان الأفغانية في قطر محمد نعيم، في 13 تموز/ يوليو، للميادين إن "الحركة تريد علاقات حسنة مع جميع الدول بما فيها الولايات المتحدة الأميركية"، مضيفاً إن "علاقاتنا جيدة مع دول الجوار ونريد تطويرها".

رئيس تحرير جريدة رأي اليوم الإلكترونية عبد الباري عطوان، أشار إلى أنّ "قيادات من طالبان عقدت تفاهمات مع دول الجوار بأن أفغانستان لن تكون خطراً عليهم"، مضيفاً أنّ "عودة طالبان لا تعني عودة القاعدة لأفغانستان لأن الملا عُمر لم يعد موجوداً".

ورأى عطوان أنّ "الفشل الأميركي الذريع في سوريا والعراق سوف يتكرر الآن في أفغانستان".

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

من جهته، أفاد محرر شؤون الأمن القومي في جريدة "واشنطن تايمز" غاي تايلور، أنّ "تقدم طالبان السريع في أفغانستان يعني أن الرئيس الأميركي جو بايدن في سنته الثانية سيتعلم درساً قاسياً جداً"، مضيفاً "لم يكن هدف واشنطن من دخول العراق وأفغانستان السيطرة على مواردهما بل الحرية"، بحسب زعمه.

صدمة أميركية من "طالبان"

خلال 20 عاماً أنفقت واشنطن مئات مليارات الدولارات لتدريب الجيش الأفغاني وتجهيزه لكن ذلك لم يمنع هذا الجيش من الانهيار أمام هجوم "طالبان" التي باتت تملك ترسانة هائلة غنمتها من القوات الأفغانية المدعومة أميركياً.

ووفقاً للمفتش العام الأميركي الخاص بإعادة إعمار أفغانستان، فإنّ "الولايات المتحدة أنفقت ما يُقارب من 83 مليار دولار على تجهيز وتدريب قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية منذ عام 2002، بما في ذلك توفير ما يقرب من 10 مليارات دولار في شكل طائرات ومركبات".

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي إن "أميركا لم تتوقع غياب المقاومة لدى القوات الأفغانية لوقف تقدم حركة طالبان على الأرض"، معرباً عن "قلقه بشأن السرعة التي تتحرك بها حركة طالبان في أفغانستان".

وعلى صعيدٍ متصل، اعتبر الخبير في كلية "اس. راجاراتنام" للدراسات الدولية في سنغافورة رافايلو بانتوتشي، في تصريح لوكالة فرانس برس، أن "التسليح الذي قدّمته واشنطن للقوات الأفغانية، يساعد طالبان في الوصول إلى كابول، ويعزز سلطتهم في المدن التي سيطروا عليها".

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

خطط سحب أوروبية.. ومستقبل الحكم في أفغانستان

يوم أمس الجمعة، أمرت سفارة الولايات المتحدة في كابول موظّفيها بإتلاف الوثائق الحسّاسة والرموز الأميركية مع اقتراب عناصر طالبان من العاصمة الأفغانية.

فيما قال وزير الدفاع البريطاني بن والاس، إن "أفغانستان تتجه إلى حرب أهلية، وإن على الغرب أن يتفهم أن طالبان ليست كياناً واحداً، وإنما هي مسمى لعدد كبير من المصالح المتنافسة"، وكذلك كان موقف ألمانيا والدانمارك وإسبانيا.

كما أعلنت هولندا وفنلندا والسويد وإيطاليا وإسبانيا، أمس، خفض وجودها في أفغانستان إلى الحد الأدنى، وفضّلت دول أخرى مثل النرويج والدانمارك إغلاق سفاراتها مؤقتاً.

بينما تخفّض دول أوروبية من وجودها الدبلوماسي في أفغانستان، تسعى دولٌ أخرى إلى تحقيق أهدافٍ سياسية واقتصادية.

عطوان، قال للميادين إنّ "الصين ستكون الرابح الأكبر لما يجري في أفغانستان خاصّة بالنسبة لمشروع طريق الحرير"، مفيداً أنّه "ليس لأميركا حليف واحد يمكن الاعتماد عليه في أفغانستان".

ورجّح عطوان أنّ "أفغانستان ستكون محور صراع بين قوى إقليمية ودولية كبرى"، مضيفاً أنّه "لا يستغرب أن تكون طالبان أقرب إلى حلفاء باكستان في المنطقة كالصين وإيران ضد واشنطن".

أما تايلور، فقال إنّه "ليس مقتنعاً بأنّ طالبان لن تنخرط في أي نوعٍ من أنواع التفاوض السياسي"، مضيفاً أنّه "لا يعتقد أن الأمور محسومة وأن طالبان ستسيطر على كابول، لذلك يجدر بنا أن ننظر ماذا تخبئ لنا الأيام، ولا سيما بعد العودة السريعة لـ3000 جندي أميركي إلى كابول، وهذه إشارة سريعة بأن الأميركيين لن يسمحوا للعاصمة بأن تسقط بهذه السهولة"، بحسب قوله.  

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

وكان مسؤول دفاعي أميركي أعلن في 11 آب/ أغسطس الحالي، أن "مقاتلي حركة طالبان قد يعزلون العاصمة الأفغانية كابول عن بقية أنحاء البلاد خلال 30 يوماً، وربما يسيطرون عليها في غضون 90 يوماً"، وذلك استناداً إلى تقييم للمخابرات الأميركية بحسب ما نقلت وكالة "رويترز".

المصدر: الميادين نت