من معارض لقرارات سعيّد إلى مؤيد.. كيف تعامل "قلب تونس" مع الأزمة الراهنة؟
لا يزال غيرَ واضح موقفُ حزب "قلب تونس" من التطورات الأخيرة في البلاد، والتي أعقبت قرارات الرئيس قيس سعيّد، في 25 تموز/يوليو، بل يمكن وصف تعليقات قادة الحزب وأعضائه، عقب إجراءات سعيّد مباشرةً، وتلك التي صدرت بعد ذلك، بأنها "متناقضة".
بعد ساعات من إعلان سعيّد تجميدَ عمل البرلمان، وإعفائه رئيس الحكومة هشام المشيشي وتوليه السلطة التنفيذية، أصدر "قلب تونس" بياناً يدعو البرلمان إلى "الانعقاد فوراً"، ويطالب المشيشي بتولي مُهِمّاته، واصفاً قرارات سعيّد بأنها "خرق جسيم للدستور، ولأحكام الفصل الـ 80 وأُسُس الدولة المدنية".
لكنّ رئيس كتلة "قلب تونس" في البرلمان، أسامة الخليفي، عاد وأكد مساندته "كل مطالب التونسيين المشروعة"، معبّراً عن ارتياح حزبه إلى تحمُّل رئيس الجمهورية المسؤوليةَ "من أجل الخروج من الأزمة الصحية، وهذا فيه نوع من الإيجابية".
وما إن انقضت ثلاثة أيام على قرار الرئيس، حتى خرج مصدر قضائي تونسي قائلاً إنه تمّ فتح تحقيق بشأن ثلاثة أحزاب سياسية، بينها "النهضة" و"قلب تونس"، نتيجة الاشتباه في "تلقّيها أموالاً من الخارج" خلال الحملة الانتخابية عام 2019.
وتحوم حول رئيس حزب "قلب تونس" نبيل القروي، والذي نافس سعيّد في الانتخابات الرئاسية، التي جرت في جولتين، في أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر 2019، تهمٌ متعلقة بارتكاب مخالفات مالية أدّت إلى حبسه احتياطياً خلال معظم الحملة الانتخابية عام 2019، ومرةً أخرى هذا العام.
وبين هذه التهم تكليفه شركة "ديكنز أند مادسون"، التي يرأسها ضابط الاستخبارات السابق في جيش الاحتلال الإسرائيلي، آري بن ميناش، وهو تاجر سلاح دولي ومستشار سابق لدى رئيس حكومة الاحتلال، القيامَ بحملة هدفها تنظيم لقاءات مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشخصيات أخرى فاعلة لدعمه في الانتخابات الرئاسية.
ربط البعض بين "التحوّل" في موقف "قلب تونس" والتحقيقات القضائية التي قد تطال قياديين في الحزب، إلاّ أن المصادر القضائية نفت أن يكون فتح التحقيقات مع هذه الأحزاب على علاقة بخطوات رئيس الجمهورية، مؤكدةً أن التحقيقات في هذا الشأن بدأت في 14 تموز/يوليو الماضي.
بالإضافة إلى ذلك، بدت هشاشة تحالف "قلب تونس" مع "النهضة" واضحة. ففي إثْر إجراءات الرئيس سعيّد، قالت نائبة رئيس الكتلة البرلمانية لـ"قلب تونس"، شيراز الشابي، إن حزبها "لم يكن يوماً على توافق مع حركة النهضة.. وليس لنا برنامج مشترك نطبقه معها".
وتحمّل الشابي حركة "النهضة" مسؤولية "استهداف" حزبها "في حملة تشويه، ثم جرّه إلى عدة تنازلات سبّبت تململاً لدى عدد من النواب"، وتعتبر أن أخطاء الحركة "الخطيرة و المتكررة، وفشلَها في إدارة البلاد، تجعلها مطالَبة بالانسحاب و الاستجابة لمطالب الشعب".
الشابي، التي استقالت من البرلمان عقب قرارات سعيّد، تبرّر استقالتها للميادين نت بأنها تأتي نتيجة "إحساسي بواجب الوقوف إلي جانب الإرادة الشعبية، والدعوة إلى تقريب وجهات النظر، وتفضيل المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية، على الرغم من أن حضور نواب "قلب تونس" في البرلمان كان مشرّفاً".
وتشنّ القيادية في "قلب تونس" هجوماً على "النهضة" التي أوصلها "تشبثها بالحكم إلى كره شعبي كبير"، لأنها "لم تنجح في أن تكون حزباً تونسياً هاجسه مصلحة الشعب، بل بقيت ملتزمة سياسة التمكين وسياسة الجماعة، وهو أمر خطير جداً".
أمّا عن آفاق حلّ الأزمة السياسية الراهنة، فترى أن "من الضروري استقالةَ راشد الغنوشي من البرلمان، وحلَّ مكتب المجلس، والكفَّ عن اعتماد التمثيل النسبي، والإبقاءَ على موضوع رفع الحصانة على النواب ساريَ المفعول، وتنقيحَ النظام الداخلي من طرف رئيس الجمهورية، ثم دعوةَ النواب، بعد ذلك، إلى المصادقة على التنقيحات والحكومة حتى تكون مقبولة عالمياً و إقليمياً".
وتقلّل الشابي، في حديثها إلى الميادين نت، من التصريحات المتخوّفة من أن تكون ديمقراطية بلادها في خطر، شرط "التوصل إلى حلول معقولة، مع المحافظة على مبدأ الفصل بين السلطات، والمحافظة على الحقوق والحريات.. ويمكننا الخروج من الأزمة بطريقة مشرفة، والذهاب طبعاً إلى انتخابات مبكّرة".
وكان مجلس شورى حركة "النهضة" دعا إلى إجراء "نقد ذاتي معمَّق" لسياسة الحركة خلال المرحلة الماضية، في استجابة للغضب الشعبي من أداء الحركة منذ عام 2011 حتى اليوم.
أيّ موقف مماثل لم يصدر من "قلب تونس"، فرئيس الحزب نبيل القروي لم يُدلِ بأيّ تصريح، خلال الأسبوعين الماضيين، وهذا يفتح الباب واسعاً للتساؤل عن مستقبل الحزب الذي يغيب رئيسه في أشدِّ لحظات البلاد حساسيةً.