الردع الإسرائيلي تآكل.. وحزب الله يثبّت قواعد الاشتباك
ردّ حزب الله اليوم النار بالنار، ولم يتردد في تبني الرد على قصف سلاح جو الاحتلال الإسرائيلي، الذي طال الجنوب اللبناني، الأربعاء الماضي، رداً على إطلاق 4 صواريخ من لبنان باتجاه "إسرائيل"، وفق ما ذكر الإعلام الإسرائيلي.
صباح اليوم، استهدفت مجموعة الشهيدين علي كامل محسن ومحمد قاسم طحان من حزب الله أراضٍ مفتوحة في محيط مواقع الاحتلال الإسرائيلي في مزارع شبعا المحتلة. وبحسب الإعلام الإسرائيلي فإنّ الحزب أطلق 20 صاروخاً من الأراضي اللبنانية.
"إسرائيل" والرد الضعيف
وسائل الإعلام الإسرائيلية، بيّنت أن هناك مداولات هاتفية حول التطورات الأخيرة، شملت رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت، ووزير الأمن بني غانتس، ورئيس أركان الاحتلال أفيف كوخافي.
المُحلل العسكري الإسرائيلي ألون بن دافيد، علّق قائلاً: "إطلاق النار هذه المرّة يبدو منظّماً أكثر من المرّات السابقة وهناك تردد في المؤسسة الأمنية العسكرية حول الرد، والجهد حالياً سيكون لعدم الوصول إلى مواجهة مع المقاومة".
موقع "والاه" نقل بدوره عن مسؤول إسرائيلي قوله إنه "في هذه الأثناء لا تُوجد نيّة بعقد المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، وهناك محاولة لإنهاء الحدث".
من جهته، كتب المحلل العسكري في صحيفة "معاريف" طال ليف رام أنّ "إسرائيل تتجه نحو عدم التصعيد على جبهة لبنان ورد حزب الله فاجأ جهاز الأمن كثيراً، كما أنه لم تكن هناك معلومات استخباراتية تُفيد بأن حزب الله يستعد لإطلاق قذائف صاروخية".
المُحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت رون بن يشاي، رأى أنّ "إسرائيل" لا يمكنها ضبط نفسها على إطلاق الصواريخ من قبل حزب الله، "فإما ضبط النفس أو رد ضعيف للجيش الإسرائيلي وهذا سيؤدي إلى قضم الردع ضد حزب الله".
وأضاف بن يشاي أنّ "الرد القوي يمكن أن يؤدي إلى تصعيد يستمر عدّة أيام ويمكن أن يُعطي للحزب عدّة إنجازات على مستوى الوعي".
وقال مراسل الشؤون العسكرية في إذاعة قوات الاحتلال الإسرائيلي دورون كدوش إنّ "الردع تآكل، الوضع يتطلّب ردّاً لاذعاً ضد حزب الله وإيران، لكن هذا لن يحصل إطلاقاً.. ننتظر مجلس الأمن، يا للعار".
تحليلات الاحتلال الإسرائيلي، تعبّر عن جهوزيّة المقاومة واستعدادها لردع أيّ عدوان إسرائيلي يستهدف الأراضي اللبنانية.
وهو ما عبّر عنه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بقوله للميادين إنه "على إسرائيل أن تفهم بأن عليها أن تبقى مردوعة، وإلا فنحن جاهزون للرد"، لافتاً إلى أن "ما فعله حزب الله هو رد على عدوان، كل العالم رأى هذا العدوان ولا يمكن أن نسكت عليه، أما هل يكبر هذا العدوان أم لا، فلنر الأيام القادمة".
وفي وقتٍ سابق من أيار/مايو الماضي، قال ألون بن دافيد وهو محلل عسكري في "القناة 13" الإسرائيلية: "نحن مرتدعون من حزب الله منذ نحو 15 عاماً. ولا مصلحة لإسرائيل في دخول قتال مع لبنان الآن، لأن أغلبية القوات النظامية ومنظومة الدفاع الجوي موجودة في الجنوب".
"إسرائيل" وإشغال حزب الله داخلياً
خلال السنوات الـ10 الأخيرة انتهجت "إسرائيل"، سياسة الإشغال الداخلي مع حزب الله وذلك عبر أدواتٍ أميركية في المنطقة، فيما بات أحد خيارات "إسرائيل" اليوم إعادةَ ضبط الوضع في لبنان مستغلة الوضع الاقتصادي المتأزم، وذلك خشية تعاظم دور حزب الله.
الأوساط الإسرائيلية، تتخوف من أن الأزمة اللبنانية من الممكن أن تمنح حزب الله دوراً أكبر داخل لبنان، فالسيد حسن نصر الله في تموز/ يوليو طرح خططاً لإيجاد بدائل في المحروقات والغذاء والدواء، وهذا سيساهم على توسيع نفوذ إيران في لبنان كون إيران هي الجهة التي ستؤمن البدائل.
وعن هذا الأمر قالت، "القناة 13" الإسرائيلية، إن السيد نصر الله "لديه حلّ للأزمة في لبنان، وهو جلبُ ناقلات ووقود وأموال من إيران. لذلك، هذا يجب أن يُقلق إسرائيل جداً.. الأمر مقلق جداً".
التوجّه الإسرائيلي الثاني بشأن تهديدات الأزمة اللبنانية تجاه كيان الاحتلال، هو احتمال نشوب حرب يخوضها الكيان ضد حزب الله، حيث نقل موقع "والاه" الإسرائيلي، في هذا الإطار، عن مصادر أمنية إسرائيلية، قولها إن سقوط لبنان يقرّب "إسرائيل" من الحرب.
فالتخوف الإسرائيلي في هذا الشأن ينبع من استمرار تطوير مشروع الصواريخ الدقيقة لحزب الله، والذي يهدّد الجبهة الداخلية الإسرائيلية بصورة عامة، ومنشآت استراتيجية إسرائيلية.
موقع "والاه" الإسرائيلي، أشار في تموز/يوليو، إلى أنّ "الترسانة تحتوي على صواريخ يتراوح مداها بين 15 و700 كيلومتر، وصواريخ مُجنّحة يصل مداها إلى 200 كيلومترات وطائرات بدون طيار قادرة على الوصول إلى مدى 400 كيلومتر".
هذا وترى أوساط إسرائيلية في المقابل، أنّ الأزمة اللبنانية فرصة لتحقيق ما عجزت عن تحقيقه الحروب والاعتداءات ضد لبنان، حيث تحاول إبعاد حزب الله عن مكانته المركزية في لبنان كقائد للمقاومة الشعبية.