جولة في الحولة.. وتدمير متكرر لقرى الكراد

تميزت قريتا كراد البقارة وكراد الغنامة الواقعتان جنوبي سهل الحولة عن غيرهما من القرى والبلدات الفلسطينية أن الاحتلال الصهيوني قام بتدميرهما أربع مرات بدءا من نكبة ١٩٤٨، ما لن تنل شرفه أية بلدة أو قرية أخرى. وقد نظمت "جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين" جولة في القريتين مع معمرين منهما، بمشاركة عشرات استمعوا إلى قصص التدمير والتهجير، وإلى الحياة الجميلة التي عاشتها القريتان قبل ذلك.
  • المجموعة على دروب العودة إلى قرى الكراد

قامت جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين بجولة تعليمية يوم الجمعة في قريتي كراد الغنامة، وكراد البقارة المهجرتين جنوبي سهل الحولة.

  • المعمر محمود عزايزة يتقدم المجموعة في طريق العودة للحولة

رافق الجولة مهجرون من القريتين، وقدموا شرحًا وافيًا عن تاريخهما قبل النكبة، وعن تهجيرهما المتكرر، المرة الأولى، خلال نكبة 48، لكن الأهالي عادوا بعد توقيع اتفاقية الهدنة في رودس عام 1949 بين الكيان الصهيوني وسوريا، لأن القريتين وقعتا ضمن المناطق المحرمة التي تشرف عليها الأمم المتحدة.

  • معاينة ما تبقى من ركام

إلا أن الاحتلال قام بتهجير القريتين للمرة الثانية عام 1951، ونقل أهاليهما بالعنف والقوة إلى قرية شعب في الجليل، وبلدات أخرى.

وبعد تدخل الأمم المتحدة عاد قسم كبير من أهالي القريتين إلى كراد الغنامة، وكراد البقارة، ليقوم الاحتلال بتهجيرهما للمرة الثالثة عام 1956 خلال العدوان الثلاثي على مصر.

  • المعمران يوسف قطيش -يمينا- ومحود عزايزة

لم يكتفِ العدو الاسرائيلي بتهجير أهالي القريتين لثلاث مرات، إذ قام خلال احتلاله الجولان السوري بتهجيرهما للمرة الرابعة من مناطق لجوء أهاليهما في الجولان إلى الداخل السوري، ليسكنوا مخيمات اللاجئين الفلسطينيين القريبة من دمشق.

رافق الجولة المعمر يوسف قطيش حجاج (104 أعوام) من كراد الغنامة، وقدم للمشاركين شروحا عن تاريخ القريتين، وذكر أنهما في الأصل عشيرة واحدة ذات أصول كردية، وكانت تدعى عشيرة الكراد، ولاحقًا بكراد الخيط، ثم انقسمت إلى قريتي كراد الغنامة، وكراد البقارة.

  • صلابة مهجر.. وصمود أشواك

وترجع التسمية إلى أن أهالي القرية الأولى كانوا يشتغلون برعاية الأغنام، وأهالي القرية الثانية كانوا يشتغلون برعاية البقر.

وشدد حجاج على أن أهالي القريتين رفضوا التنازل عن أراضيهم رغم العروض المتكررة بتبديلها، أو شرائها، ورغم ضرب، وتعذيب أهالي القريتين من قبل قوات جيش الاحتلال، وشرطته لإرغامهم على التنازل طوال السنوات الخمسين.

  • فوق ركام غرائز التدمير الصهيونية

كما تحدث في الجولة المعمر محمود عزايزة (84 عامًا) من كراد البقارة، وذكر أن القوات الإسرائيلية قامت بهدم بيوت القريتين أمام أعين أهاليهما خلال التهجير الثاني عام 1951، وكان جنود وضباط الاحتلال يتنكرون بزي قوات الأمم المتحدة، ويقومون بضرب أهالي القريتين في شعب حتى تسيل دماؤهم لإجبارهم على التنازل، أو مبادلة أراضيهم، إلا أن أحدًا لم يوافق على التنازل عن شبر واحد من الأرض.

وأشار عزايزة إلى أن أهالي القريتين حوصروا داخل "شعب"، ومنعوا من الخروج أو حتى من زيارة أهالي البلدات المحيطة لهم.

  • قطيش وناشط وبحث في الحولة

شارك في الجولة أيضًا سليمان خالدي من كراد الغنامة، وعاطف عزايزة من كراد البقارة، وهما أعدا أبحاثًا حول تاريخ القريتين.

وأشار خالدي أن تاريخ عشيرة الكراد يمتد إلى أكثر من ألف عام، ويعود إلى أيام صلاح الدين الأيوبي. وقد سميت بداية بكراد الخيط نسبة الى سهل الخيط، وكان تمتلك ما يقارب 25 ألف دونم.

 

  • الجولة في ظلال شجرة قديمة في المنطقة

وأشار إلى أن أهمية قضية البلدتين: كراد البقارة وكراد الغنامة، تكمن في أنها قضية عالمية حيث صدر قرار من الأمم المتحدة يقضي بوجوب عودة لاجئي القريتين، إضافة إلى اتفاقية الهدنة في رودس التي نصت على عودة أهالي القريتين إلى المناطق المحرمة التي شملت أراضي القريتين. لكن الاحتلال، وكعادته، ضرب بالقرارات الأممية، خصوصا قرارات الأمم المتحدة، بعرض الحائط في ظل صمت عالمي مريب.

كما قدم عاطف عزايزة خلفية تاريخية عن بدء الاستيطان اليهودي في فلسطين، ودور الانجليز في تهيئة الظروف للحركة الصهيونية، مشيرا إلى أن المجازر كانت إحدى آليات التهجير للقرى المجاورة أيضًا من خلال بث الرعب، فكما دير ياسين، ارتكبت مجزرة في الحسينية في سهل الحولة لحمل السكان على الخوف والهرب.

  • الجولة في استراحة على ضفاف الحاصباني القادم من الأراضي اللبنانية

وأشار (عاطف) عزايزة إلى أن تهجير القريتين يرتبط أيضًا بمشروع تجفيف الحولة، حيث أعطي الامتياز في حينه لعائلة سلام اللبنانية الذين باعوا الامتياز لشركة صهيونية.

وأشارت رنا عوايسة مركزة مشروع الجولات إلى أن: "جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين" تواصل التركيز على حالات التهجير ما بعد نكبة 48 المرتبطة بالمشروع الصهيوني الذي لم ولن يتوقف عند حدود 1948”.

  • لقطة للمجموعة بعد الاستراحة على ضفة الحاصباني

وقالت عوايسة إنه "تم تهجير قريتي كراد الغنامة وكراد البقارة في ذات العام الذي وقعت فيه مجزرة كفر قاسم، وكان ذلك جزءًا من مخطط أكبر لتكرار حالة الهلع والخوف التي رافقت مجزرة دير ياسين، وتهجير البلدات الفلسطينية خلال نكبة 48، وبالتالي تهجير من تبقى من فلسطينيين في الداخل".

 

المصدر: الميادين نت