شريان حيويّ جديد يربط لبنان وسوريا
بين معابر شرعية ومعابر غير شرعية، تعدَّدت الطرق بين سوريا ولبنان، والتي كان يربطها قبل الإعلان عن إنشاء المعبر الجديد "مطربة" 5 معابر رسمية.
"خمسة زائد واحد" ليست معادلة رياضية، ولا مجموعة الدول المعنية بالبحث في البرنامج النووي الإيراني، إنّما هي شرايين رئيسية تربط لبنان وسوريا، وتجمع الشعبين عوضاً عن السياسة التي فرقت البلدين.
ثمة معبر جديد يضاف إلى القائمة السابقة (5 معابر)، ويعيد وصل ما فرّقته السياسة، حاملاً معه آمال آلاف المواطنين اللبنانيين الذين انتظروا إعادة فتح الحدود مجدداً لزيارة سوريا؛ حدود فرضها الغرب أولاً، وثانياً أحداث أعادت فرض إغلاق المعابر بشكل متكرر، تارةً بحجة الحرب، وتارةً أخرى بحجة إجراءات احترازية بشأن فيروس كورونا.
ومع بدء تلاشي السبيين الأخيرين، أُعيد افتتاح المعابر بشكل تدريجيّ منذ وقت قريب، ليعاد معها الإعلان عن فتح معبر "مطربة" الحدودي الجديد بين سوريا ولبنان.
وقد أعلن وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني علي حمية في 17 آذار/مارس افتتاح المعبر، وقال خلال تصريح صحافي نُشر حينها إنَّ عدد المعابر الرسميّة بين سوريا ولبنان وصل إلى 6 معابر.
وأوضح الوزير اللبناني أنّ سكّان الهرمل كانوا يعانون كثيراً، وبشكل يومي، أثناء الذهاب إلى سوريا عبر معبري القاع والمصنع. وبالانتقال إلى مكان الافتتاح، أوضح مصدر خاص للميادين أنّ المعبر أنشئ في منطقة القصر في الهرمل، رابطاً بذلك المنطقة في لبنان مع ريف القصير في سوريا، لافتاً إلى أنّ الأمن العام اللبناني يقوم الآن بتركيب محطة إرسال، ويعمل على استكمال التجهيزات الضرورية للمعبر، ليكون جاهزاً قريباً.
وأشار المصدر إلى أنّ المعبر النّظامي القديم في بلدة القاع سيكون للنقليات فقط، ولعبور سيارات الشحن مستقبلاً، بينما سيكون هذا المعبر (مطربة) الذي سيفتتح رسمياً بعد الانتخابات اللبنانية في أيار/مايو أو مع بداية شهر حزيران/يونيو لكلّ الشعب، أي لكلّ من يريد العلاج أو زيارة أقاربه أو غيره، بينما سيتحول معبر القاع إلى معبر نقل ترانزيت فقط.
ومع إغلاق لبنان وسوريا المعابر الشرعية خلال الحرب وخلال أزمة كورونا، نشطت عمليات تهريب المواطنين الذين يريدون العبور إلى سوريا أو العكس، ولم يبقَ أمامهم إلا خيار وحيد، هو العبور من خلال المعابر غير الشرعية، إذ يعمل سكان المنطقة الحدودية مع العشائر المتواجدة هناك على تسهيل عبور أي كان، ولأي غرض، مقابل مبلغ مادي معين.
وقد سهلوا في وقت سابق نقل المخدرات والسلاح الخاص بهم، كما سهلوا مرور المواطنين اللبنانيين المطلوبين للدولة اللبنانية بجرائم مختلفة من لبنان إلى سوريا. وأوضح المصدر الذي زودنا بالمعلومات أنّ حزب الله ليس له علاقة بكل تلك المعابر غير الشرعية، وليس له علاقة بتلك التجاوزات التي يقوم بها سكان المناطق الحدودية، نافياً للميادين كلّ الاتهامات الباطلة التي توجه إلى الحزب دوماً، ومؤكّداً أنّ الحزب لديه معبر خاصّ لآلياته التي لن يُعلن عنها، ولن تكون مكشوفة لأحد.
وتعمل الدولة اللبنانية على الحد بشكل دائم من كل عمليات التهريب التي تتم عبر الحدود اللبنانية السورية، وخصوصاً "تهريب المخدرات" الذي يجري بكثافة، إذ أكَّد مصدر أمني لبناني للميادين أنّ الدولة اللبنانية اتخذت إجراءات من شأنها أن تضبط عملية التهريب وتكشفها، وقامت بتركيب آلة كبيرة للكشف عن المخدرات التي تهرّب في الفواكه عن طريق تقنية "المسح السكانر" للشاحنات في معبري المصنع والمعبر الجديد "مطربة"، لكنّ الآلة الكاشفة لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن. جاء ذلك بالتزامن مع إغلاق الجيش اللبناني كل المعابر غير الشرعية من المنطقة الممتدة من المصنع حتى جبل الشيخ، محكماً قبضته عليها.
وبين معابر شرعية ومعابر غير شرعية، تعدَّدت الطرق بين سوريا ولبنان، والتي كان يربطها قبل الإعلان عن إنشاء المعبر الجديد "مطربة" 5 معابر رسمية، أهمها معبر المصنع، ويسمى مركز جديدة يابوس الحدودي، وهو المنفذ الأساس بين سوريا ولبنان.
وثاني أهم معبر هو معبر الدبوسية الذي يربط بين قريتي العبودية في لبنان والدبوسية في سوريا. وقد افتتح في آب/أغسطس 2007، وهو عبارة عن معبر جسري، ويبلغ طول الجسر 45 متراً.
وثالث أهم معبر، والذي يقال إنه رئة لبنان، هو معبر جوسية الذي يقع في منطقة القصير. يعد هذا المعبر بوابة بين البقاع الشمالي اللبناني وريف حمص، إذ لا تفصله عن الأخير إلا مسافة 40 كلم، في مقابل 65 كلم من العبودية إلى حمص.
وفي ترتيب الإنشاء الزمني، يأتي معبر تلكخ، المعبر الأحدث، إذ تمَّ تشييده في منطقة البقيعة التي تبعد عدة كيلومترات عن الحدود، وهو يربط بين تلكلخ في سوريا ومنطقة وادي خالد في لبنان، ويربط أيضاً لبنان بمنطقة المشيرفة والقرى المحيطة بها في ريف حمص الغربي.
والمعبر الخامس والأخير هو معبر العريضة الذي يربط بين قريتي العريضة في لبنان وسوريا، رابطاً معه محافظتي طرابلس اللبنانية وطرطوس السورية، ومختزلاً طول المسافة المقطوعة من المعابر الأخرى إلى الساحل السوري، ومقلصاً الوقت من 5 ساعات إلى ساعتين فقط. ويشهد هذا المعبر حركة كثيفة لنقل البضائع ومرور الشاحنات المحملة بالفوسفات والرمل من سوريا إلى لبنان والعكس.
وكانت المعابر الخمسة السابقة تشهد حركة كثيفة للمواطنين من جهة، ولشحن البضائع من جهة أخرى، وحركة تجارية نشطة جداً قبيل الإعلان عن تخفيف الحركة النشطة لمواطني البلدين لأوّل مرة في العام 2014، والذي تمّ بشكل غير رسمي، وبطلب من وزير الداخلية اللبناني حينها نهاد المشنوق، والذي فرض تشديداً كبيراً على حركة دخول السوريين إلى لبنان لسنة كاملة.
وفي السنة التالية، أصبح الدخول والخروج إلى لبنان أكثر تنظيماً، وامتدت الإجراءات المطبقة حينها حتى ظهور فيروس كورونا وانتشاره، إذ أعلنت جميع البلدان إغلاق حدودها ومطاراتها.
وفي منتصف آذار/مارس 2020، أعلن المجلس اللبناني الأعلى للدفاع التعبئة العامة، واتخذ لبنان عدة إجراءات، كان من ضمنها إغلاق مطار بيروت الدولي والمعابر الشرعية بين سوريا ولبنان، وتشديد الإجراءات على المعابر غير الشرعية، ومنع الدخول إلى لبنان خلسة، والعكس.
واستمرّ إغلاق الحدود أكثر من عام، بالتزامن مع مطالبات كثيرة بفتحها أمام الأقارب وأمام من يريد العلاج في سوريا أو من يريد دواء منها، في ظلِّ إعلان لبنان عن نقص حاد في الأدوية، وخصوصاً أدوية الأمراض المزمنة، ليُستجاب للطلب بعد قرابة عامين على الإغلاق، إذ أعلنت الدولة اللبنانية عودة تدريجية للعبور بين لبنان وسوريا عبر نقطتي المصنع والعبودية، شرط أن يحمل الفرد شهادة تلقيح ضد الفيروس أو يجري فحص "كورونا" صالحاً لمدة 72 ساعة. كما سمح بزيادة عدد القطاعات التي ستنتقل بين لبنان وسوريا، على أن يُستثنى من هذه الإجراءات الدبلوماسيون والإعلاميون والتجار وكل من لديه عمل دوري ويتطلَّب التنقل باستمرار بين البلدين.